Published On 15/9/202515/9/2025
|آخر تحديث: 23:17 (توقيت مكة)آخر تحديث: 23:17 (توقيت مكة)
بينما ينشغل الرأي العام بالهجمات الإلكترونية أو التهديدات العسكرية التقليدية، يكشف تحقيق موسّع لصحيفة "آي بيبر" البريطانية عن جبهة صامتة لا تقل خطورة أطلقت عليها "الإرهاب الزراعي".
وأوضح كاهال ميلمو، كبير مراسلي الصحيفة الذي أجرى التحقيق، أن هذا النوع من الهجمات قد يستهدف مزارع بريطانيا وسلاسل إمداداتها الغذائية، سواء عبر نشر مسببات أمراض في التربة والقطعان، أو عبر التلاعب بالمنتجات الزراعية والغذائية.
اقرأ أيضا
list of 2 items end of listوخلص إلى أن النتيجة المحتملة -إن وقع أي هجوم من هذا النوع- هي تكبد بريطانيا خسائر اقتصادية بعشرات المليارات، وانهيار صادرات اللحوم، وفقدان ثقة الجمهور في الغذاء المحلي.

تهديد يتجاوز الخيال
وكشف ميلمو أن هناك سيناريو متخيلا عن أسراب من المسيّرات تحلق فوق الريف الإنجليزي في مهمة لا تستغرق أكثر من 10 دقائق، مجتازة الحقول الزراعية بسرعة وهي ترش سائلا يحتوي على نسخة معدّلة معمليا من فطر ينتمي إلى مجموعة فيوزاريوم "وهو عفن يصيب الحبوب بالسموم التي قد تقتل الماشية وتسبب أمراضا خطيرة للبشر".
وفي غضون دقائق معدودة -وفق الصحيفة- تصاب المزارع المستهدفة بعوامل مسببة للأمراض قد يستغرق القضاء عليها من التربة سنوات طويلة، بينما تضرب محاصيل سامة بجذورها في الأرض مما قد يهدد بدخولها إلى السلسلة الغذائية.
قد يبدو هذا المشهد مقتبسا من فيلم سينمائي، كما يصفه ميلمو، مضيفا أنه أحد السيناريوهات التي يعتقد خبراء الأمن الزراعي أنها واقعية وقابلة للتنفيذ ضد بريطانيا من قبل دول معادية أو "متطرفين" يسعون لممارسة "الإرهاب الزراعي"، أي هجوم متعمد على المزارع وسلسلة الإمدادات الغذائية.
فمن استخدام آفات نباتية لإعاقة نمو المحاصيل أو القضاء عليها، إلى إصابة المواشي عمدا بأمراض -مثل حمى الخنازير الأفريقية، أو الحمى القلاعية- تفيد الصحيفة بأن المخاوف في ازدياد إزاء المحاولات المتعمدة المتطورة منها أو البدائية، الرامية إلى إلحاق الضرر بالنظام الزراعي وزعزعة الثقة بسلامة الغذاء.
رغم امتلاك بريطانيا نظام مراقبة واسعا عبر وكالة صحة الحيوان والنبات، فإن خبراء بارزين أكدوا لصحيفة "آي بيبر" أن سلسلة من الحوادث الأخيرة في دول غربية أبرزت تلك الهشاشة أمام "تشكيلة مثيرة للقلق من نواقل الأمراض المحتملة التي تهدد النظام الغذائي البريطاني".
هشاشة
ورغم امتلاك بريطانيا نظام مراقبة واسعا عبر وكالة صحة الحيوان والنبات، فإن خبراء بارزين أكدوا لصحيفة "آي بيبر" أن سلسلة من الحوادث الأخيرة في دول غربية أبرزت تلك الهشاشة أمام "تشكيلة مثيرة للقلق من نواقل الأمراض المحتملة التي تهدد النظام الغذائي البريطاني".
إعلان
من الحوادث المثيرة للقلق في الأشهر الأخيرة التي أوردتها الصحيفة، اعتقال عالمَين صينيين في ولاية ميشيغان لمحاولتهما تهريب سلالة فيوزاريوم مصنفة سلاحا محتملا للإرهاب الزراعي إلى الولايات المتحدة.
ومن بينها أيضا -بحسب التحقيق الصحفي- تفشٍ جديد للحمى القلاعية في ألمانيا، أعاد إلى الأذهان وباء 2001 الذي كلّف بريطانيا 13.8 مليار جنيه إسترليني (18.7 مليار دولار أميركي) بقيمة اليوم.
وقد وصلت إلى بريطانيا وكندا والولايات المتحدة بذورا "مشبوهة" من الصين تبيّن أنها تحمل أمراضا خاضعة للحجر الصحي قادرة على إصابة محاصيل الطماطم.
ومن أبرز مصادر القلق -برأي المراسل الصحفي ميلمو- استغلال التهديدات القائمة للقطاع الزراعي البريطاني البالغ حجمه 14.5 مليار جنيه إسترليني (19.6 مليار دولار).

