سحبت إسرائيل مستوطنيها وجنودها من غزة عام 2005، لكنها احتفظت بالسيطرة على حدودها وسواحلها ومجالها الجوي.
Published On 18/9/202518/9/2025
|آخر تحديث: 17:27 (توقيت مكة)آخر تحديث: 17:27 (توقيت مكة)
في سبتمبر/أيلول 2005، أنهت إسرائيل وجودها الاستيطاني والعسكري داخل قطاع غزة بعد نحو 38 عاما من الاحتلال المباشر، عبر خطة "فك الارتباط" التي أطلقها رئيس الوزراء الأسبق أرييل شارون. ورغم انسحابها من داخل القطاع، فإنها أبقت سيطرتها المحكمة على حدوده البرية والبحرية والجوية، لتستمر الهيمنة بأشكال أخرى.

في هذا التقرير، نستعرض العوامل التي دفعت رئيس الوزراء الأسبق أرييل شارون إلى إطلاق خطة "فك الارتباط"، ونرسم خريطة توضح مواقع المستوطنات الإسرائيلية الـ21 التي فُككت داخل القطاع، ونبين كيف مهد انسحاب غزة الطريق لتسارع وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
انسحاب تاريخي.. دون سيادة فلسطينية
بدأت القوات الإسرائيلية في 15 أغسطس/آب 2005 عملية إخلاء المستوطنات، لتُفرغ خلال أسبوع 21 مستوطنة من نحو 8 آلاف مستوطن. وفي 12 سبتمبر/أيلول من العام نفسه، غادرت آخر الدبابات والآليات العسكرية عبر معبري القرارة (كيسوفيم) وبيت حانون (إيريز)، معلنة نهاية الوجود العسكري المباشر.
" frameborder="0">
ورغم أن الخطوة وُصفت حينها بـ"التاريخية"، فإنها لم تحقق للفلسطينيين السيادة المنشودة، إذ واصلت إسرائيل إحكام حصارها على غزة، عبر تقييد الحركة من وإلى القطاع، وفرض قيود على الصيد، والتحكم في المجال الجوي.
لماذا قرر شارون الانسحاب من غزة؟
رغم كونه أحد أبرز مهندسي الاستيطان، تبنى شارون فكرة الانسحاب مطلع الألفية الثانية، خصوصا مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية (2000-2005). وتعددت دوافعه:
الكلفة الأمنية العالية لحماية بؤر استيطانية معزولة وسط 1.3 مليون فلسطيني. الاعتبارات الديمغرافية وصعوبة فرض السيطرة على سكان غزة. تركيز الاستيطان في الضفة الغربية، حيث المستوطنات الأكبر والأكثر إستراتيجية.وفي ديسمبر/كانون الأول 2003، أعلن رسميا خطته المسماة بالعبرية "هتنتكوت" (الانفصال/ فك الارتباط)، قبل أن يقرها الكنيست في أكتوبر/تشرين الأول 2004. مما مهد الطريق لتفكيك 21 مستوطنة في غزة و4 مستوطنات في شمال الضفة الغربية عام 2005.
خط زمني لانسحاب غزة
6 يونيو/حزيران 2004: الحكومة الإسرائيلية تصوت لصالح خطة شارون. 16 فبراير/شباط 2005: الكنيست يقر "قانون فك الارتباط" لتنظيم الإخلاء والتعويضات. 15 أغسطس/آب 2005: بدء تفكيك المستوطنات وإجلاء المستوطنين. 22 أغسطس/آب 2005: إخلاء آخر المستوطنات داخل غزة. 23-24 أغسطس/آب 2005: تكرار العملية في 4 مستوطنات شمال الضفة الغربية. 12 سبتمبر/أيلول 2005: انسحاب آخر جندي إسرائيلي من القطاع.أين كانت المستوطنات الـ21 داخل غزة؟
بعد حرب يونيو/حزيران 1967، التي احتلت خلالها إسرائيل قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية والجولان وسيناء، بدأت القوات الإسرائيلية بناء المستوطنات على أراضي الفلسطينيين.
كفار داروم: أول مستوطنة أقيمت عام 1970 لتكون نقطة عسكرية زراعية، قبل أن تتحول لاحقا إلى مستوطنة مدنية. غوش قطيف: أكبر تجمع استيطاني داخل غزة، ضم عدة مستوطنات جنوب القطاع، خاصة في محافظتي خان يونس ورفح. نتساريم: مستوطنة رئيسية إلى الجنوب من مدينة غزة. مستوطنات أخرى أقيمت شمال القطاع. موراغ: إحدى أبرز المستوطنات الكبرى التي ارتبط اسمها بممرات عسكرية إسرائيلية.ورغم أن المستوطنين مثلوا 0.6% فقط من سكان قطاع غزة، فإنهم سيطروا على 20% من مساحته، مما فرض قيودا خانقة على حركة 1.3 مليون فلسطيني آنذاك.
كما كانت هذه المستوطنات محاطة بمناطق عازلة محصنة، وحُميت بقوات عسكرية كبيرة، مما جعلها عبئا أمنيا دائما على الجيش الإسرائيلي.
من غزة إلى الضفة.. تسارع الاستيطان
بينما تفككت مستوطنات غزة، شهدت الضفة الغربية والقدس الشرقية توسعا استيطانيا غير مسبوق.
واليوم، يعيش ما بين 600 ألف و750 ألف مستوطن إسرائيلي في أكثر من 250 مستوطنة وبؤرة استيطانية. وكثير من هذه المستوطنات توسعت، في حين أُنشئت بؤر جديدة على نقاط إستراتيجية للتحكم في الطرق والتلال ومصادر المياه، بما يقيد الفلسطينيين ويمنع تواصلهم الجغرافي.
وفي أغسطس/آب 2025، أعلن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش المصادقة على بناء نحو 3400 وحدة استيطانية جديدة في منطقة "إي 1" (E1) بين القدس ومستوطنة "معاليه أدوميم".
وتمثل المنطقة "إي 1" إحدى آخر الروابط الجغرافية بين رام الله وبيت لحم، وأي توسع فيها يقوّض إمكانية قيام دولة فلسطينية متصلة جغرافيا.
وبعد 20 عاما من انسحاب إسرائيل من داخل غزة، تكشف خرائط المستوطنات الـ21 التي أُزيلت كيف أُعيد تشكيل المشهد الجغرافي والسياسي: انسحاب من الداخل، مقابل إحكام الحصار من الخارج، وتفكيك مؤقت في غزة، مقابل تمدد متسارع في الضفة الغربية.
خطوة وُصفت بـ"التاريخية" عام 2005، تحولت إلى محطة رسخت الاحتلال بأدوات جديدة، وأطلقت يد المشروع الاستيطاني الإسرائيلي في عمق الضفة الغربية على نحو غير مسبوق.
المصدر: الجزيرة
0 تعليق