رفعت شركة ميتا المالكة لفيسبوك من حدة المواجهة ضد محاولات تنظيم الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، عبر تأسيس لجنة عمل سياسية كبرى (Super PAC) جديدة باستثمارات تقدَّر بعشرات الملايين من الدولارات، تهدف إلى التصدي لمشاريع القوانين على مستوى الولايات والتي ترى الشركة أنها قد تعيق تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي، وفقًا لما كشفه موقع “Axios”.
اللجنة الجديدة تحمل اسم “مشروع التميز التكنولوجي الأمريكي”، وتمثل أحدث خطوة من ميتا لتعزيز نفوذها في ساحة السياسة المحلية، وكانت الشركة قد أطلقت الشهر الماضي لجنة سياسية أخرى تركز على ولاية كاليفورنيا لدعم مرشحين مؤيدين للتكنولوجيا في الانتخابات المحلية.
ووفق التقرير، ستدار اللجنة من قِبل الجمهوري المخضرم براين بيكر، إلى جانب شركة الاستشارات الديمقراطية Hilltop Public Solutions، مع خطة لدعم انتخاب سياسيين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي ممن يتبنون مواقف داعمة لتطوير الذكاء الاصطناعي، وأوضحت متحدثة باسم ميتا، راشيل هولاند، أن أهداف اللجنة تتمثل في: الدفاع عن شركات التكنولوجيا الأمريكية، تعزيز التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي، وتمكين الآباء من التحكم في كيفية استخدام أطفالهم للتطبيقات والأنظمة الذكية.
ويأتي هذا التركيز على قضايا السلامة الأسرية بعد تصاعد الانتقادات ضد ميتا، خاصة بعد تسريبات أشارت إلى أن روبوتات الدردشة الخاصة بها سمحت بمحادثات “عاطفية” مع الأطفال، بالإضافة إلى تقارير من موظفين سابقين تؤكد أن الشركة قد تجاهلت أبحاثًا حول سلامة المستخدمين الصغار.
حتى الآن، لم تكشف ميتا عن الولايات التي ستركز عليها اللجنة الجديدة، ولا عن عدد الموظفين الذين ستضمهم، غير أن الخطوة تتزامن مع طفرة تشريعية لافتة، حيث شهدت الدورة التشريعية لعام 2025 تقديم أكثر من 1000 مشروع قانون متعلق بالذكاء الاصطناعي في مختلف الولايات الأمريكية. وفي كاليفورنيا، تنتظر حاليًا مشروعا قانونين توقيع الحاكم غافين نيوسوم أو رفضهما، وهما: SB 243 لتنظيم روبوتات الدردشة المخصصة للمرافقة وحماية القُصّر، و SB 53 الذي يفرض معايير جديدة للشفافية على شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى.
من جانبه، صرح نائب رئيس السياسات العامة في ميتا، براين رايس، أن اللجنة الجديدة ستعمل على “دعم انتخاب المرشحين على مستوى الولايات ممن يتبنون تطوير الذكاء الاصطناعي، ويدافعون عن ريادة التكنولوجيا الأمريكية محليًا وعالميًا”.
الخطوة تعكس سباقًا متسارعًا في وادي السيليكون للحد من قدرة الولايات على فرض تشريعات مستقلة، حيث ترى شركات التكنولوجيا أن هذا “التشظي التشريعي” قد يعرقل الابتكار ويضعف موقف الولايات المتحدة في منافستها مع الصين بمجال الذكاء الاصطناعي.
جدير بالذكر أن الشهر الماضي شهد إطلاق لجنة سياسية كبرى أخرى من قبل صندوق الاستثمار Andreessen Horowitz ورئيس شركة OpenAI جريج بروكمان، بميزانية قدرها 100 مليون دولار مخصصة لمعارضة التشريعات المقيدة للذكاء الاصطناعي. كما كاد مقترح فيدرالي يهدف إلى منع الولايات من تنظيم الذكاء الاصطناعي لعشر سنوات أن يُدرج ضمن الموازنة الأمريكية مطلع العام، قبل أن يتم إسقاطه في اللحظات الأخيرة.
0 تعليق