«جامعة أكسفورد»
تظل معدلات العودة إلى ارتكاب الجرائم داخل السجون تشكل تحدياً كبيراً في العديد من البلدان حول العالم، وإيجاد طرق فعّالة لإعادة تأهيل السجناء السابقين ودمجهم في المجتمع أمر بالغ الأهمية للحد من العودة إلى ارتكاب الجرائم وتعزيز مجتمع أكثر أماناً، ومن بين الأساليب المبتكرة التي أظهرت نجاحاً في معالجة هذه القضية استخدام كرة القدم كأداة لإعادة التأهيل.
وأظهرت الدراسات أن المشاركة في البرامج الرياضية، بما في ذلك كرة القدم، تقلل بشكل كبير من احتمالات عودة السجناء السابقين إلى ارتكاب الجرائم. فمن خلال توفير منفذ بناء للسجناء لطاقاتهم وعواطفهم، تساعد كرة القدم السجناء على توجيه تركيزهم نحو الأهداف والتطلعات الإيجابية، كما يمكن أن يساعد الشعور بالرفقة والانتماء الذي تعززه الرياضات الجماعية في الحد من مشاعر العزلة والاغتراب، والتي تُعد من المحفزات الشائعة للسلوك الإجرامي.
والمشاركة في برامج كرة القدم تسمح للسجناء بتطوير اللياقة البدنية والتنسيق ومهارات العمل الجماعي، ولا تقتصر هذه المهارات على الملعب فحسب، بل إنها مفيدة أيضاً في الحياة اليومية.
وتتطلب ممارسة كرة القدم الانضباط والالتزام والتقيد بالقواعد، وفي بيئة السجن، تعتبر هذه القيم بالغة الأهمية للحفاظ على النظام وتعزيز السلوك الإيجابي بين السجناء. ومن خلال المشاركة في برامج كرة القدم المنظمة، يتعلم السجناء احترام السلطة واتباع التعليمات والعمل نحو تحقيق أهداف مشتركة.
وإلى جانب الفوائد الجسدية والنفسية، فإن برامج كرة القدم في السجون يمكن أن تسهّل أيضاً التكامل المجتمعي ودعم المحكومين السابقين بعد إطلاق سراحهم، ومن خلال إقامة علاقات مع أندية كرة القدم المحلية والمنظمات المجتمعية والموجهين، يمكن للسجناء الوصول إلى الموارد والفرص التي تعزز الانتقال الناجح إلى المجتمع، وتوفر هذه الشبكات شعوراً بالانتماء والغرض، ما يقلل من احتمالات عودة المحكومين السابقين إلى حياة الجريمة.
كرة القدم لديها القدرة على أن تكون أداة قوية في معالجة العودة إلى الجريمة بالسجون من خلال تعزيز التنمية الشخصية، وغرس قيم الانضباط والعمل الجماعي، وتعزيز الدعم المجتمعي للمدانين السابقين، ومن خلال الاستثمار في برامج كرة القدم داخل المرافق الإصلاحية وإقامة شراكات مع المنظمات الخارجية، يمكن للحكومات والمجتمعات أن تعمل معاً لإنشاء نهج أكثر فعالية واستدامة لإعادة التأهيل.
0 تعليق