مؤسسة دولية تعنى بتعزيز البحث والتدريس حول طبيعة وأسباب وعواقب الإبادة الجماعية، وإعداد دراسات حول كيفية منعها، وتعمل بشكل مستقل وغير ربحي، وتضم العشرات من العلماء والباحثين الدوليين. وتعد الرابطة الأكبر عالميا من حيث عدد العلماء والمتخصصين في أبحاث الإبادة الجماعية حول العالم.
وفي مطلع سبتمبر/أيلول 2025 أقرت رئاسة الرابطة قرارا ينص على استيفاء المعايير القانونية لإثبات ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية في قطاع غزة.
جذور الفكرة
تبلورت فكرة إنشاء رابطة دولية تضم علماء الإبادة الجماعية في أوائل ثمانينيات القرن العشرين، عندما اتفقت مجموعة من الباحثين للبحث في مفهوم الإبادة الجماعية وكيفية الوقاية منها، ونشرت آنذاك الباحثة هيلين فين كتابها "محاسبة الإبادة الجماعية" عام 1979، في حين نشر الباحث ليو كوبر كتابه "الإبادة الجماعية" عام 1980.
وفي عام 1982، نظم الباحث إسرائيل تشارني مؤتمرا في مدينة القدس المحتلة حول التحليل المقارن للإبادة الجماعية بمشاركة العشرات من الباحثين.
وعلى خلفية مؤتمر تشارني، أسست الباحثة هيلين فين معهد دراسة الإبادة الجماعية في نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية.
في حين أسس البروفيسور غريغوري ستانتون مشروع الإبادة الجماعية الكمبودي، الذي انضم عام 1999 إلى منظمة مراقبة الإبادة الجماعية لتقديم نظام الخمير الحمر في كمبوديا إلى العدالة، بتهم ارتكاب جرائم إبادة راح ضحيتها حوالي مليوني شخص، حينما كان النظام يحاول تطبيق تصوره للشيوعية.
كما سعى غريغوري إلى إعداد دراسات حول المحارق التي تعرض له اليهود على يد النازية في ألمانيا.
وعلى خلفية ذلك، تعرض معهد تشارني ومشروع غريغوري لهجوم واسع من باحثين آخرين، وواجهوا ضغوطا مؤسسية من دول عدة لوقف دراساتهم.
" frameborder="0">
التأسيس الرسمي
دفعت تلك الضغوط الباحثين إسرائيل تشارني وهيلين فين وروبرت ميلسون وروجر سميث لعقد مؤتمر للتباحث في جرائم الإبادة الجماعية.
وعقد هذا المؤتمر عام 1994 في جامعة هومبولت ببرلين تحت عنوان "التذكير من أجل المستقبل"، بحضور حوالي 500 شخص من حول العالم.
وأثناء المؤتمر اجتمع العلماء الأربعة واتفقوا على إنشاء منظمة دولية تجمع تحت مظلتها الباحثين في مجال الإبادة الجماعية.
إعلان
ولإنجاح الفكرة عقد المجتمعون ورشات عدة، أعلنوا فيها تأسيس جمعية علماء الإبادة الجماعية، وعينت الباحثة هيلين فين رئيسة لها.
وفي عام 2001، أعادت الجمعية تسمية نفسها باسم الرابطة الدولية لعلماء الإبادة الجماعية، وأقرت تعيين مسؤول واحد على الأقل في الرابطة من خارج أميركا الشمالية، فضلا عن عقد مؤتمر منتظم كل سنتين.
وفي عام 2006، أطلقت الرابطة بالشراكة مع معهد زوريان في مدينة تورنتو بكندا مجلتها العلمية بعنوان "دراسات الإبادة الجماعية والوقاية منها".
الأهداف
وضعت الرابطة لنفسها أهدافا عدة تتمثل في التالي:
مناقشة البحوث والدراسات الخاصة بجرائم الإبادة الجماعية. إجراء دراسات حول كيفية منع جرائم الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها. إشراك الأكاديميين والناشطين والفنانين والصحفيين والقانونيين وصانعي السياسات العامة في دراسة الإبادة الجماعية بهدف الوقاية منها. البحث عن ناجين من جرائم الإبادة الجماعية وإعداد دراسات عنهم.الهيكلة
تتكون الرابطة الدولية لعلماء الإبادة الجماعية من الأجهزة التالية:
المجلس التنفيذيوهو أعلى سلطة في الرابطة، ويتألف من رئيس المجلس، وهو من يشرف على جميع أنشطة الرابطة بالتعاون مع أعضاء المجلسين التنفيذي والاستشاري، ومن النائب الأول والثاني للرئيس، والسكرتير وأمين الصندوق ومسؤول الاتصالات والإعلام الجديد وممثل للعلماء الناشئين.
