طولكرم.. مخيم مهجور وأسواق متعثرة تحت وطأة اقتحامات الاحتلال - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

الضفة الغربية – على مدخل مخيم طولكرم شمالي الضفة الغربية، تنتشر محال تجارية قليلة سُمح لها بإعادة فتح أبوابها بعد شهور طويلة من الإغلاق المتواصل، نتيجة الاقتحامات العسكرية للاحتلال الإسرائيلي التي حوّلت المخيم إلى منطقة عسكرية مغلقة خالية من سكانها.

في الداخل، لا تزال الشوارع مقفرة، والأسواق مغلقة، والسكان نازحين موزعين بين مراكز الإيواء والمنازل المستأجرة، فمنذ الهجوم الإسرائيلي الواسع خلال الأشهر الماضية، وما رافقه من تدمير للبنية التحتية وتخريب للمنازل والمحال، يعيش المخيم حالة من الشلل التام.

يقول عبد الناصر طوير، وهو صاحب مرآب ميكانيكي عند مدخل مخيم طولكرم، في حديثه للجزيرة نت، إن إعادة فتح محله بعد فترة الإغلاق الطويلة لم تكن سهلة، إذ واجه واقعا من المضايقات العسكرية المستمرة بسبب الوجود الدائم لقوات الاحتلال.

وأشار إلى أن طبيعة عمله تعتمد على تصليح السيارات، خاصة سيارات فلسطينيي الداخل، لكن هذا العمل بات شبه مستحيل، فالجنود كثيرا ما يوقفون هذه السيارات، وأحيانا تتم مصادرتها أو إلقاؤها في مناطق بعيدة، وقد يُعتدى على أصحابها بالضرب، مما جعل الزبائن يتجنبون الوصول إلى المرآب، وبالتالي فقد معظم عملائه.

خسائر بلا تعويض

وأوضح طوير أن وجود الجيش عند مدخل المخيم بثّ الخوف في نفوس الزبائن، حتى أبناء المنطقة توقفوا عن المجيء، مما جعل الإقبال معدوما، وأضاف "فترة الإغلاق الطويلة تسببت بخسائر مالية كبيرة، وبعد أن حاولت العودة للعمل اصطدمت بالواقع نفسه، فاضطررت لإغلاق المحل مجددا بإرادتي"، وأكد أن المرآب هو مصدر رزقه الوحيد، ومع توقفه عن العمل لم يعد لديه أي دخل، وانعكس ذلك مباشرة على عائلته.

وقال "هذا المحل مصدر رزقي الوحيد، ومع إغلاقه لا يوجد بديل آخر"، وعند سؤاله عن وجود أي دعم أو متابعة من المؤسسات، أجاب "لا أحد يسأل عنا"، وأوضح أن أصحاب المحلات المجاورة تُركوا يواجهون مصيرهم وحدهم بلا تعويضات أو متابعة جدية.

إعلان

أما تسنيم سليط، الصحفية التي لجأ أجدادها من بلدة خبيزة قضاء حيفا، فتحمل وجعا مضاعفا، إذ نزحت مرتين من مخيم طولكرم. أجبرها الاحتلال في المرة الأولى على مغادرة بيتها داخل المخيم لتستأجر منزلا في محيطه، وبعد أن نقلت جميع أغراضها واستقرت مع عائلتها، جاء النزوح الثاني حين أخلت قوات الاحتلال المنازل المحيطة بالمخيم، وحوّلت منزلها إلى ثكنة عسكرية لا تزال قائمة حتى اليوم.

وتقول "إن تجربة النزوح لم تكن مجرد انتقال مكاني، بل اقتلاع قاسٍ من تفاصيل الحياة اليومية، وحرمان من أبسط مقومات الاستقرار".

وعن وضع المخيم، أوضحت سليط "المخيم ما يزال فارغا تماما، ولم يرجع إليه أحد من الأهالي. حتى الحارتان اللتان بقي فيهما سكان لفترة أطول، وهما حارة المطار وحارة الحدايدة، تم إخلاؤهما قبل أسبوع، وأصبح المخيم خاليا بشكل كامل".

وذكرت أن المحال التجارية داخل المخيم ما تزال مغلقة، في حين سُمح فقط لـ3 محال صغيرة عند المدخل الشمالي بإعادة فتح أبوابها، لكنها تواجه عراقيل متواصلة بسبب الحواجز الترابية التي وضعها الجيش أمامها، مما عاق وصول الزبائن.

وأوضحت أن أصحاب هذه المحال يعانون حتى اليوم، إذ يلاحقهم الجنود ويثيرون الخوف في نفوس المتسوقين، الأمر مما جعل الإقبال عليهم ضعيفا للغاية.

كما تحدثت سليط عن وضع المحلات بعد السماح بفتحها، مشيرة إلى أن بعضها كان بحاجة ماسة إلى إعادة تأهيل، فعلى سبيل المثال، أحد محال اللحوم كان ممتلئا بكميات من اللحوم الفاسدة التي تُركت داخل الثلاجات منذ بداية الاقتحامات، مما جعل المكان بحاجة إلى تنظيف وتعقيم شامل قبل استئناف العمل. أما المحلات الأخرى، فقد غطى الغبار والخراب بضائعها، ورغم أن الخسائر لم تكن كاملة، فإن الأضرار بدت واضحة في كل مكان.

اقتصاد مشلول

وعن الوضع الاقتصادي في طولكرم، قالت سليط إن الحياة التجارية في المدينة والمخيم تضررت بشكل شبه كامل، وأوضحت أن الحركة تبقى رهينة الاقتحامات المتكررة وأزمة الرواتب التي تزيد الأوضاع تعقيدا.

Israeli soldiers detain Palestinians during a raid following the reported explosion of an Israeli military vehicle near a checkpoint west of Tulkarem in the occupied West Bank on September 11, 2025
الحياة اليومية في مخيم طول كرم توقفت بشكل كامل نتيجة الحصار والهدم والوجود العسكري الدائم للاحتلال في المنطقة (الفرنسية)

وأضافت "رغم أن طولكرم ومخيمها كانا مركزا تجاريا ووجهة أساسية لأهالي القرى المحيطة وفلسطينيي الداخل، فإن كثيرين منهم لم يعودوا يجرؤون على التوجه إليها كما في السابق، بفعل انتشار قوات الاحتلال داخل المدينة والمخيم، ونشر الحواجز العسكرية والتضييقات، خاصة عند حاجز جبارة".

وأكدت أن هذا الواقع انعكس بصورة مباشرة على الاقتصاد المحلي وأدخل الأسواق في حالة من الركود الواضح.

ووفقا لإحصائيات محلية، فقد دمّر جيش الاحتلال وأحرق ما يقارب 300 محل تجاري في مخيمي طولكرم ونور شمس منذ بداية عملية "السور الحديدي"، مما تسبب في خسائر اقتصادية هائلة للتجار وأصحاب المحلات الصغيرة.

كما أظهرت بيانات وزارة الاقتصاد الوطني أن نحو 83% من المنشآت الاقتصادية في محافظة طولكرم توقفت عن العمل بشكل مؤقت أو دائم نتيجة الاقتحامات والحصار، مما جعل النشاط التجاري في المدينة والمخيم شبه مشلول، وفاقم من حالة الركود التي تعصف بالأسواق المحلية.

إعلان

0 تعليق