عاجل

بعد قرن من وعد بلفور.. هل يمثل اعتراف بريطانيا بفلسطين تصحيحاً للتاريخ؟ - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
يمثل هذا الاعتراف رسالة للعالم بأن "روايتهم لم تمت

في لحظة فارقة، طوت الحكومة البريطانية صفحة من تاريخها المعقد مع القضية الفلسطينية، معلنةً اليوم الأحد اعترافها الرسمي بـ "دولة فلسطين".

هذا القرار، الذي يأتي في خضم حرب مدمرة على قطاع غزة وضغوط دولية متصاعدة، لا يمثل مجرد موقف دبلوماسي، بل يحمل في طياته أبعاداً تاريخية وسياسية عميقة، ويطرح تساؤلات حول ما إذا كانت لندن بدأت بالفعل في تصحيح مسار بدأ قبل أكثر من مئة عام.


من وعد بلفور إلى الاعتراف: دلالات رمزية

يرى الخبير في الشأن البريطاني، عدنان حميدان، أن الاعتراف يتجاوز كونه إعلاناً سياسياً، فهو يحمل دلالة رمزية كبرى. فبريطانيا، التي منحت عبر "وعد بلفور" عام 1917 تعهداً بإنشاء "وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين"، وهو الوعد الذي مهّد لنكبة عام 1948 وتشريد الفلسطينيين، تقر اليوم بحق هؤلاء الفلسطينيين في دولة خاصة بهم.

وفي حديثه لـوسائل إعلام فلسطينية، أوضح حميدان أن "الخطوة لا تمثل تعويضاً عن جريمة زرع الاحتلال في الأرض الفلسطينية، لكنها تعكس تحوّلاً في الخطاب السياسي البريطاني يمكن البناء عليه".

بالنسبة للمحاصرين في غزة، يمثل هذا الاعتراف رسالة للعالم بأن "روايتهم لم تمت، وأن حقهم في الأرض والحرية والكرامة لا يمكن طمسه".

بين الرمزية والضغط العملي

ورغم أن القرار "لا يغير موازين القوى على الأرض" بشكل فوري، إلا أن قيمته السياسية تكمن في تحويل المواقف الرمزية الصادرة عن دول كبرى إلى أدوات ضغط دبلوماسي.

ويؤكد حميدان أن "الانزعاج" الذي أظهره كيان الاحتلال من القرار يعكس حالة "إرباك دبلوماسي"، مما يفتح نافذة للفلسطينيين للتحرك سياسياً وقانونياً.

وشدد على أن الخطوة التالية يجب أن تكون ترجمة هذا الاعتراف إلى إجراءات عملية، أبرزها "وقف تصدير السلاح للاحتلال ودعم التحقيقات الدولية في جرائم الحرب".

تأثير الدومينو في الساحة الدولية

من جانبه، يرى زاهر بيراوي، رئيس "منتدى التواصل الأوروبي الفلسطيني"، أن "الرمزية في السياسة ليست تفصيلاً، بل تترك أثراً تراكمياً".

ويشير إلى أن بريطانيا تخلت عن شرطها التقليدي بربط الاعتراف بمفاوضات الحل النهائي، وهو ما يعكس حجم الضغوط الداخلية من الشارع البريطاني ونواب في الحزب الحاكم، فضلاً عن الضغوط الخارجية.

ويكشف رد فعل الاحتلال، الذي وصف القرار بأنه "سقوط أخلاقي وتشجيع على الإرهاب"، عن مدى تأثير هذه الخطوة على مساعيه لإجهاض فكرة الدولة الفلسطينية.

ويأتي التحرك البريطاني متزامناً مع اعتراف كل من كندا وأستراليا، مما يمنحه بعداً دولياً أوسع ويعكس تحولاً غربياً قد يشجع دولاً أخرى على اتخاذ خطوات مماثلة، خاصة مع إعلان 10 دول أخرى نيتها الاعتراف بفلسطين قريباً.

تحديات المستقبل

يحذر الخبراء من أن الاعتراف وحده لن يردع الاحتلال، بل قد يدفعه إلى مزيد من التصعيد. لكن الأثر التراكمي لهذه القرارات، إذا اقترن بإجراءات عملية، قد يجبره في النهاية على العودة للمسار السياسي.

فالمصلحة الدولية، كما يوضح بيراوي، "باتت تقتضي حلاً سياسياً يضمن للفلسطينيين حقوقاً حقيقية، لأن استمرار الاحتلال يزيد من الأزمات الإقليمية والدولية".

وبينما تتجه الأنظار إلى المؤتمر الدولي للتسوية السلمية بقيادة السعودية وفرنسا، يبقى السؤال مفتوحاً حول قدرة الدبلوماسية الدولية على تحويل هذه الاعترافات التاريخية إلى واقع ملموس على الأرض.

0 تعليق