Published On 18/9/202518/9/2025
|آخر تحديث: 17:30 (توقيت مكة)آخر تحديث: 17:30 (توقيت مكة)
انتقدت صحيفة الغارديان استمرار سيطرة الإعلاميين من الطبقتين الوسطى والعليا على وسائل الإعلام في بريطانيا، وفق دراسة أجرتها مؤسسة ساتون ترست، مما سيؤثر على مستوى التعبير عن كافة شرائح المجتمع، لا سيما من الطبقة الدنيا.
وحذر الكاتب في الصحيفة كارل كولينان، وهو مدير الأبحاث والسياسات في مؤسسة ساتون، من أن الخلفيات التعليمية لأكثر الأشخاص نفوذا في بريطانيا، ينبغي أن يدق ناقوس الخطر، موضحا أن نسبة عالية من الشخصيات البارزة في وسائل الإعلام البريطانية تنتمي إلى مدارس خاصة، في حين أن 7% فقط من السكان يلتحقون بمدارس خاصة على مستوى البلاد.
واستنتجت مؤسسة ساتون في تقريرها الأخير أن نصف كتاب الأعمدة في الصحف تلقوا تعليمهم في مدارس خاصة، إلى جانب 47% من المعلقين السياسيين و45% من كبار مقدمي البودكاست و38% من المديرين التنفيذيين في "بي بي سي"، في ارتفاع بمقدار 10 نقاط عن التقرير السابق في عام 2019.

لماذا يعدّ ذلك خطيرا؟
وأعرب كولينان عن شعوره بالإحباط إزاء هذه الإحصائيات، لافتا إلى أن أكثر من 40% من كُتّاب الأعمدة والمعلقين السياسيين درسوا في جامعتي أكسفورد وكامبريدج، وهي نسبة أعلى بكثير من بقية وسائل الإعلام، مذكرا بالتأثير الكبير لهذه الشخصيات على وجهات النظر التي يجري تبادلها يوميا، وتساعد في تشكيل الحوار الوطني، مضيفا أنها تلعب دورا حاسما في محاسبة الحكومة والجهات الأخرى، مستدركا "لكنها لا تزال تأتي من شريحة ضيقة جدا من المجتمع".
وينسحب الأمر على وسائل الإعلام الحديثة، وفق الكاتب، مشيرا إلى أن ظهور البودكاست لم يؤد إلى زيادة تنوع الأصوات، فالعديد من البودكاست الأكثر شعبية، مملوكة لكبار اللاعبين في مجال الإعلام، وتضم أصواتا مألوفة من وسائل الإعلام التقليدية.
دخول مجال الإعلام أصبح أصعب أكثر من أي وقت مضى، لمن ليس لديهم علاقات، أو فرص لإكمال خبرة عمل غير مدفوعة الأجر
ويلاحظ كولينان أن الذين يشغلون أعلى المناصب يصبحون أقل تمثيلا للبريطانيين العاديين، في حين وجدت أبحاث مكتب الاتصالات البريطاني "أوفكوم" أن الأشخاص من الفئات الاجتماعية والاقتصادية الدنيا أقل رضا عن "بي بي سي"، حيث يلقي البعض باللوم على عدم تمثيل حياة الطبقة العاملة العادية وانتشار الصور النمطية.
إعلان
ورغم أن المحررين في جميع وسائل الإعلام يدركون تماما الحاجة إلى عكس صورة الجمهور الذي يخدمونه، ومحاولات العديد من المؤسسات الإعلامية معالجة هذه التفاوتات الهيكلية وتقديم مخططات لتشجيع المزيد من التنوع، فإن هناك عوامل معاكسة خطيرة تحول دون إحداث تغيير واسع، وفق الكاتب.
ولفت كولينان إلى أن الصناعة تتغير بسرعة، مضيفا أن انهيار وسائل الإعلام المحلية وتضاؤل العناوين المتخصصة، تسبب بتضاؤل العديد من الوظائف التقليدية الأساسية.
وقال إن دخول مجال الإعلام أصبح أصعب أكثر من أي وقت مضى، لمن ليس لديهم علاقات، على سبيل المثال، أو فرص لإكمال خبرة عمل غير مدفوعة الأجر.
وأضاف "حتى بعد الدخول إلى هذا المجال، فإن الأمر غير مستقر، مما قد يثني الكثيرين ممن لا يملكون شبكة أمان مالي"، مشيرا إلى أن العقود طويلة الأجل أصبحت نادرة، كما صار من الصعب كسب رزق من العمل الحر.
" frameborder="0">
مواقع التواصل لم تحل المشكلة
وشدد الكاتب على أن معالجة هذه القضايا أمر صعب للغاية، ولكنه ضروري إذا أراد مجال الإعلام تطوير قنوات أكثر تمثيلا للمواهب في المستقبل. وفي غضون ذلك -يتابع كولينان- يجد جيل جديد من صانعي المحتوى والمؤثرين على الإنترنت جمهورا أكبر، لافتا إلى ظهور اختلافات من حيث التمثيل الطبقي مقارنة مع وسائل الإعلام الراسخة.
ووفق مؤسسة ساتون ترست، لم يلتحق سوى 18% من مجموعة الإعلام الاجتماعي، بمدارس خاصة، وبلغت نسبة أكبر بكثير (68%) من الملتحقين بمدارس حكومية شاملة، ولا شك أن ذلك يرجع إلى السهولة النسبية لإنشاء المحتوى من المنزل ومشاركته عبر منصات مثل "تيك توك" ويوتيوب وإنستغرام، حسب الكاتب.
ولكن من المحتمل أيضا أن الشباب الموهوبين الذين يطمحون إلى العمل في مجال الإعلام يختارون هذه المسارات باعتبارها خيارات أكثر سهولة وقابلية للتطبيق، حيث يجدون أن الأبواب التقليدية مغلقة أمامهم.
0 تعليق