هل تحمل قطعة من إسرائيل فى جيبك؟.. بين مزاعم نتنياهو وواقع صناعة الهواتف - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أثار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جدلاً واسعاً بعدما زعم أمام وفد من الكونجرس الأمريكي بأن "كل من لديه هاتف محمول يحمل قطعة من إسرائيل بين يديه"، مشيداً بدور بلاده فى تصدير التكنولوجيا والأدوية والمواد الغذائية، ومؤكداً على ما وصفه بـ"القدرة الإسرائيلية على الإنتاج والتصنيع" فى مختلف القطاعات.

تصريحات نتنياهو المضللة

ليس من الصحيح أن إسرائيل تصنِّع هواتف ذكية كاملة تجارياً بمعنى سامسونج أو آبل، لكن لديها حضور فى عناصر تقنية محددة تُستخدم فى صناعة الهواتف أو دخلت عبر استحواذات وشراكات مع شركات عالمية، أمثلة بارزة موثقة تشمل:

* شركات إسرائيلية طوّرت تكنولوجيات كاميرا ومعالجة صور استحوذت عليها شركات كبرى مثل Apple (شركة LinX). ([DPReview][2])

* شركات مثل PrimeSense طوّرت حساسات ثلاثية الأبعاد واكتسبت اهتماماً عالمياً وقُدم بعضها للاستحواذ. ([The Guardian][3])

* شركات وتعهدات تصنيع وخدمات للـsemiconductor وfoundries مثل Tower Semiconductor تعمل في تصنيع دوائر متخصصة يمكن أن تدخل في إمدادات مكونات الهواتف، وكذلك شركات مثل Anobit قدمت تقنيات وحدات التحكم بالـflash التي تؤثر في أداء التخزين بالهواتف. ([Reuters][4])

وهو ما يعني في النهاية أن عبارة نتنياهو مبالغ فيها إن قصد بها أن إسرائيل تصنع معظم الهواتف ذات العلامات التجارية، لكنها صحيحة إلى حدٍ ما إن قصد بها أن هناك مكوّنات، برمجيات، واعتمادات تكنولوجية إسرائيلية دخلت فى سلسلة القيمة العالمية للهواتف والأجهزة الإلكترونية.

دلائل موثوقة ومواقف مسجلة

* أدوات تجسس معروفة تجارياً طوّرتها شركات إسرائيلية (أشهرها NSO Group مع برنامج Pegasus) استُخدمت لاستهداف صحفيين ونشطاء وقادة سياسيين في حالات وثقتها تحقيقات دولية (مثل Pegasus Project) ومراكز بحث أمنية (Citizen Lab)، هذه الأدوات تعطي قدرة كاملة تقريباً على الوصول إلى المكالمات والرسائل والكاميرا والميكروفون عند نجاحها في اختراق الجهاز.

* شركات أخرى تقدّم أدوات "استخلاص بيانات" (mobile forensics) مثل Cellebrite، والتي وُثّرت حالات إساءة استخدام لمنتجاتها من قِبل سلطات في دول متعددة، فدفعت ظروف التحقيقات الحقوقية بعض الجهات إلى تعليق أو إعادة تقييم استخدام هذه الأدوات.

* تقنياً، مسارات الاستغلال تتراوح بين: استغلال ثغرات برمجية في أنظمة التشغيل (zero-click exploits) أو أدوات تُستخدم عند وصول مادي للجهاز، أما وجود شركات إسرائيلية في سلسلة التوريد (حسّاسات، برمجيات IP، أبحاث) فليس نفسه كوجود "نظام تجسّس مركزي" مثبت داخل كل الأجهزة المنتجة عالمياً؛ الادعاءات القوية من هذا النوع تتطلب أدلة تحقيقية وتقنية محددة. ([The Citizen Lab][5])

أبرز المكونات والتقنيات التى لها جذور إسرائيلية

1) تقنيات الكاميرا والمعالجة الحاسوبية (Computational Photography)
شركات إسرائيلية صغيرة (اشتراها كبار المصنعين) طوّرت تكنولوجيات تدخل مباشرة في قدرة الكاميرا على التقاط صور أفضل ومعالجة الصور، مثل LinX الّلي استحوذت عليها آبل — تقنياتهم تطبق في موديلات كاميرات متعددة العدسات ورفع جودة الإضاءة الضعيفة.

2) حسّاسات ثلاثية الأبعاد (3D sensing) / استشعار عمق المشهد
شركة PrimeSense طوّرت شريحة استشعار ثلاثي الأبعاد (المعروفة من استخداماتها في Kinect) واشترتها آبل، حيث إن تقنيات من هذا النوع تُستخدم حاليا في خاصيات البورتريه، القياسات، وميزات الواقع المعزز.

