إجازة «مرافق المريض» - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
أكد المختص في الموارد البشرية هشام السليماني لـ«عكاظ»، أن فقرة إجازة مرافق المريض تُعامل حسب المادة 147 من اللائحة التنفيذية لنظام الموارد البشرية السعودي، إذ أقرت المادة بأن للموظف استحقاق إجازة المرافق من رصيد إجازاته السنوية للمرافقة حتى الدرجة الثالثة من القرابة، ويشترط أن يكون هو المُعيل له شرعاً، مع وجود تقرير طبي يفيد بضرورة وجود مرافق مع المريض. وعند وجود التسبيب القانوني الصحيح لها وفق ما ذُكر فيجب على المنشأة الموافقة عليها دون تأخير أو تردد.

وحول سبب اقتطاع أيام المرافقة من الرصيد السنوي للموظف الحكومي رغم أنها تمنح لظرف إنساني، قال السليماني: «غياب الموظفين لا شك يؤثر على واجبه مهما كانت مهمة أو عمل ذلك الموظف. وكلنا نعمل لقاء أجر مالي نتقاضاه، فمن الواجب علينا تأدية الأمانة كما هي، فالنظام كفل للموظف عدداً معيناً من الأيام سنوياً؛ وهي تعادل شهراً كاملاً؛ أي أن الموظف يعمل لمدة أحد عشر شهراً ويتقاضى راتب اثني عشر، وهناك ضرورات حتمية تطرأ على الإنسان لابد له من أن يتنازل عن جزء من رفاهيته، فهو يتنازل هنا بكل رحابة صدر لكي يعالج أحد أفراد أسرته ومرض المعالين ليس أولويات المنشآت، ولكن بما أنه أولوية للموظف، فالمشرّع أعطى له الحق فيها شريطة أن يكون من رصيده الشخصي، فالمصلحة العامة ليست مقرونة بمصلحة شخص بعينه».

السليماني: المادة 147 تكفل الحق في الإجازة بضوابط محددة

وعن سبب عدم معاملة إجازة المرافق معاملة (الإجازة المرضية) كونها تتعلق بظرف صحي، أوضح السليماني، أنه يجب عدم الخلط بين مرض الموظف نفسه وبين مرض أحد أفراد أسرته، فلكلٍ منهما آلية قانونية والنظام كفل للموظف إجازة سنوية مدفوعة الأجر ومقدارها شهر، وكفل ثلاثة أشهر إضافية لمرضه بأجر كامل، وفي نظام إجازة المرافقة أعطى تلك الأشهر الأربعة كاملة للموظف بالنظر لحساسية القربى، ولكن هل المنشأة تستطيع الاستغناء عن الموظف لأكثر من ثلث السنة مع دفع استحقاقاته المالية كاملة؟

وبشأن وجود نية لمراجعة التنظيم لتُفصل الإجازة عن الرصيد السنوي وتُحتسب كإجازة خاصة أو استثنائية، قال السليماني: «إن التشريع في الأنظمة السعودية راعى جميع الجوانب؛ سواء الشخصية أو العملية بما يتناسب مع الأفراد أو المنشآت، فلا يجوز اقتطاع شيء زائد لطرف على حساب الطرف الآخر، والقانون يكفل العدالة لطرفيّ المعادلة (الفرد والمنشأة) بحد سواء، بل مع مراعاة للفرد بشكل أكبر».

وحول الموظفين الذين يرون أن خصم إجازة المرافق من الرصيد السنوي فيه إجحاف، قال السليماني: إن العمل هو ما يوفر لك ولمُعاليك العيش والرفاهية، واختتم السليماني حديثه باستعراض النص القانوني لنظام إجازة المرافق واشتراطاته، «فمن يُسمح لهم بإجازة مرافقة المريض الأم إذا رغبت في مرافقة طفلها الذي لا يتجاوز عمره اثني عشر عاماً، وأن يكون المريض؛ زوجة الموظف أو زوج الموظفة أو أحد أقاربه إلى الدرجة الثالثة، ويجوز للوزير المختص الإعفاء من هذا الشرط في الحالات التي يضطر فيها الموظف إلى مرافقة أحد أقربائه من غير تلك الدرجات، ولمن يعالج في الداخل يشترط أن يقرر مدير المستشفى وأحد أطبائه ضرورة وجود مرافق للمريض والمدد المقررة للعلاج».

