هل يجر الإعلام الإسرائيلي مصر للحرب؟ - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

مصر – لاحظ إعلاميون ومحللون مصريون تصعيدا في الخطاب الإعلامي الإسرائيلي مؤخرا ضد مصر، وتساءلوا عما إذا كان هذا خطابا استفزازيا يهدف إلى جر القاهرة إلى مواجهة عسكرية أو سياسية لا تريدها.

وبحسب تحليلات خبراء مصريين في الشأن الأمني والإعلامي، فإن الحملات الإعلامية الإسرائيلية الأخيرة—التي تروّج لوجود “تهديدات أمنية غير مسبوقة” قادمة من الحدود المصرية—لا تمثّل سوى محاولة يائسة لتغطية الإخفاقات الداخلية للكيان الإسرائيلي، وصرف الأنظار عن جرائمه المستمرة في قطاع غزة.

ويشير هؤلاء الخبراء إلى أن الادعاءات المتعلقة بطائرات مسيرة أو “ثغرات حدودية” تفتقر إلى أي أدلة ملموسة، وتأتي في سياق مخطط أوسع يهدف إلى الضغط على مصر لقبول خطط تهجير الفلسطينيين، أو لتبرير انتهاكات إسرائيل المتكررة لاتفاقية السلام الموقعة بين الطرفين.

ورغم الصمت المصري المحسوب، تُبقي القاهرة على سياسة رصينة ترفض الانجرار إلى فخ الاستفزاز، مع التأكيد المستمر على التزامها بالاتفاقيات الدولية وحماية أمن حدودها، دون الدخول في سجال إعلامي قد يخدم أجندات الخصم أكثر مما يخدم المصلحة الوطنية.

في هذا السياق، استنكر الشيخ سعد الفقي، وكيل وزارة الأوقاف الأسبق والباحث الإسلامي، الادعاءات الكاذبة التي تروّجها وسائل الإعلام الإسرائيلية، والتي شنّت هجومًا حادًّا على الإعلام المصري، متهمة إياه بتأجيج التوتر في العلاقات بين البلدين.

وقال الفقي:

“في ظل الإعلام المفتوح، يؤدي الإعلام المصري – بشتى أطيافه – رسالته على أكمل وجه، ومنها فضح العربدة الصهيونية وانتهاكها الصارخ للقوانين الدولية، وكشف جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال جهارًا نهارًا، والمتمثلة في قتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين خلال حرب مستمرة منذ ما يقارب ثلاث سنوات”.

وتساءل:

“هل تريد إسرائيل أن يبارك الإعلام المصري جرائمها التي دفعت حتى الأوروبيين إلى الخروج في مظاهرات منددة بها، في ظل جرائم تُبث على الهواء مباشرة؟”.

وناشد الفقي وسائل الإعلام العالمية أن “تسرع إلى كشف التزييف والتدليس الذي تروّجه إسرائيل”، مشدّدًا على أن “ما يحدث في قطاع غزة والضفة الغربية يُعد جريمة حرب مكتملة الأركان”.

من جانبه، قال الكاتب الصحفي محمد مخلوف، الخبير في شؤون الأمن القومي والمتعاون مع جريدة “أخبار اليوم”، في تصريحات خاصة لـ”RT”:

“الإعلام الإسرائيلي يضخّم الأوضاع عبر ادعاءات كاذبة، مثل اختراق طائرات مسيرة للحدود يوميًّا، وهي مزاعم باطلة تمثّل امتدادًا لسياسة الاحتلال القائمة على تضخيم التهديدات الخارجية للهروب من أزماته الداخلية وتغطية إخفاقاته في حرب غزة. هذه الادعاءات ليست سوى جعجعة فارغة تخفي عجزًا عسكريًّا وسياسيًّا، وتكشف هشاشة نفسية لدى المؤسسة الإسرائيلية تجاه أي تهديد غير تقليدي”.

وأضاف مخلوف:

“لو كانت هذه الادعاءات صحيحة، لظهرت صور أو تسجيلات لهذه الطائرات في وسائل الإعلام. أما إذا تحدّثنا عن مسيرة أو اثنتين تحملان أسلحة خفيفة، فلا يمكن بأي حال اعتبار ذلك تهديدًا لمنظومة دفاعية متطورة مثل ‘القبة الحديدية’ أو لمفاعل ديمونة أو مقاتلات F-35”.

وأشار إلى أن توقيت هذه التصريحات “ليس بريئًا”، إذ يأتي بعد عامين من حرب طاحنة فشلت إسرائيل خلالها في تحقيق أهدافها المعلنة ضد حركة الفصائل الفلسطينية.

“إسرائيل تحاول جرّ الجيش المصري إلى دائرة المواجهة، أو على الأقل اتهامه بالتقصير في حماية الحدود، لخلق ذريعة لمخالفتها لاتفاقية السلام عبر احتلالها محور فيلادلفيا. فالحديث عن ‘ثغرات حدودية’ هو محاولة إسرائيلية مفضوحة لتبرير خرقها للاتفاقيات، وليس وصفًا لواقع أمني قائم”.

وشدّد على أن مصر، بعد أن سحقت الإرهاب في شمال سيناء، أغلقت جميع الأنفاق وأحكمت السيطرة على الحدود، وأن أي محاولات تهريب تبقى محدودة ولا يمكن استغلالها ذريعة للتشكيك في الموقف المصري أو الزج به في أزمات إسرائيل الداخلية.

من جهته، قال الخبير العسكري والمستشار في كلية القادة والأركان، اللواء أركان حرب أسامة محمود كبير، في تصريحات خاصة لـ”RT”:

“ما يُروّج له الإعلام الإسرائيلي حول طائرات مسيرة قادمة من الحدود الغربية إلى الشرق، يُفسّر على أنه محاولة لشغل الرأي العام الإسرائيلي والدولي بما ليس حقيقيًّا، في ظل توتر العلاقات المصرية–الإسرائيلية الناتج عن العدوان المستمر على غزة، والإجراءات الإسرائيلية الرامية إلى تهجير سكان جنوب القطاع إلى مصر—وهو ما طُلب رسميًّا سابقًا، ويُعد جزءًا من مخطط ‘إسرائيل الكبرى’ الذي أعلن عنه نتنياهو صراحة الشهر الماضي”.

وأوضح اللواء كبير أن مصر رفضت هذا المخطط بشكل قاطع، ووضعت خطوطًا حمراء أعلنتها القيادة السياسية بوضوح، ما دفع إسرائيل إلى اللجوء إلى ادعاءات مغلوطة في محاولة يائسة للضغط على الدبلوماسية المصرية.

وأشار إلى أن الجهات المصرية الرسمية كانت دائمًا سريعة الرد على أي تصريحات تحمل شبهة، حتى لو كانت تحمل بعض الصحة. فعلى سبيل المثال، عندما ادّعت إسرائيل وجود تحشيدات عسكرية مصرية قرب الحدود، جاء الرد الرسمي فورًا.

المصدر: RT

0 تعليق