وتبلغ مدة عضوية كل واحد من هؤلاء في المجلس التنفيذي سنتين، ويجوز انتخابه للمنصب نفسه لولاية ثانية متتالية.
المجلس الاستشاريويتكون هذا المجلس من 7 أعضاء منتخبين لمدة سنتين، على أن يكون أحدهم على الأقل باحثا ناشئا في مجال الإبادة الجماعية، ويعينهم المجلس التنفيذي في أجل شهرين من انتخابه، ولا يجوز إعادة انتخاب كل عضو في المجلس الاستشاري إلا مرة واحدة لفترتين متتاليتين.
لجنة القراراتويعينها الرئيس والمجلس التنفيذي، وتناط بها دراسة القرارات المقترحة على الرابطة لمراجعتها من حيث وضوحها اللغوي ودقتها التاريخية والواقعية.
لجنة العضويةوتناط بها مسؤولية استقطاب الأعضاء الجدد، وتتألف من النائب الثاني لرئيس الرابطة وعدد من الأعضاء، بما يعكس التنوع الجغرافي والجنسي والعرقي والتخصصي.

أبرز المؤتمرات
منذ الإعلان عن تأسيسها عام 1994، عقدت الرابطة عددا من المؤتمرات الدولية بشكل منتظم في العديد من بلدان العالم، وفي ما يلي المؤتمرات التي نظمتها إلى حدود 2023:
عام 1995: عقدت الرابطة مؤتمرها الأول في كلية ويليام وماري في ولاية فرجينيا بالولايات المتحدة، ووقعت اتفاقية شراكة مع معهد دراسة الإبادة الجماعية. عام 1997: عقدت الرابطة المؤتمر الثاني في جامعة كونكورديا في مدينة مونتريال الكندية. عام 1999: عقد المؤتمر الثالث في جامعة ويسكونسن بماديسون في الولايات المتحدة. عام 2001: عقدت الرابطة المؤتمر الرابع في جامعة مينيسوتا الأميركية. عام 2003: عقد المؤتمر الخامس بجامعة غالواي في أيرلندا بحضور 200 باحث، وكان الأول للرابطة خارج أميركا الشمالية. عام 2005: عقد المؤتمر السادس في جامعة فلوريدا أتلانتيك في ولاية فلوريدا بالولايات المتحدة. عام 2007: عقد المؤتمر السابع في مدينة سراييفو في البوسنة، وكان أول مؤتمر تعقده الرابطة في بلد شهد جريمة إبادة جماعية، وشارك في المؤتمر عدد من الناجين من الإبادة الجماعية في البوسنة. عام 2009: عقد المؤتمر الثامن في جامعة جورج ماسون شمال فرجينيا في الولايات المتحدة الأميركية. عام 2011: عقد المؤتمر التاسع في الجامعة الوطنية تريس فيبرير في مدينة بوينس آيرس في الأرجنتين. عام 2013: عقد المؤتمر العاشر في جامعتي سيينا وكينغستون في مدينة سيينا الإيطالية. عام 2014: عقد المؤتمر الـ11 في كندا، وركز على الإبادة الجماعية للأميركيين الأصليين وعقد جلسات لهم. عام 2015: عقد المؤتمر الـ12 في مدينة يريفان الأرمنية. عام 2017: عقدت الرابطة مؤتمرها الـ13 في أستراليا، وبحث الممارسات اللاإنسانية التي ارتكبت ضد المواطنين الأصليين. عام 2019: عقدت الرابطة المؤتمر الـ14 في كمبوديا، وبحث جرائم الإبادة الجماعية التي وقعت في قارة آسيا، وكان هذا المؤتمر الأول الذي تعقده في هذه القارة. عام 2021: عقد المؤتمر الـ15 في إسبانيا، وركز على كيفية منع الإبادة الجماعية في العصر الرقمي. عام 2023: عقد المؤتمر الـ16 في مدينة برشلونة الإسبانية.إعلان
" frameborder="0">
جوائز الرابطة
تمنح الرابطة بالتزامن مع مؤتمرها، الذي يعقد مرة كل عامين، العديد من الجوائز في مجال مكافحة الإبادة الجماعية، وهذه الجوائز هي:
جائزة الباحث الناشئ: ويترشح لها الباحثون في جرائم الإبادة الجماعية.
