«الغارديان»
لماذا لا يمكن تجاهل بكاء طفل صغير، حتى لو لم يكن طفلنا؟ هذا السؤال تجيب عنه دراسة علمية حديثة كشفت أن صرخات الرضع، خاصة في حالات الألم الشديد، تثير استجابة عاطفية وجسدية فورية لدى كل من الرجال والنساء، تصل حد تغيّـر درجة حرارة الوجه.
توصل باحثون من جامعة «سانت إتيان» الفرنسية إلى أن صرخات الأطفال الناجمة عن الألم، ليست مجرد أصوات مزعجة، بل تحمل بداخلها إشارات صوتية «خشنة» تصيب السامعين في أعماقهم، وتدفع أجسامهم للاستجابة دون وعي.
وأظهرت الدراسة، التي نشرت في مجلة «ذا رويال سوسايتي إنترفيس»، أن بكاء الرضيع الذي يحتوي على ما يعرف بـ«الظواهر غير الخطية»، وهي اهتزازات صوتية فوضوية تحدث عند بكاء الطفل في حالة ألم شديد، يؤدي إلى زيادة تدفق الدم إلى وجوه البالغين، ما يرفع درجة حرارة الجلد بشكل يمكن قياسه باستخدام الكاميرات الحرارية.
الدراسة أجريت على متطوعين من الجنسين لا يملكون خبرة مسبقة في رعاية الأطفال، واستخدمت تسجيلات متنوعة لبكاء رضع في حالات تتراوح بين الانزعاج الخفيف، مثلما يحدث للبعض وقت الاستحمام، إلى الألم الشديد مثل وخز الإبرة أثناء التطعيم.
المثير أن الباحثين لم يجدوا فرقاً يذكر بين استجابات الرجال والنساء. كلاهما أبدى ردود فعل عاطفية وجسدية متقاربة، ما يشير إلى أن التفاعل مع بكاء الطفل استجابة إنسانية عامة، وليست مرتبطة بنوع الجنس كما كان يعتقد.
وقال د. نيكولاس ماثيفون، الباحث الرئيس في الدراسة، إن «الاستجابة العاطفية تعتمد على خشونة الصوت، وهي سمة صوتية تشفر مستوى الألم. يبدو أن البشر مبرمجون فسيولوجياً للاستجابة لبكاء الطفل عندما يعبر عن ألم حقيقي».
تأتي هذه النتائج في وقت يتزايد فيه الجدل العلمي حول ما إذا كانت النساء مجهزات بيولوجياً أكثر، للاستجابة لبكاء الأطفال، ففي دراسة دنماركية نشرت مؤخراً، وجد الباحثون أن الرجال يكونون في الواقع أكثر عرضة للاستيقاظ، بسبب بكاء الرضيع، حتى وإن كانت الأمهات أكثر قابلية للنهوض والقيام بالرعاية.
وترى د. كريستين بارسونز، التي شاركت في الدراسة الدنماركية، أن العوامل الاجتماعية مثل إجازة الأمومة، أو دور الأم في الرضاعة، تفسر الفروق في السلوك وليس في الفطرة أو الاستعداد البيولوجي.
0 تعليق