الحرارة الهائلة للزلازل - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

«ساي تيك ديلي»

عند سماع كلمة زلزال، يتبادر إلى الأذهان مشهد المباني المتصدعة، والطرق المتشققة، والناس يهرولون بحثاً عن الأمان. الاهتزاز العنيف هو العلامة البارزة لهذا الحدث الجيولوجي المرعب. ولكن، ماذا لو علمنا أن ما نشعر به لا يمثل سوى «قشرة» سطحية من طاقة الزلزال الكاملة، وأن الجزء الأعظم من هذه الطاقة لا يحدث اهتزازاً، بل يتحول إلى حرارة هائلة تحت الأرض.
هذه ليست فرضية، بل خلاصة دراسة علمية رائدة أجراها باحثون أمريكيون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، تمكنوا لأول مرة من حساب «ميزانية الطاقة» الكاملة لزلازل صغيرة مصطنعة، أُطلق عليها اسم الزلازل المعملية، ووجدوا أن أغلبية الطاقة المنبعثة لا تذهب إلى ما نشعر به، بل إلى ما لا نراه.
وتشير النتائج إلى أن نحو 80% من طاقة الزلزال تتحول إلى حرارة، بينما لا يتجاوز نصيب الاهتزازات منها 10%، في حين أن تكسير الصخور وتكوين أسطح جديدة يستهلك أقل من 1% فقط. بمعنى آخر، ما يهدد المباني ليس هو التهديد الأكبر تحت الأرض. وفي التجارب المعملية، لاحظ الباحثون ارتفاع درجات الحرارة بشكل حاد في موقع الانزلاق، وصلت أحياناً إلى 1200 درجة مئوية خلال ميكروثانية واحدة فقط، وهي حرارة كافية لإذابة الصخور مؤقتاً، قبل أن تبرد مجدداً بسرعة فور توقف الحركة.
وهذه النتائج تكشف أن الزلازل، بجانب كونها اهتزازات، هي ظواهر طاقية حرارية بالدرجة الأولى، تتفاعل فيها الصخور تحت ضغوط هائلة، فتنهار، وتتحول الطاقة الكامنة فيها إلى حرارة أكثر مما تتحول إلى حركة.
ما يثير الاهتمام أكثر، هو أن توزيع هذه الطاقة بين الحرارة والحركة والتفكك ليس عشوائياً، بل يتأثر بما يسمى بتاريخ التشوه في الصخور. فالصخور التي مرت بتجارب ضغط وانزلاق سابقة نتيجة الحركات التكتونية القديمة، تتفاعل بشكل مختلف خلال الزلازل الجديدة. إذ تصبح بنيتها أكثر استعداداً لتحويل الطاقة إلى حرارة أو انزلاق مفاجئ، ما يؤثر في مدى قوة الزلزال وآثاره في السطح.
إن إدراك أن الزلازل تطلق كميات ضخمة من الحرارة، وأن هذا الجانب لا يقاس في الزلازل الطبيعية، يفتح الباب أمام إعادة تقييم طرق رصد الزلازل والتنبؤ بخطورتها.

0 تعليق