لماذا لم تتخذ إيران خطوة تمنع تفعيل "آلية الزناد"؟ - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

طهران – في سباق مع الزمن، تدخل الدبلوماسية الإيرانية أيامها الحاسمة قبل أقل من أسبوعين من الموعد المقرر لتفعيل الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) "آلية الزناد" القاضية بإعادة العقوبات الدولية على طهران، مما يطرح تساؤلا في الأوساط الإيرانية: هل سيتمكّن المسار السياسي من تفادي أسوأ السيناريوهات، أم أن المنطقة مقبلة على موجة جديدة من التصعيد؟

ومع بدء الترويكا الأوروبية مسارا زمنيا ينتهي آخر الشهر الجاري لإعادة العقوبات على إيران إذا لم تستجب الأخيرة لعدة شروط -بما فيها استئناف المفاوضات مع واشنطن بشأن البرنامج النووي، والسماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول إلى مواقع طهران النووية، وكشف مصير أكثر من 400 كيلوغرام من اليورانيوم العالي التخصيب- حاولت طهران احتواء التصعيد عبر الاتفاق مع الوكالة الذرية الأسبوع الماضي بوساطة مصرية.

وتعتقد شريحة من الأوساط الإيرانية -التي تنتقد الوكالة الذرية لعدم إدانتها قصف إسرائيل والولايات المتحدة منشآت بلدهم النووية- أن اتفاق طهران مع الوكالة الأممية خطوة قد تضع المبادرة بخصوص آلية الزناد بيد الجانب الأوروبي، مما يرفع من حساسية الإيرانيين تجاه التحركات الدبلوماسية بين طهران وعواصم الترويكا الأوروبية.

نبرة حادة

في غضون ذلك، حذّرت الترويكا الأوروبية، أول أمس الأربعاء، طهران من أنها بصدد العودة لتفعيل آلية الزناد ما لم يتم السماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة بالعودة للعمل في المنشآت الحساسة التي تم قصفها، ومعالجة مشكلة مخزونها من اليورانيوم المرتفع التخصيب، وذلك في مباحثات هاتفية بين وزراء خارجية الدول الأوروبية الثلاث ونظيرهم الإيراني.

ويقرأ مراقبون إيرانيون في النبرة الأوروبية الأخيرة مؤشرا على عزمها تفعيل آلية استعادة العقوبات، وينتقدون دبلوماسية بلادهم للاتفاق مع الوكالة الذرية، وغض البصر عن القانون الذي أقره البرلمان الإيراني الذي يمنع التعاون مع الوكالة الأممية بعد أن أثبتت انحيازها للجانب المعتدي على المنشآت النووية الإيرانية.

إعلان

وفي السياق، يقول رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي "كانت الدول الأوروبية تعلن تعاون إيران مع الوكالة كأحد شروطها الرئيسية، لكن منذ اتفاق القاهرة شاهدنا مواقف جديدة وأكثر حدة منها".

وعلقت صحيفة "تجارت نيوز" الناطقة بالفارسية على موقف إسلامي، وكتبت "المواقف التي يشير إليها إسلامي تم التعبير عنها بلهجة أكثر حدة ووضوحا من وزير الخارجية الأميركي  ماركو روبيو في مؤتمره الصحفي المشترك الأخير مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة.

ووفقا للصحيفة، فإن روبيو اعتبر أن تهديد إيران لا يقتصر على إسرائيل فحسب، بل امتد إلى أوروبا، مؤكدا عزم واشنطن مواصلة سياسة الضغوط القصوى على طهران بذريعة امتلاك الأخيرة صواريخ بعيدة المدى يمكنها تهديد استقرار المنطقة الخليجية وأوروبا، مضيفا "نشجع حلفاءنا الأوروبيين على فرض عقوبات على إيران".

People walk past a billboard with a picture of nuclear scientists killed in Israeli strikes and Iranian centrifuges, on a street in Tehran, Iran August 29, 2025. Majid Asgaripour/WANA (West Asia News Agency) via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS PICTURE WAS PROVIDED BY A THIRD PARTY
لوحة إعلانية عليها صورة علماء نوويين قُتلوا في غارات إسرائيلية وأجهزة طرد مركزي إيرانية (رويترز)

آلية للضغط

من ناحيتها، حذَّرت صحيفة "كيهان"، المقربة من مكتب المرشد الأعلى علي خامنئي، من مغبة الرضوخ للمطالب الأوروبية بتمديد مهلة آلية الزناد، موضحة أن تجربة السنوات الأخيرة تظهر أن أوروبا لا تملك القدرة على لعب دور مستقل، ولا إرادة إلا لاتباع أميركا، وبذلك فإن تمديد الآلية يعزز فقط أرضية جديدة للضغط وتصاعد التهديدات بحق إيران.

وتحت عنوان "اتفاق القاهرة جعل الطرف الأوروبي أكثر وقاحة"، اعتبرت الصحيفة في افتتاحيتها أن تمديد القرار الأممي 2231، الذي وضع إطارا قانونيا للاتفاق الذي توصلت إليه إيران والقوى الكبرى، خطأ إستراتيجي آخر لن يحقق أي مكاسب ملموسة لإيران، بل ستكون له عواقب وخيمة.

