قالت شبكة "سي إن إن" الأميركية إن وسائل الإعلام الكبرى في الولايات المتحدة "تستعد لمعركة قانونية محتملة" بعد إصدار وزارة الحرب (وزارة الدفاع/سابقا) مذكرة تلزم الصحفيين بالتوقيع على تعهد بعدم جمع أو نشر أي معلومات -حتى الوثائق غير السرية- إلا بعد الموافقة على ذلك من الوزارة.
وبينت الشبكة أن محامي المؤسسات الإخبارية بصدد تقييم المذكرة التي تقيد حرية الصحفيين، وتمس على نحو غير مسبوق بجوهر الصحافة.
اقرأ أيضا
list of 1 item end of listوبمقتضى القيود غير المسبوقة التي ستدخل حيز التنفيذ خلال الأسابيع القادمة، فإن البنتاغون سيمنع الصحفيين من دخول مبنى الوزارة، ما لم يوقعوا على ذلك، كما ستؤدي مخالفة التعهّد أو رفض توقيعه سحب تصاريح الصحفيين أو رفض اعتمادهم، ومن ثمّ حرمانهم من دخول مبنى البنتاغون.
The Pentagon just dropped a memo saying reporters have to sign a pledge promising not to obtain or use “unauthorized” material. That word—unauthorized—is so vaguely defined it could cover basically anything. It’s a direct attack on journalists just doing their jobs.
This is… pic.twitter.com/rVdBuff6bY
— Mike Nellis (@MikeNellis) September 22, 2025
أخطر انتهاك للمادة الأولى من الدستور
ونقلت "سي إن إن" عن سيث ستيرن، مدير الدعوة في مؤسسة حرية الصحافة، قوله إن "المحكمة العليا أوضحت منذ عقود أن الصحفيين يحق لهم الحصول على أسرار الحكومة ونشرها بشكل قانوني"، مضيفا أن ذلك يمثل جوهر الوصف الوظيفي للصحفي الاستقصائي.
وستحول السياسة الجديدة هذا العمل الصحفي الأساسي إلى سبب لإلغاء تصاريح الصحافة، تحت ذريعة حماية الأمن القومي ومنع التسريبات.
وحذر ستيرن من أن مذكرة البنتاغون تعمل كقيد مسبق على النشر، وهو ما يعتبر أخطر انتهاك للمادة الأولى من الدستور الأميركي.
وترى الشبكة أن وزارة الحرب تستغل حقيقة أن العديد من الصحفيين الذين يغطون أخبار الجيش الأميركي لديهم تصاريح صحفية تسمح لهم بالدخول إلى مجمع البنتاغون، مذكرة بأن مكتب الصحافة التابع للوزير بيت هيغسيث، قام بطرد بعض وسائل الإعلام، بما في ذلك "سي إن إن" من أماكن عملها، وجعل أجزاء مهمة من المبنى محظورة على الصحفيين دون مرافقة رسمية.

تقليص الوصول إلى أخبار الجيش
وقد ردت صحيفة نيويورك تايمز على المذكرة بالقول "إن مطالبة الصحفيين المستقلين بالخضوع لهذا النوع من القيود يتعارض بشكل صارخ مع الحماية الدستورية لحرية الصحافة في الديمقراطية".
إعلان
ووصفت الصحيفة هذه السياسة بأنها خطوة أخرى ضمن نمط مقلق لتقليص الوصول إلى ما يقوم به الجيش الأميركي على نفقة دافعي الضرائب.
كما أصدرت صحيفتا "واشنطن بوست" و"وول ستريت جورنال" بيانات تنتقد هذه السياسة، وقال توماس إيفانز، رئيس تحرير "إن بي آر" إن الصحيفة ستعمل مع مؤسسات إخبارية أخرى للرد على السياسة الجديدة.
وقد عارض عدد من المشرعين الديمقراطيين المذكرة، وانضم إليهم المشرع الجمهوري دون بيكون الذي قال إن "هذا أمر غبي للغاية لدرجة أنني أجد صعوبة في تصديق أنه حقيقي".
وكتب بيكون، على موقع إكس "لا نريد مجموعة من صحف تروج فقط للموقف الرسمي للحكومة، الصحافة الحرة تجعل بلدنا أفضل، هذا يبدو وكأنه عمل هواة".
موقف ترامب
وعندما سُئل الرئيس دونالد ترامب عن هذه السياسة، لم يبدُ متفقا مع هيغسيث، وأكد أن "لا شي يمكن أن يمنع الصحفيين".
