محللون: بيان قمة الدوحة وضع الدول المطبعة أمام التزامات أخلاقية يصعب تجاهلها - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

فتح البيان الختامي للقمة العربية الإسلامية الطارئة التي عقدت في العاصمة القطرية الدوحة، اليوم الاثنين، الباب أمام الدول لمراجعة علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل، وتعليق تزويدها بالسلاح أو نقله لها عبر أراضيها، لكنه لم يلزمها بذلك.

وجاءت القمة الطارئة بعد العدوان الذي شنته إسرائيل على دولة قطر الأسبوع الماضي بهدف اغتيال عدد من قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) خلال مناقشتهم مقترحا أميركيا جديدا لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وقد أكد الأمين العام المساعد للجامعة العربية السفير حسام زكي أن البيان لم يجعل هذه الفقرة إلزامية حتى يترك للدول القيام بهذا الأمر وفق مصالحها إن هي أرادت ذلك.

وبعث المؤتمر رسالة للعالم بأن قطر لا تقف وحدها وأنها مدعومة عربيا وإسلاميا، وهو ما أكدته كلمات القادة ورؤساء الوفود، كما قال زكي في مؤتمر صحفي بعد القمة.

ووفقا لزكي، فقد تبلورت أمور مهمة خلال كلمات القادة وأولها استنكار وإدانة استهداف الوسيط والمفاوض لأنهما عضوان في معادلة كبيرة، ولا يمكن التعرض لهما بأي شكل من الأشكال، وأن قطر تقوم بوساطة مستقرة وحميدة في هذا الملف إلى جانب مصر وأميركا، وأنه يجب الحفاظ على الوساطة وعدم التعرض لها من أي جانب.

" frameborder="0">

إلزام أخلاقي سيطرح تساؤلات

وتعليقا على هذا الكلام، قال الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي، إن هذه الفقرة تذكر من يقيمون علاقات مع إسرائيل بإمكانية استخدامها كورقة ضغط من باب أخلاقي، لكنه ترك القرار للدول نفسها كمسألة سيادية.

لكن هذه الفقرة مهمة جدا حسب ما قاله مكي في تحليل للجزيرة، لأنها ستطرح أسئلة بشأن عدم قطع هذه العلاقات بعد كل ما فعلته إسرائيل، وسيجعلها مطالبة بتقديم أسباب لتمسكها بهذه العلاقة.

أما الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي، فقال إن هذه الفقرة ناجمة عن الضغط الشعبي الذي لا ينكره أحد، والذي وصل إلى حد عدم التعويل على هذه القمم.

إعلان

كما أن استمرار الجرائم الإسرائيلية على مدار عامين ضد الفلسطينيين، عززت هذا الغضب الشعبي، ومن ثم فإن فتح البيان الختامي للقمة الباب أمام الدول لمراجعة العلاقات مع إسرائيل "يمثل إلزاما أخلاقيا للقيام بهذا الأمر، دون الحاجة إلى قرار جماعي"، برأي البرغوثي.

ومن بين الأمور المهمة التي لم يتضمنها البيان الختامي لكنها وردت ضمنا في كلمات القادة والوفود، هو ترسيخ وضعية إسرائيل كبلد مارق لا يحترم القانون الدولي، وتتصرف بشكل غير حضاري.

ومع ذلك، فقد أصبحت الدول العربية والإسلامية التي تقيم علاقات مع إسرائيل مطالبة بقطع هذه العلاقات وتوقيع عقوبات عليها بعد هذا البيان، والتحرك لتفعيل قرارات المحاكم الدولية ضد قادة إسرائيل، كما يقول البرغوثي.

ولم يختلف الأكاديمي الجزائري حسني عبيدي، عن الرأيين السابقين، بقوله إن بعض الدول العربية أقامت علاقات مع إسرائيل بدعوى أن هذه العلاقات ستساعد على إقامة دولة فلسطينية وستحول دون ضم الضفة الغربية، وهو ما لم يحدث عمليا.

لذلك، فإن تجميد هذه العلاقات ستقدم خدمة كبيرة جدا لأنصار السلام لأنها ستؤكد أن إسرائيل ليست جادة وتمارس تمييزا عنصريا ضد الفلسطينيين، حسب عبيدي.

