الأكثر إلهاماً في هذا اللقاء هو كيف تعامل معاليه مع المشاكل المطروحة. لم يقدم وعوداً فضفاضة أو ردوداً دبلوماسية تقليدية، بل أظهر فهماً استباقياً وشاملاً للتحديات، وكشف عن وجود إستراتيجيات وخطط فعلية للتعامل معها، وحرص شديد من معاليه على رفع الاقتراحات للجهات المعنية. هذا النهج لا يطمئن الحاضرين فحسب، بل يرسل رسالة قوية إلى المجتمع بأسره مفادها أن القيادة تعمل ولا تنتظر، وتخطط ولا ترقع. إضافة إلى ذلك، فإن شرح رؤية القيادة وأهدافها بوضوح من قبل أمين العاصمة يخلق تماسكاً مجتمعياً حول أهداف الوطن، ويحوّل الجميع إلى فاعلين في رحلة التنمية. وقد أكد الأمين أن مكة المكرمة في قمة اهتمامات القيادة العليا وأن سمو ولي العهد يعتبر مكة أولوية قصوى تحظى باهتمامه الشخصي. والحقيقة أن ما يجري على الأرض يكشف عن التطوّر الهائل في أم القرى.
إن هذا اللقاء يدل على مدى الوعي والرغبة في التفاعل الإيجابي بين المواطن والمسؤول، بما ينعكس على العمل ويوصل الصورة للجهات المعنية التي تتقبّل بكل سعة صدر الرأي الآخر لما فيه من مصلحة لهذه البلاد. هذا النوع من اللقاءات يحقق الاستفادة من الخبرة والتجربة حيث لا تغني التقارير والدراسات التي تقدّم للمسؤول عن هذه اللقاءات التي تعكس رؤية عملية من أرض الواقع. هذه اللقاءات ليست مجرد فعالية (بروتوكول) أو شكلية، بل هي آلية حيوية للعمل التشاركي الفعّال. عندما يجلس صانع القرار مع من يملكون المعرفة (الدكاترة)، والرؤية الاقتصادية (رجال الأعمال)، والخبرة التطبيقية (المختصون)، فإن النتيجة هي قرارات أكثر حكمة، وسياسات أكثر واقعية، واقتصاد أكثر قوة، ومجتمع أكثر تماسكاً.
نعم اللقاء الذي جمع معالي الأمين الأستاذ مساعد الداود بنخبة مثقفة ومتخصصة من أبناء مكة المكرمة نموذج ملهم للحوكمة التشاركية الحديثة، حيث يتجاوز مفهوم الحوار من كونه مجرد تبادل للرأي إلى كونه منصة إستراتيجية للتخطيط المشترك وبناء الرؤى. لم يكن هذا اللقاء حدثاً عابراً، بل كان تجسيداً حياً لرؤية قيادية تؤمن بأن صناعة المستقبل لا تكون بمعزل عن أهل الاختصاص والرأي، مما يعكس عمقاً في الفكر الإستراتيجي وإدراكاً لأهمية توظيف الطاقات الفكرية والاقتصادية في خدمة مسيرة التنمية.
أخبار ذات صلة
0 تعليق