أكد تقرير صادر عن وكالة «إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية»، أن القروض الاستهلاكية في دولة الإمارات تشهد توسعاً متسارعاً. وهذا يعكس النشاط الاقتصادي القوي، وحركة التوظيف القوية، وارتفاع عدد السكان، حيث إننا نتوقع استمرار هذه الاتجاهات على مدى العامين المقبلين. ونتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 4.1% في المتوسط في الفترة الممتدة بين عامي 2025 و2027، بدعم أساسي من الأنشطة غير النفطية.
قالت الوكالة في تقريرها، إن دولة الإمارات شهدت أداءً اقتصادياً قوياً على مدى السنوات الأربع الماضية. وجاء ذلك بفضل نمو القطاعين النفطي وغير النفطي التطويرات المهمة التي أجريت على تأشيرات الإقامة من خلال إتاحة الحصول على تأشيرات إقامة طويلة الأجل غير مرتبطة بعقود عمل. ونتيجة لذلك، شهد عدد السكان نمواً كبيراً، حيث وصل إلى 11.3 مليون نسمة في عام 2024 من 9.6 مليون نسمة في عام 2021. وأسهم ذلك في زيادة الطلب على القروض الاستهلاكية، بما في ذلك الرهن العقاري والقروض الشخصية وقروض السيارات وبطاقات الائتمان. كما أسهم التبني السريع لمنصات الإقراض الرقمية، وتقليص مدة إنجاز المعاملات، في تعزيز النمو.
إجمالي القروض الاستهلاكية
وبلغ إجمالي القروض الاستهلاكية في الدولة 540.9 مليار درهم، كما في يونيو 2025، وهذا يمثل زيادة كبيرة بنسبة 55% مقارنةً بمستويات نهاية 2021، أو بمعدل نمو سنوي متوسط قدره 13.6%. ويمثل هذا أكثر من 2.5 مرة من النمو الإجمالي للإقراض المصرفي الذي بلغ 5.1% سنوياً خلال الفترة نفسها. وفي عامي 2025 و2026، نتوقع أن يستمر نمو القروض الاستهلاكية بنسبة تراوح بين 10% و12% سنوياً. وسيدعم الخفض الإضافي المحتمل لأسعار الفائدة هذا النمو أيضاً. ونتوقع أن يُقْدِم مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على إجراء خفضين إضافيين لأسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس قبل نهاية هذا العام وخفضٍ آخر بمقدار 50 نقطة أساس في عام 2026. وسيحذو البنك المركزي الإماراتي حذوه للحفاظ على ربط سعر الصرف بين الدولار الأمريكي والدرهم الإماراتي.
ارتفعت مديونية الأسر كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 25.4% في عام 2024 من 20.7% في عام 2022. وباحتساب القروض الاستهلاكية لأغراض الأعمال وصل الرقم إلى 29.7% في عام 2024، وهو لا يزال أقل من المستويات في الأسواق الناشئة المماثلة. على سبيل المثال، وصلت هذه النسبة إلى 34% في السعودية، و84% في ماليزيا، و34% في البرازيل في التاريخ نفسه.
ويظل معدل الاستدانة لدى الأسر منخفضاً إلى حد ما في دولة الإمارات، مع الأخذ في الاعتبار قدرتها على استيعاب الديون، وهي أعلى بكثير من قدرة نظيراتها. وبلغت حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الإمارات 48 ألف دولار، مقابل 16 ألف دولار في المتوسط في دول أخرى، بنهاية عام 2024. كما أن العدد الكبير لعمال البناء العاملين في الدولة، غير المؤهلين للحصول على قروض مصرفية، يؤثر في دقة هذا الرقم. واستبعاد هؤلاء سيؤثر في النتيجة، وستكون القدرة على استيعاب الديون أعلى، مقارنةً بما تشير إليه حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.
ارتفاع القروض
ويعد الإقراض للشركات في دولة الإمارات أعلى بكثير من الإقراض الاستهلاكي. ومثلت القروض الاستهلاكية نحو 27% من إجمالي الإقراض، كما في 30 يونيو 2025. وعادةً ما تكون القروض الاستهلاكية مدعومة بتحويلات الرواتب، ما يتيح للبنوك الوصول المباشر إلى مصدر إيرادات المقترض. كما ألزم البنك المركزي الاتحاد للمعلومات الائتمانية بتقديم تقارير شاملة. وتعمل الاتحاد للمعلومات الائتمانية على جمع معلومات مفصلة حول سلوك السداد لدى المقترضين، بما في ذلك المدفوعات الفائتة على بطاقات الائتمان والقروض الشخصية وفواتير الخدمات ومدفوعات خدمات الجوال لاحقة الدفع. ويعمل هذا الإطار على تعزيز قدرة البنوك على تقييم وإدارة المخاطر المرتبطة بالإقراض للأفراد، حيث ينعكس أي تأخير أو تخلف عن السداد في التقييم الائتماني للمقترضين.
وتحسنت القروض المتعثرة لأكبر 10 بنوك إلى 3.0% من محافظ قروضها، كما في نهاية يونيو 2025، بعد أن بلغت ذروتها 6.1% في نهاية عام 2020. وخلال الفترة ذاتها، انخفضت تكلفة المخاطرة إلى 40 نقطة أساس من 169 نقطة أساس. ونتوقع أن تظل القروض المتعثرة مستقرة إلى حد كبير بفضل البيئة الاقتصادية الداعمة.
مخصصات احترازية
المخاطر التي تواجه البنوك في دولة الإمارات قابلة للإدارة، وأن القطاع المصرفي في وضع جيد لاستيعاب أي زيادات محتملة في حالات التخلف عن سداد القروض الاستهلاكية.
وتعد البنوك رابحة في دولة الإمارات. ونتوقع أن يظل العائد على الأصول عند مستوى يتراوح بين 2.0% و2.1% خلال الأشهر 12-24 المقبلة، وهو ما سيستمر في دعم قدرة البنوك على استيعاب الخسائر. إضافة إلى ذلك، استخدمت البنوك أيضاً ربحيتها المرتفعة على مدى السنوات الثلاث الماضية لتكوين مخصصات احترازية، ما أدى إلى تجاوز نسبة تغطية المخصصات 100% كما في يونيو 2025. ونتوقع أن يؤدي تطبيق المعايير الجديدة لإدارة مخاطر الائتمان في أواخر العام الماضي إلى تعزيز تغطية المخصصات أكثر.
0 تعليق