عرض كتاب.. التهديدات الإسرائيلية للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عمّان– يرصد مؤلَّف أصدرته اللجنة الملكية لشؤون القدس في عمّان بعنوان "التهديدات الإسرائيلية للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس" تسلسل سياسة ممنهجة تمارسها السلطة القائمة بالاحتلال على أهلنا في القدس وكامل الأراضي الفلسطينية المحتلة بهدف إيجاد مناخ سياسي واقتصادي واجتماعي تصعب معه الحياة ويسهل تنفيذ مخططاتها.

ويوثق الكتاب، الذي أعده مدير الأبحاث والدراسات في اللجنة الملكية لشؤون القدس الباحث الدكتور نصر محمود الشقيرات، أبرز الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى وباقي المقدسات منذ 1967 بدخول المسجد الأقصى ورفع العلم الإسرائيلي فيه وهدم حارة المغاربة، وحتى عام 2020 بتركيب سماعات ومجسات على السور الشمالي والغربي للمسجد الأقصى المبارك وزيادة ساعات اقتحام المستوطنين.

ويركز المؤلف على التحول في الاعتقاد والمزاعم الدينية اليهودية، حيث توقف العمل في الفتوى اليهودية التي أصدرها الحاخام إبراهام يستحاق كوك بتحريم دخول اليهود إلى المسجد الأقصى أو الصلاة فيه حتى إقامة ما يسمى الهيكل أو المعبد، وتكرر التأكيد عليها مع إضافة بند يتضمن منع غير اليهود من دخوله أيضا، لكن المسلمين رفضوا الفتوى التي تخالف هوية المسجد الأقصى المبارك الحضارية العربية الإسلامية.

وكشف عن صدور فتوى عام 1996 للحاخامات تطالب اليهود باقتحام المسجد الأقصى بذريعة زيارة ما يسمى زيْفا "جبل الهيكل" تلاها فتاوى أخرى من الحاخامات الذين يسكنون مستعمرات الضفة الغربية والقدس المحتلتين تشجع على مواصلة الاقتحامات، بل إن الحاخامات أنفسهم يشاركون ويقيمون الطقوس والصلوات التلمودية بذريعة الاحتفال بالأعياد كعيد العُرش أو سوكوت.

خطر اتفاق أبراهام

وفي تقديمه، يرى الأمين العام للجنة الملكية لشؤون القدس عبد الله توفيق كنعان أن القضية الفلسطينية وجوهرها مدينة القدس هي الأبرز والأهم سياسيا ودبلوماسيا عربيا وإسلاميا وعالميا باعتبارها مفتاح السلام في المنطقة والعالم، وقال إن خصوصية الموقف الأردني تجاه قضية فلسطين تستند للروابط الوثيقة التاريخية والقومية والدينية، وهي الأسس التي بنيت عليها الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.

إعلان

وأكد كنعان على أن الأردن بقيادته الهاشمية سيبقى للأبد لفلسطين وعاصمتها القدس الشرقية مهما بلغت التضحيات وكان الثمن.

وفي تقديمه، حذر أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس من مشروع "اتفاق أبراهام" ووصفه بأنه مشروع سياسي بلباس ديني تحاول من خلاله الحركة الصهيونية وإسرائيل بدعم من الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب إقناع العالم بشرعية وجود "إسرائيل" في فلسطين التاريخية وإيجاد أمر واقع جديد وتاريخ مزيف لإسرائيل في فلسطين والقدس موصولا بسيدنا إبراهيم عليه السلام أبي الأنبياء.

ووفق رؤيته، فإنه خداع سياسي بذريعة التسامح والتعايش الديني وفكرة القيم الأخلاقية المشتركة المقدسة والجامعة للإنسانية، ومحاولة دبلوماسية للترويج لفكرة السلام مقابل السلام بدلا من السلام مقابل الأرض.

وتطرق كنعان للحديث عن الحفريات والتنقيب حول وتحت المسجد الأقصى المبارك وما تقوم به المنظمات والجماعات اليهودية المتطرفة من تهديد المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس، ومواجهة التهديد الثقافي والفكري المتمثل بمحاولة الترويج للروايات والأقوال التي تشكك في موقع المسجد الأقصى بمدينة القدس.

