خريطة السيطرة الميدانية بين الجيش والدعم السريع في كردفان ودارفور - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الخرطوم- تحتدم المعارك في إقليم كردفان وولايتي شمال وجنوب دارفور، حيث يسعى الجيش السوداني وحلفاؤه من القوات المشتركة إلى توسيع دائرة السيطرة والتقدم باتجاه إقليم دارفور، في وقت تستميت فيه قوات الدعم السريع في الدفاع عن مواقعها التي تحتلها وتكثف هجماتها للحد من تقدم الخصوم.

وحسب مصادر عسكرية مختلفة تحدثت للجزيرة نت، فإن المواجهات الميدانية تتركز حاليا في الحدود الفاصلة بين ولايتي شمال كردفان وغربها، إذ يسعى الجيش إلى التحكم في الطرق والمواقع الإستراتيجية المؤدية إلى إقليم دارفور الذي تسيطر فيه قوات الدعم السريع على 4 ولايات من أصل 5.

وأواخر سبتمبر/أيلول الماضي، نفذ الجيش وحلفاؤه عملية عسكرية خاطفة مكنته من السيطرة على عدة مناطق غرب مدينة الأُبيض -عاصمة ولاية شمال كردفان- شملت "العيارة" و"أبو قعود" و"أم صميمة"، وانتشر على بعد أقل من 20 كيلومترا من مدينة "الخوي" الخاضعة لسيطرة الدعم السريع.

ما خطط الجيش للسيطرة على كردفان ودارفور؟

وفقا لمصادر عسكرية ميدانية تحدثت للجزيرة نت، يخطط الجيش للتقدم نحو دارفور عبر 3 محاور أساسية انطلاقا من كردفان:

الأول: طريق الإنقاذ الغربي الذي يمر غربي مدينة الأُبيض، للسيطرة على مدينة "الخوي" ثم "النهود" وصولا إلى محلية "ود بندة"، قبل التوغل نحو محلية "أم كدادة" التابعة لشمال دارفور والواقعة على تخوم ولاية غرب كردفان، ومن ثم التقدم نحو الكومة والفاشر. الثاني: طريق "بارا" الذي استعاده مؤخرا من قبضة الدعم السريع، وعبره يمكن للجيش الوصول إلى مناطق "حمرة الشيخ" و"أم بادر" و"سودري" وغيرها، وصولا إلى دارفور، وهو طريق ترابي قديم يربط كردفان بدارفور. الثالث: جنوب الأبيض، ويخطط الجيش للوصول إلى منطقة "الدبيبات" ذات الموقع الإستراتيجي في جنوب كردفان. ومنها يمكنه العبور نحو مناطق "أبو زبد" و"الفولة"، أو الربط مع قواته الموجودة في "بابنوسة"، حيث توجد قاعدة رئيسية له، ومن ثم الدخول لإقليم دارفور عبر الجزء الشرقي منه.

ما تجهيزات الدعم السريع؟

في المقابل، تقلل مصادر عسكرية ميدانية في الدعم السريع من تحركات الجيش، ويقول قائد ميداني -فضل حجب اسمه- للجزيرة نت إن قوات الدعم السريع حشدت آلاف المقاتلين قرب مدينة "بارا" ومنطقة "المزروب" في شمال كردفان، فضلا عن تمكنها من استنفار أعداد كبيرة من الجنود إلى مدينتي النهود و"الخوي" للتعامل مع أي هجمات يشنها الجيش.

إعلان

ووفقا لمعلومات حصلت عليها الجزيرة نت، فإن هذه القوات نشرت أنظمة دفاع جوي وتشويش إلكتروني متقدمة على طول طريق الإنقاذ الغربي حتى شرقي الفاشر لتعطيل العمليات الجوية للجيش، كما شيدت خنادق بعمق مترين حول "النهود" و"الخوي" بعد أن جرفت أجزاء واسعة من الأسفلت وأقامت دفاعات ترابية حولها.

ما التقدم الذي أحرزه الجيش حتى الآن؟

يؤكد محمد آدم كش، أحد قادة غرفة السيطرة بالقوة المشتركة التي تقاتل مع الجيش في الفاشر، للجزيرة نت، أنه جرى تحريك قوات ضخمة إلى المحور الغربي بعد تحرير ولايتي الجزيرة والخرطوم، حيث تمكن من توسيع سيطرته في عدة جبهات، أبرزها تحرير مدينة "بارا" كأكبر وأهم قاعدة، ومن ثم تأمينها والتقدم بعدها إلى المحور الغربي صوب مناطق أم صميمة والخوي.

ويشير إلى أن هذه التحركات تمت عبر أكثر من محور، وأسهمت إلى حد كبير في "تقهقر قوات الدعم السريع وهزيمتها على الأرض".

كما ساعدت الضربات الجوية العنيفة -وفق المتحدث- على تدمير معسكرات تدريب كبيرة لها في "نيالا"، بينها "أم بليل" و"سروج"، وتدمير طائرة شحن كانت تنقل أسلحة وذخائر إلى مطار نيالا، إلى جانب استهداف مخازن صواريخ بعيدة المدى في المدينة قبل ترحيلها إلى الفاشر. وأضاف "الآن الطريق بات ممهدا لتحرير دارفور وكردفان والتخلص من الأطماع الدولية في السودان".

