Published On 15/9/202515/9/2025
|آخر تحديث: 14:29 (توقيت مكة)آخر تحديث: 14:29 (توقيت مكة)
رغم التحذيرات المتكررة من كبار قادة الجيش والأجهزة الأمنية في إسرائيل، يواصل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الدفع نحو عملية برية واسعة داخل مدينة غزة، في خطوة يعتبرها محللون مقامرة قد تجرّ إسرائيل إلى كارثة سياسية وعسكرية يصعب الخروج منها.
عاموس هرئيل المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس" يرى أن الشخص الوحيد القادر على وقف هذا المسار هو الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لكنه لا يظهر حتى الآن اهتماما كافيا بما يجري، في حين تضيق النافذة الزمنية المتاحة لتدارك الموقف.
اقرأ أيضا
list of 2 items end of listوحسب هرئيل، يقف نتنياهو على أعتاب توسيع العملية البرية بشكل كبير، رغم معارضة شديدة من رئيس الأركان إيال زامير، ورئيس الموساد ديفيد برنيع، ومسؤولين في جهاز الأمن الداخلي (الشاباك).
وقد أوصى هؤلاء بالعودة إلى مسار صفقة الأسرى بدلا من تعميق القتال، لكن رئيس الوزراء اتخذ مسارا مختلفاً.
المرة الثالثة
ويشير المحلل العسكري إلى أن هذه المرة الثالثة التي يتجاهل فيها نتنياهو الموقف المهني للمؤسسة الأمنية، فقد نسف صفقة تبادل الأسرى التي أُبرمت في يناير/كانون الثاني الماضي قبل تسلم ترامب مهامه، ثم أصرّ على تنفيذ الهجوم الفاشل في قطر الأسبوع الماضي ضد قيادة حركة حماس الخارجية، والآن يدفع باتجاه اجتياح غزة.
ويضيف أنه في اجتماع ضيّق مع قادة الائتلاف نهاية الأسبوع الماضي، ظهر تحالف نتنياهو الواضح مع وزيري اليمين المتطرف إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.
وفي المقابل، كان وزير الخارجية جدعون ساعر الصوت الوحيد الذي حذّر من عواقب التوسع في العملية العسكرية بغزة، مذكّراً بالعزلة الدولية المتزايدة لإسرائيل ومخاطر تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع، بحسب هرئيل.
وقد اقترح رئيس الأركان بديلا يقوم على التفاوض لإطلاق سراح 10 أسرى أحياء ونصف جثث المحتجزين القتلى في مرحلة أولى، مقابل شهرين إضافيين من المباحثات على أمل استكمال الصفقة، حيث يرى أنه يمكن العودة إلى القتال لاحقا إذا فشلت المفاوضات، لكن بعد استنفاد البدائل السياسية.
إعلان
ولكن المحلل العسكري لهآرتس يقول إن الخطة التي يدفع بها نتنياهو تتضمن إدخال عشرات آلاف الجنود، معظمهم من الوحدات النظامية، إلى قلب غزة، حيث تنتظرهم معارك أنفاق وكمائن بين أنقاض المباني.
ويخشى زامير أن يتحول اجتياح مدينة غزة إلى ورطة طويلة يصعب إنهاؤها بسرعة.
غرق في غزة
المخاوف لا تقتصر على الجنود، بل تمتد إلى الأسرى الإسرائيليين في غزة. فبحسب التقديرات، هناك 20 أسيرا على الأقل أحياء داخل مناطق تعتزم إسرائيل السيطرة عليها، ويُعتقد أن حماس تعمدت نقل بعضهم إلى هذه المناطق لإعاقة أي اجتياح.
ويعبر هرئيل عن قلقه من أنه "بمجرد دخول القوات إلى مناطق جديدة داخل الأحياء المبنية، سيكون من الصعب وقف العملية سريعا، وسيجد الجنود أنفسهم غارقين في مواجهات مع خلايا حماس التي انتشرت وتتحصن في الأنفاق وبين أنقاض المباني".
ويحذر أيضا من احتمال إصابة الأسرى بنيران إسرائيلية خاطئة بسبب غياب معلومات دقيقة عن مواقعهم، أو حتى تعرضهم للإعدام من قبل حماس إذا وجدت نفسها تحت ضغط عسكري خانق.
كما يشير المحلل الإسرائيلي إلى أن مئات آلاف الفلسطينيين في غزة يواجهون مخاطر متزايدة مع استمرار القصف ومحاولات دفعهم إلى النزوح جنوباً. وتشير تقديرات الجيش إلى أن ربع السكان فقط غادروا، في حين تزداد الظروف قسوة في مناطق النزوح بسبب الاكتظاظ وغياب الخدمات الأساسية.
ورغم هذه التحديات، يلفت هرئيل إلى أن معظم وزراء الحكومة أظهروا لامبالاة لافتة، إذ خصصوا جزءاً من اجتماعهم الأخير للتحريض على المستشارة القضائية والاحتجاج على "عنف" المظاهرات ضدهم، في وقت كان المصاب الوحيد صحفيا مخضرما تعرض للضرب على يد الشرطة.
ويرى أن هذا السلوك يعكس انفصال الوزراء عن الواقع الميداني، وانشغالهم بأولويات انتخابية داخلية، مثل حضور مناسبات لحزب الليكود مع اقتراب عام الانتخابات، بدلاً من التركيز على مصير الجنود والأسرى.
كما يتطرق إلى الهجوم الفاشل في الدوحة الذي استهدف قيادات من المكتب الخارجي لحماس، ويقول إنه خلّف تداعيات إقليمية واسعة، حيث اصطفّت دول عربية إلى جانب قطر، واعتبرت العملية خرقاً لسيادتها. وفي الداخل الإسرائيلي، يزداد القلق من أن يتضرر دور الدوحة كوسيط رئيسي في مفاوضات الأسرى.
وينقل عن بعض المراقبين في إسرائيل أنهم يعتقدون أن نتنياهو أراد من الهجوم عرقلة أي إمكانية للتقدم في المفاوضات، وإظهار مسافة بينه وبين قطر بعد الكشف عن مزاعم علاقات مالية جمعت مستشاريه بالدوحة.
كارثة معقدة
ويؤكد المحلل العسكري أن التورط السياسي يسير جنبا إلى جنب مع المقامرة العسكرية، مما يزيد من حجم المخاطر التي تواجه إسرائيل داخليا وخارجيا، مشيرا إلى أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ناقش مع نتنياهو نية الحكومة ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة ردا على تحركات غربية متوقعة للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
ويشير في هذا السياق إلى أن دولة الإمارات حذرت من أن الخطوات الإسرائيلية باتجاه الضم ستؤدي إلى أزمة خطيرة قد تهدد اتفاقات أبراهام.
وفي ختام مقاله، يشدد هرئيل على أن نتنياهو والائتلاف الذي يقوده يجرّان إسرائيل إلى كارثة معقدة يصعب الخروج منها، ويرى أن الأمل الوحيد في وقف هذا المسار يبقى لدى الرئيس الأميركي باعتباره الزعيم الوحيد القادر على ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو.
إعلان
ويقول المحلل العسكري إن "مفتاح الخروج من هذا التشابك في يد ترامب، وقد تكون الفرصة الأخيرة. لقد حان الوقت لجره من سترته".
غير أنه يبدي تشككا في رغبة الرئيس الأميركي في ممارسة هذا الدور، مما يجعل فرص إنقاذ إسرائيل من أزمتها الحالية محدودة.
0 تعليق