ولمن يعالج في الخارج يشترط أن تقرر الهيئة الطبية العامة حاجة المريض للمرافق، ويكون الموظف محرماً شرعياً لمريضة تعالج في الخارج، أو في بلد غير التي تقيم بها في الداخل.

وتُحسب إجازة المرافقة من رصيد الإجازات العادية إن وجد، فإذا لم يوجد رصيد أو زادت المدة اللازمة للمرافقة على ما يستحقه من الإجازات العادية، فيُسمح له بالغياب ويُعامل عن المدة الزائدة وفقاً للإجازات المرضية.

لا نصّ مستقلاً لإجازة المرافق

أكد القانوني خالد البابطين لـ«عكاظ»، أن إجازة المرافق في النظام السعودي تُحتسب ضمن رصيد الإجازات الاعتيادية للموظف، إذ لا يوجد نص نظامي مستقل يمنحها كإجازة منفصلة، مشيراً إلى أن لائحة الإجازات الصادرة عن وزارة الموارد البشرية هي الأساس النظامي المعمول به حالياً.

وأوضح أن النظام يمنح الموظف 36 يوماً سنوياً كإجازة اعتيادية يمكن استخدامها لأي غرض، بما في ذلك المرافقة، إلا أن المرافقة لا تُعامل كإجازة مرضية؛ لكونها لا تتعلق بمرض الموظف نفسه، وإنما بمرافقته لقريب، وهو ما يجعلها خارج نطاق الإجازات المرضية النظامية.

وبيّن أن «هناك دعوات متزايدة لمراجعة التنظيم الحالي وفصل إجازة المرافق عن الإجازة الاعتيادية، أسوةً ببعض الأنظمة الخليجية والدولية التي خصصت إجازة مستقلة للمرافقة في الحالات الإنسانية أو الطارئة»، لافتاً إلى أن أي تعديل محتمل مستقبلاً قد يُربط بتقارير طبية معتمدة وبموافقة الجهات المختصة لضمان التوازن بين مصلحة العمل وحقوق الموظفين.

وأضاف البابطين بأنه من منظور العدالة الوظيفية، يمكن تفهّم الاعتراضات على خصم إجازة المرافق من الرصيد السنوي؛ لأنها في العادة تُمنح في ظروف نفسية ومالية صعبة للموظف، إلا أن الوضع النظامي الحالي يجعل الجهات الإدارية في موقع قانوني أقوى، ما لم يتم تعديل اللوائح لإقرار هذا النوع من الإجازات كحق مستقل.

الاستفادة

من الإجازة المرضية

المختص في الموارد الدكتور خالد رشاد خياط أكد لـ«عكاظ» أن النظام لا يتضمن نصاً يمنح إجازة مستقلة تحت مسمى «إجازة مرافقة».

وبيّن أن نظام العمل يتيح للموظف الاستفادة من الإجازة المرضية بحد أقصى 120 يوماً في السنة التعاقدية، موزعة على النحو التالي: 30 يوماً بأجر كامل، و60 يوماً بثلاثة أرباع الأجر، و30 يوماً دون أجر.

وأشار إلى أن «إجازة المرافقة في القطاع الخاص تُعالج غالباً وفق ما يقرره صاحب العمل أو ضمن الإجازة السنوية المقررة، نظراً لعدم وجود نص قانوني مستقل ينظمها».

العدالة في بيئة العمل

أكدت المستشارة الأسرية والاجتماعية دعاء زهران لـ«عكاظ» أهمية مراعاة الجانب الإنساني والنفسي للموظفين عند التعامل مع إجازات مرافقة المريض، مشددةً على ضرورة إيجاد توازن يحفظ حقوق الموظف المتميز دون الإضرار بسير العمل أو مكافأة الموظف كثير الأعذار قليل الإنجاز.

وأوضحت زهران أن «احتساب هذه الإجازات يجب أن يستند إلى أداء الموظف والتزامه وإنتاجيته»، مبينةً أنّ مسؤولية إدارة هذه الحالات تقع على عاتق المدير الذي يتوجب عليه التعامل معها بمرونة وعدالة، وفقاً لظروف العمل واحتياجاته.

وأضافت: إن الإجازة السنوية حق مكتسب للموظف غالباً ما يقضيها للراحة أو السفر، بينما مرافقة المريض تُعد ظرفاً طارئاً يتطلب تعاملاً مختلفاً، مع إمكانية تعويض المهمات عن بُعد أو خلال أوقات إضافية لتفادي أي خلل في سير العمل.

