لم يكن لقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في الدوحة حدثاً بروتوكولياً على هامش القمة العربية-الإسلامية الطارئة، بل خطوة مدروسة تعكس تصميم الرياض على لعب دور قائد في صياغة مستقبل المنطقة، وبعد ساعات فقط، جاء استقبال ولي العهد لعلي لاريجاني، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، في قصر اليمامة بالرياض اليوم ليؤكد أن الحوار مع طهران مسار إستراتيجي تُصر السعودية على قيادته ضمن معادلة توازن إقليمي جديدة.
السعودية.. مركز الثقل الإسلامي والعربي:
هذه التحركات المتزامنة تكشف عن إدراك سعودي عميق أن الخليج والعالم العربي بحاجة إلى رؤية موحدة لحماية أمنه القومي. الرياض تنطلق من كونها مركز الثقل السياسي والاقتصادي والإسلامي، بما يمنحها الشرعية لتكون منصة اللقاء والتفاوض، وصاحبة الكلمة الفصل في أي تسوية تسعى لإبعاد شبح الحروب عن الشرق الأوسط.الدبلوماسية السعودية:
النهج الذي يقوده ولي العهد يقوم على دبلوماسية صارمة تمزج بين الانفتاح والردع، فالحوار مع طهران لا يعني تقديم تنازلات، بل إعادة ضبط قواعد اللعبة: لا مكان لتهديد الملاحة، ولا مجال لتجاوز سيادة الدول، ولا قبول لبرنامج نووي يهدد استقرار الإقليم، هذه الرسائل تُرسل بهدوء، لكن بصرامة، من خلال القمم الثنائية ومن خلال اللقاءات المباشرة مع صناع القرار الإيراني.الذاكرة القريبة:
لا يمكن قراءة هذا المسار بمعزل عن زيارة وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان إلى طهران قبل أشهر، التي مهدت الأرضية للحوار المباشر، تلك الزيارة عكست أن الرياض تتحرك بخطوات محسوبة، تبني جسوراً عند الحاجة، وتغلق المنافذ عند الضرورة.التحديات القادمة:
رغم أجواء الانفراج، تبقى الملفات شائكة مثل الوضع الأمني في الخليج واليمن، مستقبل البرنامج النووي الإيراني، توازن النفوذ الإقليمي في العراق ولبنان وسورية.هذه التحديات تقودها الدبلوماسية السعودية، لكنها في الوقت ذاته تُبرز حاجة المنطقة إلى قيادة موثوقة مثل الرياض قادرة على ضبط الإيقاع كقائد موثوق يسعى إلى شرق أوسط خالٍ من الحروب، شرق أوسط يوازن بين المصالح ويكبح التدخلات، وولي العهد، من خلال تحركاته السريعة بين الدوحة والرياض، يُعيد تأكيد أن الرياض منصة حلول، وأن الدبلوماسية الصارمة هي الطريق الوحيد لتحقيق استقرار طويل الأمد.
أخبار ذات صلة
0 تعليق