وقال إن التهديدات التي تتعرض لها المقدسات تتطلب إعادة قراءة المشهد السياسي وفهمه وتحليله بدقة، وبيان صلته ببنية فكر الحركة الصهيونية الدينية السياسية، والبحث المستمر عن الخطط والبرامج أمر ضروري، إذ به يستطيع الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية توحيد الجبهة الداخلية سياسيا واقتصاديا وثقافيا للتأثير على الرأي العام الدولي، وتوجيهه نحو الضغط على حكومات وإدارات بلاده من أجل إعادة النظر في قراراتها ومواقفها التي يعزز بعضها بتأييدها لإسرائيل بالظلم وانتهاك الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني، ويجعل مبدأ السلام والتعايش في خطر.

ومن وجهة نظره فإن الاعتداءات الإسرائيلية تعتبر سلاحا خطيرا يهدد الهوية الحضارية العربية الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس، ويجعلها عرضة لمخططات الطمس والتزوير والتغيير ودعم الرواية التلمودية المضللة التي ابتدعتها الحركة الصهيونية منذ مؤتمر بال عام 1897 لتنفيذ مشروعها السياسي بإقامة الدولة اليهودية العنصرية على أرض عربية احتلتها بالقوة.

هدم منزل عائلة الحلواني في بيت حنينا بالقدس المحتلة، المصدر: شبكة العاصمة
جيش الاحتلال يكثف عمليات الهدم شرقي القدس لإجبار الفلسطينيين على مغادرة المدينة المقدسة بشكل قسري (مواقع التواصل)

تفريغ الأرض

ووفق الكتاب، تنوعت أساليب إسرائيل "السلطة القائمة بالاحتلال" في تفريغ الأراضي الفلسطينية وتهويدها، منها على سبيل المثال لا الحصر:

البقاء خارج فلسطين المحتلة ومن ضمنها القدس 7 سنوات على الأقل. الحصول على إذن إقامة دائمة في دولة أخرى. الحصول على جنسية دولة أخرى بطريقة التجنيس.

ويلاحظ أن إسرائيل طبقت إجراء سحب الهويات في حالات إلغاء حق الإقامة للأشخاص الذين يقيمون خارج حدود بلدية القدس، والاحتيال في قضايا "جمع الشمل" حيث يتم شطب الإقامة للمتزوجات بحجة إقامة الزوج خارج مدينة القدس، كما اشترطت حكومة بنيامين نتنياهو على الراغبين في السفر من المقدسيين وثيقة مرور يجب تجديدها باستمرار، ولكنها أوقفت التجديد وسحبت الهوية بشكل استفزازي وغير قانوني.

إعلان

وحسب "التهديدات الإسرائيلية للمقدسات" فإن سلطة الاحتلال جعلت من الإبعاد عن المسجد الأقصى الذي تراوحت مدته ما بين يومين و6 أشهر متضمنا عدم التواصل مع بعض الأشخاص شرطا للإفراج عن بعض المقدسيين، وهو انتهاك وابتزاز لا ينسجم مع القوانين والشرائع الدولية، كما تمنع من تصدر بحقهم أحكام من عقد لقاءات أو مقابلات تلفزيونية أو إذاعية أو صحفية في محاولة من المحتل لتضليل الرأي العام وتغييبه عمّا يحدث داخل فلسطين والقدس من انتهاكات.

ولم يقتصر الإبعاد على المقدسيين والمقدسيات، ففي عام 2020 تم إبعاد رئيس لجنة رعاية المقابر الإسلامية مصطفى أبو زهرة ومحافظ القدس عدنان غيث لمدة 6 أشهر، وتظهر بيانات إحصائية أنه صدر خلال عام ما مجموعه 326 قرارا بالإبعاد عن المسجد الأقصى والبلدة القديمة ومدينة القدس تشمل نساء وأطفالا وشيوخا.