وحذَّرت من أن تمديد القرار سيعني استمرار التهديد، واحتفاظ الطرف المقابل بالأدوات القانونية لممارسة المزيد من الضغوط على طهران من بوابة ملفها النووي.

ورغم أن شريحة ثانية من الإيرانيين سبق أن تفاءلت بنتائج اتفاق القاهرة والمباحثات المتواصلة بين طهران والترويكا الأوروبية، مستندة في تحليلها إلى ما ورد في بيان المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني وتصريحات وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بشأن التزام إيران بالعمل الرقابي للوكالة الذرية على برنامج طهران النووي، فإن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكد أمس الخميس أن عقوبات الأمم المتحدة على إيران ستفعّل بنهاية سبتمبر/أيلول الحالي.

وأضاف ماكرون في مقابلة مع القناة الـ12 الإسرائيلية "طهران ليست جادة في محادثاتها النووية مع القوى الأوروبية لتجنب ذلك"، وتابع "لا نقلل على الإطلاق من خطر القنبلة النووية في إيران، لكن أيضا القدرات الباليستية وزعزعة الاستقرار الإقليمي من قبل إيران، لأن الإيرانيين غير واضحين ولا يقدمون التزاما واضحا بهذا الشأن".

وتعليقا على تصريحات ماكرون، كشف الوزير عراقجي عن تقديم بلاده الأربعاء الماضي "اقتراحا منطقيا وقابلا للتنفيذ إلى نظرائه الأوروبيين في الترويكا الأوروبية لتجنب أزمة غير ضرورية يمكن تفاديها في الأيام المقبلة، لكنها اصطدمت بمجموعة من الأعذار والمماطلات".

إعلان

وفي منشور على منصة إكس، عبّر عراقجي عن ارتياحه "لأن الرئيس ماكرون اعترف بأن المقترح المقدم كان منطقيا"، مطالبا مجلس الأمن الدولي بالتدخل و"تفضيل الدبلوماسية على المواجهة"، وأضاف "الطريق أمامنا واضح، لكن إيران لا يمكنها أن تكون اللاعب المسؤول الوحيد" في المف النووي.

" frameborder="0">

العقوبات واقعة

في غضون ذلك، يعتزم مجلس الأمن اليوم الجمعة التصويت على مشروع قرار لإعادة فرض العقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي بعدما فعّلت الترويكا "آلية الزناد" المنصوص عليها في اتفاق 2015، ويكاد يجمع الإيرانيون على أن نتيجة التصويت واضحة لأنه لا يحق لأي من أعضاء المجلس استخدام حق النقض (الفيتو) لمنعه.

وبذلك، ستدخل آلية استعادة العقوبات الأممية على طهران حيز التنفيذ بعد نحو 10 أيام، مما يعني في إيران إغلاق المسار الدبلوماسي لتسوية الملف النووي وفقا لما تعهدت به من قبل بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، لكن لا يخفى على المجتمع الإيراني هذه المرة خطورة مواجهة المجتمع الدولي.

عرض 11 طائرة مسيرة للولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا أسقطتها إيران
طائرات مسيّرة للولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا أسقطتها إيران (الأناضول)

مواجهة محتملة

من جانبه، قال الكاتب السياسي صلاح الدين خديو، في مقال نشره على قناته على تليغرام، إن "إضفاء الطابع القانوني على هيكل العقوبات ضد إيران قد يوفر ذريعة لإسرائيل للقيام بمغامرة عسكرية ضد طهران من جديد"، موضحا أن هذا الخطر سيشتد عندما نرى أن إدارة ترامب كانت الداعم الرئيسي والأساسي الوحيد تقريبا للحكومة الإسرائيلية المتطرفة في حروبها بما في ذلك العدوان المستمر على قطاع غزة.

وتساءل "لماذا لم تتخذ إيران إجراء ذا معنى لمنع تفعيل آلية استعادة العقوبات؟"، لكنه في الوقت نفسه يرجع السبب إلى أن "أحد شروط الترويكا الأوروبية لمنع تفعيل الآلية هو إحياء المفاوضات مع أميركا دون قيد أو شرط وبسرعة"، مؤكدا أنه مع جدول الأعمال الذي حددته واشنطن، لم يبق عمليا مجال لإيران لمنح تنازلات في موضوع التخصيب.

وأضاف خديو في مقاله "البيت الأبيض وضع إصبعه على مدى وقدرة الصواريخ الإيرانية"، وأن اللعب بهذا الإطار بالنسبة لإيران هو محصلة صفر، ومن الطبيعي ألا تريد طهران حرق أوراقها فيه.

وفي حال تفعيل آلية الزناد علی الأرجح ستنفذ طهران تهديداتها السابقة تحت مظلة القانون البرلماني، وأنها -وفق مراقبين- ستتخذ قراراتها بناء على مواكبة التطورات، والاستعداد لمواجهة عسكرية محتملة، والسعي لخلق نوع من التوازن الجديد بطريقة تجبر الطرف الآخر على تعديل مطالبه.

0 تعليق