Published On 18/9/202518/9/2025
|آخر تحديث: 18:36 (توقيت مكة)آخر تحديث: 18:36 (توقيت مكة)
اعتاد مغني الراب المصري أحمد علي المعروف بـ"ويجز" أن يتصدر قوائم الأكثر استماعًا ويحقق ملايين المشاهدات خلال أيام قليلة من طرح أعماله، وهو ما أهّله للتعاون مع نجوم البوب والانخراط بقوة في سوق الإعلانات والمجال التجاري.
غير أنّ ألبومه الجديد "عقارب"، الذي صدر في نهاية أغسطس/آب 2025، لم يحقق الزخم ذاته الذي صاحب انطلاقته الأولى، إذ ضمّ 11 مقطعًا طُرحت تقريبًا دفعة واحدة، من دون أن يحصد كل منها على حدة الأرقام المليونية المعتادة.
اقرأ أيضا
list of 2 items end of listيحتوي الألبوم على 4 تعاونات دولية: مع المصري زياد ظاظا، والنيجيري سايي فيبز، والجزائري سافاج بلَغ، وأخيرًا الفرنسي تايك. ويُصنف رسميا ضمن فئة البوب على متاجر الموسيقى، بمدة لا تتجاوز 34 دقيقة، وهو ما يعزز الانطباع بأنه منتج سريع أكثر منه عملا فنيا متكامل الملامح.
" frameborder="0">
أين يقف "عقارب" فنيا؟
رغم تنوّع الجنسيات واللهجات في الضيوف، هيمنت على "عقارب" صيغة "البوب-راب" ذات القوالب الأميركية وإيقاعاتها، مع موضوعات شخصية وذاتية مكرورة (الفخر بالذات/ التعالي على الخصوم/ سرد يوميات الشهرة). بالإضافة إلى أغنية "غريبة" التي تسرد تجربة ذاتية وجماعية، يقول فيها (الصبح بنشتكي من الزحمة، آخر الليل نشتكي من الوِحدة).
من بين أبرز "التراكات" (المقاطع) التي ركزت المنصات على الترويج لها: "ماما أفريكا" (بمشاركة سايي فيبز)، و"غيرل فريند" (بمشاركة تايك)، و"باي أولو ما ي أولو"، إضافة إلى الأغنية المنفردة التي سبقت صدور الألبوم "خسرت الشعب". وتعكس هذه الأعمال مجتمعة الميل الواضح نحو البوب اللحني على حساب خشونة "التراب" المحلي.
من الشوارع إلى اللافتات الإعلانية
انطلقت مسيرة "ويجز" عام 2019 من خلال تمازج فريد جمع بين التراب وملامح مصرية أصيلة، متأثرًا بلوني الشعبي والمهرجانات بلهجة قريبة من الشارع السكندري، وهو ما بدا واضحًا في مقاطعه الأولى مثل "دورك جاي" و"عفاريت الأسفلت".
إعلان
في تلك المرحلة كان "ويجز" يجرب كثيرًا، ويكسر القوالب، ويؤكد انتماءه لثقافة الشارع، أو كما عبّر بنفسه في أغنية "تي إن تي": "بصوتي بعمل فني الشارع". وقد أسهمت هذه المرحلة في ترسيخ صورته كرابر محلي بلمسة كوزموبوليتانية، وأسست لقاعدته الجماهيرية الأولى.
" frameborder="0">
بين عامي 2021 و2023، ازدادت شعبية ويجز مع أغنيته "البخت"؛ تلك الأغنية التي تصدّرت المشهد العربي وحصدت مئات الملايين من الاستماعات والمشاهدات.
كانت هذه المحطة أول مزج واضح بين الراب والموسيقى البوب، ودخلت قائمة بيلبورد العربية لأفضل 100 (حيث بلغت المركز الرابع عشر)، لتكرّس معادلة هجينة: رومانسية شعبية وحس تراب وكتابة قريبة من العامية اليومية معا.
بالتوازي، برز الجانب التجاري لويجز، إذ أصبح الصوت المفضل في الإعلانات وتترات الأعمال الدرامية. كما خاض تجارب في البوب/الدانس مثل أغنية "كيفي كده" مع ديسكو مصر، وهو ما يعكس اتساع نطاق جماهيريته وترسّخ نجوميته خارج إطار الراب الخالص.