3) حسّاسات الصورة CMOS وتصنيع أجزاء من الـImage Sensor
هناك شركات إسرائيلية وبيزنس محلي في تصنيع أو دعم إنتاج حسّاسات الصورة (CMOS) — مثلاً Tower Semiconductor والتى لديها منصات وتصنيع لحساسات الصورة الّتي تخدم سوق الموبايلات ومجالات أخري.

4) وحدات تحكم وتهيئة الذاكرة الفلاش (Flash controllers / NAND reliability)
شركة Anobit الإسرائيلية طوّرت تقنيات لتحسين أداء وموثوقية ذاكرات الفلاش — وهذا أثر مباشر على أداء التخزين في الهواتف (الذى يؤثر على سرعة النظام وقراءة/كتابة الصور والفيديو)، وقد استحوذت عليها آبل سنة 2011.

5) شرائح الاتصال الخلوية وIoT (modems / cellular IoT)
مثل  Altair (حاليا Sony Semiconductor Israel) الّتي طورت شريحة مودم للـLTE وقطع اتصال متخصصة للأجهزة المتصلة — هذه التكنولوجيا يمكن ايجادها في موديلات فرعية من أجهزة ذكية وفي مزوّدي حلول الاتصالات.

6) IPs لمعالجة الإشارات والصوت والرؤية (DSP / Vision IP)
شركات رائدة مثل CEVA تقدّم تراخيص برمجية/شرائح (IP) لمعالجة الإشارات، الرؤية الحاسوبية، والصوت — وهي تُستخدم داخل شرائح الموبايل لتعزيز قدرة الكاميرا، الميكروفونات، وميزات الذكاء على الجهاز.

7) رقاقات توصيل/كابلات عالية السرعة لـكاميرات وأجهزة الرؤية (connectivity chips)
شركات إسرائيـلية مثل Valens تطوّر شرائح لربط الكاميرات بوحدة المعالجة عبر معايير سريعة (MIPI A-PHY وغيرها) —وهو مهم بشكل خاص عندما تكون الكاميرات أو حسّاسات الرؤية تحتاج نقل فيديو عالي الجودة داخل الجهاز أو في تطبيقات متقدمة.

هل يمكن استخدام هذه التقنيات للتجسّس؟

الإجابة المختصرة: نعم، بالإمكان، لكن ليس بالضرورة أن كل مكوّن تقني إسرائيلي في هاتفٍ ما يتحول تلقائياً إلى أداة تجسّس، فهناك واقعات موثَّقة تُظهر أن برمجيات وأدوات طورتها شركات إسرائيلية بيعت لعملاء حكوميين استُخدمت بالفعل للاختراق والمراقبة المستهدفة، وتحقيقات ومنظمات بحثية مثل Citizen Lab وثّقت حملات لنشر برمجيات تجسس (مثل Pegasus) استُخدمت ضد صحفيين ونشطاء ومدنيين في دول متعددة.

ومن الناحية التقنية، البرمجيات الخبيثة المتقدمة قادرة على فتح كاميرا الجهاز والمايكروفون وقراءة الرسائل وتتبّع الموقع، وأُثبت استخدام سلاسل استغلال "zero-click" التي لا تتطلّب تفاعل المستخدم لتثبيت البرمجية على الهاتف، هذه الأساليب رُصدت في حالات متعلقة ببرمجيات المرتبطة بشركات إسرائيلية.

ثانياً، هناك أدوات "لاستخلاص البيانات" تستخدمها جهات إنفاذ القانون والتي أثارت تقارير عن إساءة استخدام، وهذا يبرهن أن خطر الاستغلال يمكن أن ينشأ من جهات شرعية تستخدم أدوات قوية بطرق خاطئة.

ثالثاً، مدى قابلية الاستغلال يعتمد على المسار: استغلال ثغرات نظام التشغيل أو التطبيقات (يُغلق كثير منها بتحديثات أمنية)، أو اختراقات على مستوى سلسلة التوريد والبرمجيات الوسيطة، لذلك وجود مكوّن تقني في سلسلة التوريد يزيد من سطح الخطر النظري لكنه لا يثبت وجودَ "باب خلفي" دائم دون دليل تقني محدد.

وأخيراً، هناك خطوات دفاعية مثبتة يمكن أن تقلل المخاطر بشكل كبير: تحديث أنظمة التشغيل فور صدورها، تفعيل آليات الحماية المتقدمة التي تقدمها الشركات (مثل Lockdown Mode على iPhone)، واللجوء إلى فحوصات رقمية متخصصة عند الاشتباه بالتعقّب، هذه الإجراءات لا تضمن الحماية الكاملة ضد خصوم متقدِّمين للغاية، لكنها تقلّص كثيراً من فرص النجاح.

0 تعليق