وعلق جون أوليوت، المتحدث السابق باسم البنتاغون قائلا إن ترامب كان محقا، مضيفا أن "الاختباء من الصحفيين لا يجدي أبدا ويظهر عدم الثقة في رسالتك وطريقة إيصالها"، ولفت إلى أن ترامب نفسه يتحدث إلى الصحفيين طوال الوقت، مؤكدا "لا يوجد وزير آخر في الحكومة يفعل شيئا كهذا".
President Trump dismissed the notion of Pentagon control over reporters, declaring, “No, I don’t think so. Nothing stops reporters.”
Follow: @AFpost pic.twitter.com/w19OGEz4EI
— AF Post (@AFpost) September 21, 2025
تفاصيل المذكّرة
وتضمنت المذكرة التي تقع في 17 صفحة بحسب تقارير صحفية اطّلعت على نصّها، اشتراط موافقة وزارة الحرب على المعلومات من خلال مسؤول بالوزارة، قبل نشرها، حتى لو كانت غير سرية، مشددة على عدم منح حق الوصول إلى المعلومات السرية المرتبطة بالأمن القومي، إلا للأشخاص المصرح لهم.
ووصفت الصحفيين المتاح لهم النشر بـ"الذين حصلوا على قرارات إيجابية بشأن أهليتهم للوصول إلى هذه المعلومات، ووقعوا على اتفاقيات عدم إفشاء معلومات معتمدة، ولديهم حاجة إلى معرفة هذه المعلومات".
وبرر المسؤولون هذا الإجراء بأنه ضروري لأن أي إفشاء غير مصرح به "يشكل خطرا أمنيا قد يضر بالأمن القومي للولايات المتحدة ويعرض موظفي وزارة الحرب للخطر".
ووُصفت الاشتراطات الجديدة بأنها أقوى إجراء حتى الآن لتقييد تغطية الصحفيين لأكبر وكالة اتحادية في أميركا، بالنظر إلى أنها ستمنح الوزارة سلطة تقديرية واسعة لاعتبار أي صحفي "تهديدا أمنيا" الأمر الذي سيترك مساحة كبيرة للتطبيق الانتقائي وفق منتقدين.
وتأتي هذه الخطوة في إطار نمط متصاعد من القيود المفروضة من البنتاغون تحت قيادة الوزير هيغسيث الذي تربطه علاقة متوترة بمعظم وسائل الإعلام، في حين تمنح الشروط الجديدة البنتاغون حرية واسعة في تصنيف الصحفيين على أنهم تهديدات أمنية، وإلغاء تصاريح الدخول لمن ينشر معلومات تعتبرها الوزارة غير صالحة للنشر العام.
The “press” does not run the Pentagon — the people do. The press is no longer allowed to roam the halls of a secure facility. Wear a badge and follow the rules — or go home. pic.twitter.com/nkG1m6bW3z
— Pete Hegseth (@PeteHegseth) September 19, 2025
ومنذ توليه منصبه، بدأ وزير الحرب بالتصعيد مع شبكات الإعلام الكبرى، حيث أمر بإزالة العديد من المؤسسات الإخبارية العريقة، بما في ذلك "نيويورك تايمز" و"سي إن إن" و"بوليتيكو" و"إن بي آر" من مكاتبها المخصصة في البنتاغون.
إعلان
وقال هيغسيث في منشور له على إكس "الصحافة لا تدير البنتاغون، بل الشعب هو الذي يديره"، مضيفا "لم يعد مسموحا للصحافة بالتجول في أروقة منشأة آمنة، ارتدوا شارة واتبعوا القواعد، أو عودوا إلى دياركم".
وكان للصحفيين إمكانية الوصول إلى الأماكن غير السرية في البنتاغون لتغطية تفاعلات الجيش مع العالم، ويشمل ذلك مكاتب وزير الحرب، والأركان المشتركة، والخدمات المسلحة الست.
لكن هيغسيث فرض مزيدا من القيود -في مايو/أيار الماضي- بعد أن واجه انتقادات واسعة بسبب مشاركته تفاصيل حساسة عن الضربات العسكرية الأميركية في اليمن على مجموعة دردشة في تطبيق "سيغنال"، حيث تمت إضافة صحفي إليها عن غير قصد.
وشملت القيود تحديد حركة الصحفيين في غرف الصحافة والكافيتريا وساحة الفناء في المبنى، كما اشترطت وجود مرافق من الوزارة للذهاب إلى أي مكان آخر.
0 تعليق