جائزة المنح الدراسية المشاركة: ويترشح لها أعضاء الرابطة ممن يجمعون بين البحث العلمي المتميز والانخراط في التوعية بالإبادة الجماعية ومنعها.
جائزة الإنجاز مدى الحياة: ويترشح لها أعضاء الرابطة الذين يمتلكون سجلا حافلا بالإنجازات العلمية في مجال دراسات الإبادة الجماعية.
جائزة الفنون: ويترشح لها الفنانون الذين كان لهم دور في تعميق فهم الناس للإبادة الجماعية.
سبل اتخاذ القرار
وتتطلب القرارات التي تلزم الرابطة باتخاذ موقف بشأن قضية عامة أغلبية ثلثي المصوتين، وذلك في اجتماع الأعمال الذي يعقد كل عامين أو عبر البريد الإلكتروني.
ولإقرار أي قرار مقترح، يجب أن يكون النصاب القانوني للتصويت 20% زائد 1 من أعضاء الرابطة المسددين لاشتراكاتهم وقت التصويت.
وبحسب لوائح الرابطة، يجوز لأي عضو فيها اقتراح قرارات تتعلق بشكل مباشر بالإبادة الجماعية أو غيرها من الفظائع الجماعية، بما في ذلك العلامات التحذيرية المبكرة حولها.
وتعرض القرارات المقترحة على لجنة القرارات التي توصي المجلس التنفيذي والمجلس الاستشاري بإحالتها أو لا إلى أعضاء الرابطة للتصويت عليها.
ويبدأ التصويت على القرارات عبر البريد الإلكتروني فور تقديمها للأعضاء، ويغلق التصويت بعد 30 يوما، لإعلان النتائج.
وقد أقرت الرابطة العديد من القرارات التي أدانت فيها جرائم إبادة جماعية وانتهاكات ضد حقوق الإنسان في عدد من الدول، مثل جرائم القتل والاغتصاب والترحيل القسري التي ارتكبت في حق أقلية الروهينغا المسلمة في ميانمار، وانتهاكات الصين بحق مسلمي الإيغور، والانتهاكات التي ارتكبت في إقليم دارفور غربي السودان، والحرب الروسية الأوكرانية.
" frameborder="0">
إدانة إسرائيل
أقرت الرابطة في مطلع سبتمبر/أيلول 2025 قرارا ينص على استيفاء المعايير القانونية لإثبات ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية في قطاع غزة.
ونص القرار، الذي أيده 86% من المصوتين من بين 500 عضو في الرابطة الدولية، على أن سياسات إسرائيل وأفعالها في غزة تفي بالتعريف القانوني للإبادة الجماعية المنصوص عليه في المادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها عام 1948.
وذكرت الرابطة أن الحكومة الإسرائيلية انخرطت منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 في جرائم ممنهجة واسعة النطاق ضد الإنسانية وجرائم حرب وإبادة جماعية، بما في ذلك هجمات عشوائية ضد المدنيين والبنية التحتية المدنية التي تشمل المستشفيات والمنازل والمباني التجارية وغيرها، فضلا عن جرائم التعذيب والحرمان من الطعام والمياه.
كما أن الجيش الإسرائيلي قتل أو جرح أكثر من 50 ألف طفل، وذلك ما يعد عاملا من عوامل الإبادة الجماعية، إضافة إلى مهاجمة عمال الإغاثة والطواقم الطبية والصحفيين.
وقال التقرير إن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية منع الإبادة الجماعية من خلال الوفاء بالتزاماته بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
وفي اليوم ذاته رحبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بقرار الرابطة، كما أشاد به المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، قائلا إنه يعزز الأدلة أمام المحاكم الدولية.
0 تعليق