مقبرة مأمن الله
مقبرة مأمن الله الإسلامية سعت إسرائيل إلى طمس معالمها وإقامة مشاريع عدة فوق قبورها (الصحافة الفلسطينية)

المقدسات في خطر

كما شملت الاعتداءات الإسرائيلية مقدسات إسلامية أخرى كمقبرة مأمن الله التي تحولت إلى حديقة أسمتها السلطة المحتلة "حديقة الاستقلال" ولم يتبق منها إلا 10 دونمات، وتم هدم مسجد البراق والمطحنة وحارة اليهود والمدرسة العثمانية.

ولم يسلم المسيحيون ومقدساتهم من مخططات المحتل، بل تعرضت لهجمة شرسة شملت التضييق على أنشطتهم الاقتصادية والثقافية، ممّا دفع الكثيرين منهم للهجرة خارج فلسطين، فقد تعرضت كنيسة القديس يوحنا المعمدانية في عين كارم لتحطيم أبوابها وسرقة محتوياتها وعرضها في المتاحف الإسرائيلية كـ"سرقة ثقافية" وتحويل كنيسة مارجرجس للروم الأرثوذكس في حي الشماعة إلى بناية سكنية، والاعتداء على رهبان كنيسة القيامة ودير الروم الأرثوذكس وسرقة المحتويات.

أما في كنيسة القيامة -كما جاء في الكتاب- فقد حاولوا حرقها، وتم تحطيم الصليب الأثري والأواني المقدسة ومنع الاحتفال بسبت النور وسرقة المجوهرات الموضوعة على تمثال العذراء، وفي دير السلطان تم الاعتداء على الرهبان وتسليم مفتاح الدير إلى الأحباش بعد أخذه من الأقباط لإثارة الفتنة وخلافات دينية حول ملكية الدير.

ومن الاعتداءات أيضا تم تدنيس كنيسة القديس جوجيوس في بركة السلطان بالقدس وتحويلها إلى ناد ليلي، وحرق كنيسة المعمدانية ومكتبتها القيمة، ورفض جيش الاحتلال إعادة بنائها، وتفجير قنبلة يدوية أمام باب دير الراهبات الروم الأرثوذكس، وهدم كنيسة دير اللاتين الأرثوذكس، كما قتل اليهود الراهب اللاتيني في كنيسة الشياح في جبل الزيتون، والقائمة تطول.

كما شملت الاعتداءات الإسرائيلية مصادرة ممتلكات وحرق وهدم كنائس، وكتابة شعارات وعبارات مسيئة على جدرانها، مدعومة بقرارات من المحاكم الإسرائيلية بهدف التضييق على أهلنا في فلسطين والقدس من مسلمين ومسيحيين من أجل تهجيرهم وإقامة ما يسمى "إسرائيل الكبرى".

شبكات من الطرق الالتفافية والاستراتيجية يجري شقها لربط منطقة تل أبيب الكبرى والقدس بالمستوطنات المنتشرة في قلب الضفة الغربية، في خطوة تهدف إلى تعزيز التواصل الجغرافي للمشروع الاستيطاني وتكريسه كجزء لا ينفصل عن البنية التحتية الإسرائيلية مكتب الصحافة الحكومي
شبكات طرق استراتيجية يجري شقها لربط منطقة تل أبيب الكبرى والقدس بالمستوطنات المنتشرة بالضفة المحتلة (الصحافة الإسرائيلية)

سيطرة بذريعة المنفعة العامة

وكشف الكتاب أن سلطات الاحتلال استملكت 1180 دونما من أراضي القدس تحت ستار المنفعة العامة، منها 100 دونم تحيط بأسوار مدينة القدس القديمة، واليوم تزداد شراسة الهجمة التهويدية للاستيلاء والاستملاك لتهويد كامل القدس.

وتحدث عن قانون يمنح مستوطنات الضفة المحتلة امتيازات ضريبية بزعم كونها مناطق مهددة بالخطر، وآخر يدعى "قانون تسوية الأراضي" هدفه تسوية التوطين والسماح باستمرار تعزيزه وتطويره لابتلاع المزيد من الأراضي.