نشاطات إجرامية
فقد حذر نواب في البرلمان هذا الأسبوع من نشاط إجرامي واسع في تهريب اللحوم غير الشرعية إلى بريطانيا، حيث يستخدم المهربون حافلات فارغة لتهريب مئات الأطنان من لحم الخنزير من دول أوروبية شرقية يُحظر تصديرها بسبب تفشي حمى الخنازير الأفريقية.
وذكرت الصحيفة أن تقريرا للجنة البيئة والغذاء والشؤون الريفية في مجلس العموم البريطاني أكد أن البلاد تجنبت حتى الآن كارثة وبائية "بالحظ وليس بالتخطيط".
ويحذر الخبراء من أن عدم الاستقرار العالمي ورغبة خصوم متعددين في ممارسة "الحرب الهجينة" -أي أعمال تقع تحت عتبة العدوان المعلن لكنها تستهدف الاقتصاد أو البنية التحتية- يزيد احتمال لجوء دول إلى العبث بالنظم الغذائية والزراعية.
وينصح ديفيد ستيفل، مدير السياسات البيولوجية العالمية في مؤسسة "مبادرة التهديد النووي" الأميركية، الدول الغربية بمضاعفة الجهود لإدراج الزراعة ضمن أولويات الأمن القومي.
ونقلت عنه آي بيبر في هذا الصدد قوله إن هناك مسببات لأمراض نباتية وحيوانية قادرة على إحداث آثار صحية واقتصادية مدمرة، بعضها قد يستغرق تطهيرها عقودا من الزمن.

الطرق المحتملة للهجوم
طبقا للتحقيق الصحفي، فإن الباحثين يتحفظون على ذكر تفاصيل دقيقة حول أساليب محتملة لمهاجمة المزارع أو سلسلة الإمدادات الغذائية.
لكن مصادر أعربت عن قلقها من أن الإنترنت والتطورات التقنية وسّعت نطاق إمكانية إنتاج سلالات مرضية أو بكتيرية مُبتكرة لتصل إلى أيدي جماعات متطرفة أو أفراد، وليس فقط مختبرات الدول، كما تفيد الصحيفة البريطانية.
وأبان ستيفل أن الهجوم قد يُنفذ عبر سلع غذائية يجري التلاعب بها بالفعل مثل التوابل، التي أكد أن معظمها يأتي من جنوب آسيا، قائلا إنه ليس من المستبعد أن يسعى فاعل ما إلى العبث بها بشكل خبيث يتجاوز الغش التجاري.
وشدد ميلمو في تحقيقه على ضرورة أن تطور الدول الغربية أنظمة المراقبة لاكتشاف التهديدات الغذائية في مراحل مبكرة جدا.
ونقل عن اللواء المتقاعد جون غالاتاس، ضابط الاستخبارات العسكرية اليوناني، أن "الخطر حقيقي، وأن خبراء الأمن يرون أن احتمال الإرهاب الزراعي مرتفع لأن الهدف مغرٍ جدا".
إعلان
ووفقا للتحقيق الصحفي، فقد أشارت عدة مصادر إلى أن انتشار تقنية المسيّرات وسهولة تعديلها يجعلها وسيلة عملية لنشر مسببات مرضية نباتية أو حيوانية، رغم القوانين البريطانية الصارمة.
0 تعليق