وأشارت زهران إلى أن الموظف المتميز في أدائه يستحق دعماً خاصاً في حالات الطوارئ، في حين تُحتسب الإجازات للموظف كثير الغياب من رصيده السنوي، مؤكدة أن الأمانة الوظيفية والالتزام هما المعياران الرئيسيان في منح المرونة أو التشديد.

واستشهدت زهران بما تواجهه الموظفات من ظروف استثنائية؛ كالحمل والولادة ومرافقة الأبناء، مؤكدة أهمية التفريق بين من ينجزن مهماتهن رغم هذه الظروف، وبين من يؤثر غيابهن على سير العمل، بما يحقق العدالة للجميع ويحافظ على مصلحة المؤسسة والموظفين في آن واحد.

كثرة المتغيرات وسرعة التطور

وقالت الأخصائية الاجتماعية وخبيرة جودة الحياة سما المزيني لـ«عكاظ»: في بيئة العمل المعاصرة التي تتسم بكثرة المتغيرات وسرعة التطور، أصبح من الضروري إيجاد توازن عادل بين حقوق الموظف وضمان جودة حياته من جهة، وبين استمرارية المنشأة واستقرارها التشغيلي والمالي من جهة أخرى، فكل طرف له حقوق وواجبات ينبغي إدراكها واحترامها.

فالموظف قد يمر بظروف إنسانية أو صحية طارئة، وهو أمر مُقدّر في مجتمعنا الإسلامي القائم على التكافل، لكن في المقابل تتحمل المنشأة مسؤوليات كبيرة في توفير بيئة عمل وأجر منتظم والتزامات تشغيلية ومالية، ما يجعل إدارة الغياب الطويل أو الطارئ مسألة تحتاج إلى مرونة ووعي متبادل.

وأشارت المزيني إلى أن «القوانين السعودية راعت هذا التوازن ووضعت ضوابط تحقق العدالة»، مؤكدةً أهمية نشر ثقافة الوعي المالي والمرونة في إدارة الأزمات لدى الأفراد، «حين يدرك الموظف حجم التحديات التشغيلية والمالية للمنشأة، تتعزز ثقافة التقدير المتبادل وتقل النظرة العاطفية الضيقة».

وختمت المزيني حديثها بالتأكيد على أن جودة الحياة الحقيقية تبدأ من وعي داخلي يوازن بين الحقوق والواجبات، مضيفة: «لسنا أمام قسوة من جهة العمل، بل أمام دعوة لفهم أعمق للواقع، والبحث عن حلول عملية تحفظ كرامة الإنسان واستقرار المؤسسات في آن واحد».

مراجعة تنظيم الإجازة

الإعلامية منال صالح تقدّر لـ«عكاظ» أنّ إجازة المرافقة تمثّل حاجة إنسانية وضرورة اجتماعية للموظفين الذين يمرون بظروف صحية طارئة تخص أسرهم، لكن خصمها من الرصيد السنوي يُفقد الموظف حقه في الحصول على إجازة للراحة والترفيه بعد عام كامل من العمل. وأضافت: «ندرك أهمية استمرارية المنشآت وحقوقها التشغيلية، لكننا نأمل أن تتم مراجعة التنظيم الحالي لإيجاد صيغة أكثر مرونة تحقق العدالة وتراعي هذه الحالات الإنسانية».

أصوات الموظفين

في المقابل، عبّر عدد من الموظفين عن آرائهم في هذا التنظيم، وقالت نورة الحربي: إن خصم إجازة المرافق من الرصيد السنوي يُفقد الموظف حقه في الترفيه عن نفسه بعد عام كامل من العمل، فالمرافقة ظرف إنساني يجب أن يُعامل باستقلالية.

أما سامي عبده فقال: «إن هذا الإجراء يشكل عبئاً إضافياً على الأسر التي تضطر لمرافقة أطفالها أو والديها للعلاج»، داعياً إلى استحداث إجازة مستقلة للمرافقة تراعي الحالات الطارئة.

أما الموظف فهد العتيبي، فأوضح أن التنظيم الحالي يحقق التوازن بين مصلحة العمل وحق الموظف، لكنه شدد على ضرورة زيادة التوعية بالنظام لتفادي سوء الفهم الذي يثير الجدل بين الموظفين.

أخبار ذات صلة

 

0 تعليق