«فاينانشال تايمز»: دبي تتبنّى أنماط حياة حضرية - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

دبي: أحمد البشير
قالت صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، في تقرير حديث لها، إن دبي بدأت تتحرك بخطى واسعة نحو تبنّي أنماط حياة حضرية أقرب إلى النموذج الدنماركي، حيث تسعى الإمارة إلى تعزيز ثقافة المقاهي وركوب الدراجات والمشي، وإعادة تشكيل بيئتها العمرانية، بما يتماشى مع رؤيتها المستقبلية.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا التحول يأتي ضمن إطار «خطة دبي الحضرية 2040»، التي تهدف إلى مضاعفة المساحات الخضراء، وتشجيع السكان على استخدام وسائل النقل المستدامة، بما يسهم في تحقيق أهداف دولة الإمارات بالوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وأضافت الصحيفة أن هذه الرؤية الطموحة ترتكز على تحويل دبي من مدينة ارتبطت لعقود بالطرق السريعة والمراكز التجارية العملاقة، إلى مدينة أكثر قرباً من الإنسان والطبيعة. ومع توقعات بارتفاع عدد سكان الإمارة بنسبة تصل إلى 75%، خلال الخمسة عشر عاماً المقبلة، فإن هذه المشاريع الجديدة تسعى إلى بناء أحياء متكاملة توفر حياة اجتماعية نشطة ومرافق متطورة، تقلل من الاعتماد على السيارة، وتمنح السكان بيئة عصرية مستدامة.
مشروع جبل علي
ذكرت «فاينانشال تايمز» أن من أبرز المشاريع الجديدة التي تم الإعلان عنها هذا العام، مشروع تطوير منطقة مضمار جبل علي، بالتعاون مع شركة التصميم الدنماركية «مجموعة بياركي إنغلز»، ويغطي المشروع مساحة تقدر بـ 1.9 ميل مربع، حيث سيُنشأ حديقة عامة بمساحة 345 فداناً، تحيط بها فلل وشقق سكنية تستوعب ما يقارب 50 ألف نسمة.
وسيتم تقسيم المنطقة إلى عشرة مجمعات سكنية، يحتوي كل منها على ساحة عامة مركزية لا تبعد أكثر من خمس دقائق مشياً عن جميع المنازل، وستكون هذه الساحات محاطة بمراكز صحية واجتماعية وصالات رياضية ومطاعم ومقاهٍ، لتشكل بيئة مجتمعية متكاملة، كما تم تصميم المشروع ليشجع السكان على استخدام مسارات الدراجات والعربات الكهربائية، مع توفير وصلات مباشرة بوسائل النقل الجماعي.
مدينة أكسبو
أشارت الصحيفة أيضاً، إلى مشروع آخر لا يقل طموحاً، وهو مدينة إكسبو دبي، الذي يقوده مكتب التصميم الهولندي «يو إن ستوديو». ويغطي المشروع مساحة 1.3 ميل مربع حول الأجنحة السابقة لإكسبو 2020، ليتحول إلى مدينة عصرية، تستوعب نحو 35 ألف شخص. وسيعتمد المشروع على الأحياء المهيأة للمشي المرتبطة بشبكات الحافلات والمترو، إضافة إلى مسارات للجري والدراجات. وستتوزع المباني على شكل مجموعات سكنية منخفضة الارتفاع تحيط بها مساحات عامة مظللة وحدائق صغيرة. كما ستحتوي الأحياء على مدارس ومساجد ومراكز مجتمعية، تشجع السكان على اللقاء والتفاعل في بيئة اجتماعية أكثر انفتاحاً.
الطبيعة في التخطيط العمراني
بحسب التقرير، يولي المطورون اهتماماً كبيراً بالمساحات الخضراء والغطاء النباتي، الذي يسهم في تحسين جودة الحياة، إذ يخطط مشروع جبل علي وحده لزراعة أو إعادة توطين أكثر من 15 ألف شجرة، معظمها من الأصناف المحلية مثل أشجار الغاف والنخيل، التي تتحمل الظروف المناخية الصحراوية، كما ستُصمم المباني بحيث توفر الظلال وتقلل من درجات الحرارة، وهو ما يسهم في خفض حرارة الأجواء المحيطة بنسبة تصل إلى 5%.
وفي مشروع مدينة أكسبو، ستغطي الأشجار والهياكل المظللة نحو 70% من المساحات العامة، في حين ستُوجّه المباني بطريقة تسمح بمرور الرياح الطبيعية وتقليل أشعة الشمس المباشرة، ما يجعل العيش في هذه المجتمعات أكثر راحة على مدار العام.
نحو مستقبل عمراني
اختتمت الصحيفة تقريرها بالقول إن هذه المشاريع تمثل بداية تحول تدريجي في هوية دبي العمرانية، حيث تسعى الإمارة إلى الجمع بين الحداثة والاستدامة وبناء مجتمعات أكثر تفاعلاً وصحة. وبينما تظل الثقافة المحلية والمناخ الصحراوي عوامل مؤثرة في وتيرة التغيير، فإن هذه المبادرات الطموحة تشكل خطوة أولى نحو خلق بيئة حضرية جديدة تراعي متطلبات الأجيال القادمة، وتمنح دبي مكانة متقدمة كنموذج إقليمي ودولي في التنمية المستدامة والتخطيط الحضري العصري.
المدينة المستدامة
أوضحت «فاينانشال تايمز» أن دبي تمتلك بالفعل تجربة ناجحة على نطاق أصغر يمكن الاستفادة منها، وهي المدينة المستدامة، التي افتُتحت عام 2016 وتضم نحو 3 آلاف نسمة، ويتميز المشروع بكونه خالياً من السيارات داخل الأحياء، حيث يتم ركن المركبات في مواقف جماعية على أطراف المجمع، فيما يتنقل السكان سيراً أو باستخدام الدراجات والعربات الكهربائية.كما اعتمد المشروع على الألواح الشمسية لتوليد الكهرباء، وإعادة تدوير المياه لري المساحات الخضراء، إضافة إلى البيوت الزجاجية «Biodomes»، التي تنتج الخضراوات والأعشاب لتلبية احتياجات السكان. وقد أثبتت هذه التجربة نجاحها وجذبت مطورين آخرين من داخل وخارج الإمارات لتكرارها في مشاريع مشابهة.

0 تعليق