وهكذا، يعتقد رئيس تحرير صحيفة الشرق القطرية جابر الحرمي، أن قمة الدوحة حركت المياه الراكدة، لأنها فتحت الباب أمام أمور لم يسبق الحديث عنها، وأكدت وجود تساؤلات في كل الشوارع بشأن الموقف الرسمي العربي مما يحدث في قطاع غزة، مقارنة بمواقف غربية تعتبر متقدمة جدا.

وتوقع الحرمي أن تشكل القمة منعطفا مهما في الوعي العربي وستجعله يستشعر حجم المخاطر المحدقة والتي قد يتم التعاطي معها مستقبلا.

بيد أن المحللين يرون أن البيان الختامي لقمة الدوحة التي بحثت العدوان الإسرائيلي الذي استهدفها الأسبوع الماضي، جاء متقدما في قراراته لكنه لم يصل إلى ما كان مرجوا منه.

فقد نص البيان الختامي على أمور كثيرة منها إحالة مهمة التعامل مع هذا التغول الإسرائيلي إلى المجتمع الدولي وليس للدول التي شاركت في القمة، وهي واحدة من أكثر نقاط الضعف في البيان، كما يقول البرغوثي.

ورغم أنه لم يتجاوز ما كان متوقعا منه، فإن هذا البيان كان مهما وستكون له تأثيرات على إسرائيل، لأنه تجاوز غيره من البيانات السابقة، خصوصا فيما يتعلق بالحديث عن تفعيل الدفاع المشترك عربيا وخليجيا.

وعكس البيان قلق الجميع من مواصلة العدوان على غزة وتهويد الضفة الغربية، وتحدث ضمنا عن أن إسرائيل "أصبحت معروفة للجميع، وأنها ليست مستعدة لأي حل وسط مع الفلسطينيين أو العرب أو المسلمين".

لكن هذه القرارات تتطلب خطوات فعلية للرد على الموقف الأميركي الإسرائيلي الذي لم يتغير حتى اللحظة، كما يقول البرغوثي.

أما مكي، فقال إن البيان جيد ومتوقع، لكن كان بإمكانه إلزام الدول العربية والإسلامية بعدم استقبال أي فلسطينيين يتم تهجيرهم.

وحتى التحذير من تداعيات الضم "ليس كافيا ولا جديدا، لأن الوضع يتطلب خطوات وليس تحذيرات، خصوصا بعدما هدد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بضم الضفة ردا على الاعتراف الدولة الفلسطينية".

إعلان

ومع ذلك، فإن الحديث عن التفعيل الفوري للتعاون الدفاعي المشترك لمجلس التعاون الخليجي، يعتبر خطوة مهمة، برأي مكي، الذي استبعد إنهاء الحرب على غزة في ظل التشدد الأميركي الإسرائيلي.

التعويل على دول الخليج

ووفقا لعبيدي، فقد حاول البيان تبني مواقف متقدمة لكنه تناول أيضا أمورا تجاوزها الواقع كثيرا، وأصبح على كل دولة اتخاذ ما يمكنها من خطوات للرد على عربدة إسرائيل.

فمن الصعب جدا أن تتفق كل هذه الدول العربية والإسلامية على خطوات واحدة للرد على إسرائيل، بسبب المصالح المختلفة لكل منها، وهذا يجعل التحرك الفردي أكثر واقعية، برأي عبيدي.

ويمكن لدول الخليج تحديدا، الحديث مع الولايات المتحدة بلغة المصالح وإبلاغ دونالد ترامب -الذي استقبل بحفاوة بالغة في المنطقة- بأنه بات يضع مصالح بلاده في خطر بسبب دعمه المطلق لإسرائيل.

ومع تزايد الانزعاج الأوروبي عدم احترام أميركا وإسرائيل للقانون الدولي ومجلس الأمن، سيكون على دول الخليج اتخاذ مواقف مصلحية واضحة لمواجهة هذا التيار اليميني المتطرف الذي لن يتوقف بغياب نتنياهو أو ترامب، حسب عبيدي.

وأخيرا، قال الحرمي، إن الحديث عن تفعيل الدفاع الخليجي المشترك هذا اليوم "كان مهما جدا، وهو يعكس استشعار الخطر المحدق بالمنظومة الخليجية ككل وليس قطر وحدها".

0 تعليق