ما أبرز هجمات الجيش الأخيرة على مراكز الدعم السريع؟ وماذا خلفت؟

الخميس الماضي، شنّ الجيش غارات جوية عنيفة على مواقع الدعم السريع في نيالا بجنوب دارفور وقرب الفاشر بشماله. ونقلت تقارير صحفية عن شهود عيان سماعهم دوي انفجارات ودخانا كثيفا يتصاعد من مواقع تستخدمها في نيالا، وأفادوا بتنفيذ الجيش هجوما بطائرة مسيّرة إستراتيجية على مركز لتدريب مقاتلين الدعم السريع بالقرب من بلدة "بلبل"، مما أدى إلى انفجارات عنيفة وحرائق كبيرة.

كما أعلنت الفرقة السادسة مشاة -قاعدة الجيش بالفاشر- تدمير منظومة تشويش قادمة من نيالا بكامل طاقمها في منطقة "شنقل طوباي"، كانت في طريقها إلى المدينة.

وذكرت في تصريح صحفي -الخميس الماضي- أن الجيش دمّر منصة هاون عيار 120، واستطاع تحييد مجموعة من عناصر الدعم السريع خلال تسللهم إلى الفاشر، وتدمير عدد من المركبات القتالية.

في المقابل، أفاد تحالف السودان التأسيسي (تأسيس) -الذراع السياسية للدعم السريع- في بيان بأن "مسيّرات تابعة للجيش هاجمت سوق منطقة الزُرق بشمال دارفور، مما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات من المدنيين". ووصف الهجوم بأنه "جريمة ومخطط لإبادة جماعية وتطهير عرقي".

والزُرق منطقة نائية تقع عند المثلث الحدودي بين السودان وتشاد وليبيا، وتسيطر عليها الدعم السريع منذ الأشهر الأولى للحرب، واستخدمتها كقاعدة رئيسية لتلقي الإمدادات القادمة من ليبيا وتشاد.

الجيش دمر طائرة شحن كانت تنقل أسلحة وذخائر إلى مطار نيالا (الفرنسية)

هل اقترب الجيش من حسم المعركة بتحييد منظومة الدفاع لدى الدعم السريع؟

يقول اللواء أركان حرب محمد خليل الصائم، أستاذ العلاقات الدولية والدراسات الإستراتيجية، للجزيرة نت، إن الضربات الجوية التي نفذها طيران الجيش نجحت في تحييد كل الأنظمة الدفاعية للدعم السريع في الفاشر، وبات بإمكان الطيران التحليق بحرية كاملة. ويؤكد أن الضربات على تجمعاتها في جنوب دارفور وحول "الخوي" و"النهود" بكردفان أثرت بشكل كبير على تماسكها.

إعلان

ويرفض الصائم الإقرار بأن الجيش لم يستطع حسم معاركه في الإقليمين، ويقول إنه نجح في تحطيم منظومة الدعم السريع التي كانت تحتل الخرطوم والجزيرة، وهزمها بجدارة، ويعمل وفق خطط سرية ودقيقة، ويحرص على عدم إلحاق الضرر بالمدنيين، "في وقت تتلقى فيه القوات دعما وإمدادا مستمرين، مسنودة ببعض قادة الإدارات الأهلية تحت تأثير الإغراء أو التهديد، وبالتالي انضمت إليها أعداد كبيرة من المقاتلين".

ويلفت الصائم أيضا إلى أن فصل الخريف وغزارة الأمطار كانا أحد العوامل التي أخرت حسم المعركة.

ما تكتيكات الجيش والدعم السريع في القتال حتى اليوم؟

رغم ضراوة المعارك في جبهات القتال الغربية، فلا يلوح في الأفق مؤشر لحسم وشيك لصالح أحد طرفي القتال، حيث يتبادلان تأكيدات الانتصار.

برأي الصحفي المهتم بالشؤون العسكرية ناصف صلاح الدين، فإنه رغم تحول الحرب إلى استنزاف طويل وفقدان الجيش لعامل التفوق الجوي الذي كان يتميز به في البداية، فإنه لا يزال يعمل بعقيدة الجيوش النظامية القائمة على احتلال مواقع وتأمين المدن، بينما تتحرك قوات الدعم السريع كقوة لا مركزية بوحدات صغيرة، وهجمات خاطفة، وسيطرة على طرق الإمداد.

ويوضح للجزيرة نت أن تكتيكات الجيش لم تتغير رغم خبرته الطويلة في القتال، وأن "المليشيات التي تقاتل إلى جانبه مثل المشتركة ودرع السودان والبراؤون، تفتقر إلى عنصر تماسك الوحدات المقاتلة والقيام بعمليات مشتركة تحت قيادة واحدة. ويبرز في كثير من الأحيان فقدان الثقة كعامل يثبط من الهمم في الميدان".

ويضيف أن قوات الدعم السريع، رغم قدرتها على سرعة التعبئة وتعويض خسائرها البشرية، فإنها لم تطور أسلوبها القتالي، إذ لا تزال تعتمد على الهجوم بأعداد كبيرة وبكثافة نيران عالية، وهو ما يوقع في صفوفها خسائر فادحة حتى عند تحقيق انتصارات.

كما أن طبيعة تكوينها المتعدد القائم على الولاء لقبائلها -وفق صلاح الدين- يجعل السيطرة عليها أمرا صعبا، إذ اعتاد مقاتلوها العودة سريعا إلى مناطقهم الأصلية محملين بالغنائم، معتبرين ذلك الهدف الرئيس لمشاركتهم في القتال، لا البقاء في خطوط المواجهة لفترات طويلة.

0 تعليق