بداية من عام 2024 واصل ويجز طرح أغان منفردة أكثر قربًا إلى روح البوب مثل "الوعد" و"الأيام" بالإضافة إلى أغنيات الإعلانات، وتصدر اللافتات الإعلانية في القاهرة، منها دعاية لشركتي جوالات وآخر لشركة خدمات الاتصالات، وطرح ألبوم "جدول الضرب" الذي لم ينل أي نصيب من الانتشار.
ثم جاء "عقارب" ليواصل في هذا الاتجاه: إنتاج محسوب، زمن تراكات قصير، وتفضيل البنية الغنائية الموسيقية، على حساب البنية الجمالية اللغوية التي تميّز، بهدف التداول السريع على المنصات. لتأتي النتيجة عملا لامعا صوتيًا لكن أقل فرادة سردية وموسيقية، مقارنة بمغامراته في البدايات.
" frameborder="0">
ماذا تغيّر في الكتابة واللحن؟
كانت الكلمات التي اعتاد ويجز كتابتها وغناءها نصوصًا تحكي عن صخب المدينة، وكفاحه للعيش، والتوتر الطبقي، وبالطبع مزاج جيله وطموحاته بجُمل قصيرة طازجة وسريعة وسرد جريء على إيقاعات تراب حادة.
أما اليوم في "عقارب" فتظهر غلبة واضحة لمفهوم "البراند" الشخصي؛ مع تكرارات ممجوجة في محاور الفخر والتفوّق، مع قدر أقل من الحكاية/المشهدية. حتى عندما يقترب من العاطفي، يميل إلى قوالب بوب معتادة لحنيا، بلا تلك الالتواءات الإيقاعية التي كانت تمثل روحه القديمة المعتادة.
على مستوى الألحان، اعتمد ويجز في بداياته على معادلة جريئة تمزج بين إيقاعات التراب وخطوط من الموسيقى الشرقية، مع لمسات من الشعبي والمهرجانات أحيانًا.
هذا المزج منح المنتجين مساحة واسعة لتجريب خامات صوتية متنوعة، وجعل من كل أغنية منفردة مثل "دورك جاي"، "عفاريت الأسفلت"، و"كيفي كده" تجربة مستقلة تحمل شخصية خاصة.
في المقابل، جاء ألبوم "عقارب" بصوت أكثر توحّدا وصقلا، يميل إلى البوب-راب العالمي؛ إذ بدت المعالجات الصوتية أنقى، لكن روح المغامرة الإيقاعية أقل حضورًا.
كما أن التعاونات الدولية (سايي فيبز/تايك/سافاج بلغ/زياد ظاظا) تعكس طموح الانتشار على نطاق عالمي أكثر مما تعكس رغبة في توسيع القاموس الموسيقي أو الاستمرار في خط التجريب السابق.
ألبوم أنيق لكن آمن
يبدو "عقارب" ألبومًا أنيقًا لكنه آمن، يستهدف إثبات الحضور التجاري ولا يوسّع الخيال الموسيقي. ويمثل انتقال ويجز من شخصية الرابر المشاغب إلى نجم "بوب-راب" إقليمي قادر على إدارة تعاونات عابرة للحدود وإنتاج منتج مصقول ولامع سريع التداول.
إعلان
لكنه في الوقت نفسه يقلّل من العناصر التي صنعت تفرد ويجز ووسّعت قاعدته الجماهيرية أصلا؛ وهي جرأة السرد، وتفرد الكلمات، وخلطة الشارع، والتلاعبات المفاجئة في الجُمل الموسيقية والإيقاعات.
ربما على ويجز النظر بعين جادة نحو خلطته المحلية القديمة (خطوط مزيج شعبي/مهرجانات/مقامات شرقية) داخل هيكل تراب/بوب عالمي، والجرأة على استخدام ألفاظ وصور مركبة في الكلمات مع تقليل الاعتماد على قاموس الفخر والحط من شأن المنافسين، ربما بهذه الخطوات سيتمكن من استعادة تفرّده لا مجرد حجمه في السوق العربي.
0 تعليق