كما تحدث الكتاب عن الحفريات والمشاريع الاستيطانية، فأوضح أن هدفها طمس معالم الحضارة الكنعانية وطبقات تاريخ فلسطين في العصور القديمة، وتعريض الآثار والتراث الحضاري العربي الإسلامي والمسيحي للخطر، بخاصة تعرضه للتشققات والتصدعات والانهيارات المفاجئة لإقامة المشاريع التهويدية كمشروع "التليفريك" وغيره، وتقديم مدينة القدس على أنها يهودية التاريخ والآثار والتراث، وأنها عاصمة ما يسمى "إسرائيل التاريخية والحالية".

باب السلسلة، البلدة القديمة بالقدس المحتلة مجموعة من المرابطات تهتف بالتكبير أمام قوات الاحتلال منددين بالاقتحام الكبير للأقصى
مجموعة من المرابطات تهتف بالتكبير أمام قوات الاحتلال في طريق باب السلسلة بالبلدة القديمة في القدس (الجزيرة)

المرابطات في المسجد الأقصى

وأمام سياسة الاقتحامات التهويدية الخطيرة، تطرق الكتاب إلى تجارب المقدسيين في المواجهة، حيث نشطت سياسة الرباط في المسجد الأقصى المبارك وسط النساء والرجال، بحيث يستمر الوجود الشعبي الفلسطيني والمقدسي داخل الحرم القدسي رغم إجراءات الاعتقال والإبعاد ضد المرابطين واستخدام القوة المفرطة تجاه المقدسيين العزل من قِبل رموز المحتل، كما حررت مخالفات ضد المصلين تراوحت قيمتها بين 500 و5000 شيكل (الدولار يساوي 3.35 شيكل) مستغلة جائحة كورونا (عام 2020) بحجة عدم الالتزام بقواعد الصحة العامة.

إعلان

ومن المرابطات، وأغلبهن مقدسيات عشقن المسجد الأقصى وكرسنّ حياتهن للدفاع عنه وحمايته من اقتحامات المستعمرين رغم ما تعرضنّ له من مضايقات واعتقالات وإبعاد وملاحقات، مثل المرابطة المقدسية هنادي حلواني التي نذرت نفسها لخدمة المسجد الشريف وتدريس العلم في ساحاته، ونهلة صيام وبيان الجعبة، وبراءة غزاوي التي تعرضت لعمليات اعتقال من قِبل جنود الاحتلال، وزينة عمرو التي تعرضت للإبعاد عن المسجد الأقصى، وخديجة خويص وسحر النتشة وسميحة شاهين وأم إيهاب الجلاّد.

خلاصات

وخلصت اللجنة الملكية لشؤون القدس في مؤلفها لنتائج عدة من أبرزها:

ضرورة توفير الدعم والمساندة العربية والإسلامية والعالمية المباشرة لأهل فلسطين والقدس لتمكينهم من الصمود والرباط في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. دعم الأردن ليتمكن من القيام بواجبه، خاصة وأنه يتحمل أعباء مالية في مجال الإعمار ودعم الثقافة والصحة والتعليم والاقتصاد وغيرها في فلسطين والقدس. ضرورة وحدة الصف الفلسطيني ونبذ الانقسامات والخلافات، وتوجيه البوصلة الفلسطينية الموحدة تجاه مواجهة الاحتلال، وإعادة الأرض إلى أصحابها. على المستوى الشعبي، تنسيق الجهود البرلمانية والنقابية والشبابية العربية والإسلامية والعالمية من أجل تشكيل جبهة قوية داعمة للحق العربي في فلسطين والقدس.

وأما عن "التهديدات الإسرائيلية للمقدسات" -وفق الكتاب- تبقى الوصاية التاريخية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية الضمان والسبيل للحفاظ على الوضع التاريخي القائم "الستاتيكو" ممّا يساهم في الحفاظ على الأمن والسلام العالمي.

بطاقة الكتاب

اسم الكتاب: التهديدات الإسرائيلية للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس إعداد: دكتور نصر محمود شقيرات مراجعة: عبد الله توفيق كنعان جهة الإصدار: منشورات اللجنة الملكية لشؤون القدس سنة الإصدار: 2021 عدد الصفحات: 127 صفحة من القطع المتوسط

0 تعليق