Published On 25/9/202525/9/2025
|آخر تحديث: 12:10 (توقيت مكة)آخر تحديث: 12:10 (توقيت مكة)
روما- عاش المشاركون في أسطول الصمود العالمي، المتجه لكسر حصار غزة، ليلة صعبة ومرعبة، إثر الهجوم الذي تعرضوا له جنوبي جزيرة كريت اليونانية، وذلك بكثير من التفاصيل المثيرة صورة وصوتا، وقد خلف الحادث جدلا كبيرا في إيطاليا على الخصوص.
وتواصلت الجزيرة نت مع بعض المشاركين الإيطاليين في الأسطول، لسرد ما حدث ليلة 23-24 سبتمبر/أيلول 2025، حينما تعرضوا للهجوم، بعد منتصف الليل قليلا، بطائرات مُسيَّرة وقنابل صوتية وغازات حارقة، مما أدى إلى تلف عدة قوارب منها إيطالية، وتعريض أخرى والمشاركين على متنها للخطر المباشر.
ليلة مروعة
ويقول للجزيرة نت، المشارك في الأسطول، عبد الرحمن أماجو الإيطالي من أصل مغربي "أصيب أشخاص بعد الهجوم الإسرائيلي ليلا، وقد اتصلنا بخدمات الإسعاف والإنقاذ البحري، فإسرائيل تكثّف إجراءاتها لمنع اقترابنا من غزة، رغم أننا ما نزال في المياه الدولية، ورغم أننا بعيدون جدا ونحتاج نحو 4 أيام لوصول إلى غزة".
وكانت ليلة الأربعاء عاصفة جدا، وهناك في عرض البحر الأبيض المتوسط، قريبا من جزيرة كريت، حينما استيقظ أماجو رفقة آخرين متضامنين على صوت القبطان يصرخ "نحن تحت الهجوم، هناك طائرات مُسيَّرة تهاجمنا".
واستفاق كل الطاقم، وركض المشاركون نحو سطح القارب، مرتدين سترات النجاة الواقية، وراحوا يراقبون الطائرات المُسيَّرة، وكان هناك عدد هائل منها في السماء، قدَّرها أماجو وشهودٌ آخرون اتصلت بهم الجزيرة نت بأكثر من 15 طائرة، وبالتزامن مع ذلك نُفِّذ 11 انفجارا قويا أصاب بعضها القوارب وعطَّلها.
وهناك قارب تضرر بشكل خطير، حيث قطعت قنبلةٌ الساريةَ الرئيسية للقارب وأحد الحبال التي تثبتها، ولهذا فـ"المشاركون معرضون لرؤية سقوط السارية بأي لحظة، ورغم ذلك، نواصل جميعا الإبحار والتقدم، حتى القوارب التي تعرضت لهجمات بالقنابل الصوتية" كما يقول المشارك وشاهد العيان ياسين لفرم، الإيطالي من أصل مغربي -للجزيرة نت- والذي عاش ليلة صعبة البارحة، وهو يتابع بالصدفة ما حدث، بعدما كان في نوبة عمل ليلية على متن القارب.

مساندة الشارع
وكان للإضراب العام -الذي شهدته إيطاليا مؤخرا- وقع خاص على نفسية المشاركين في أسطول الصمود، بعد هجوم المُسيَّرات. فيقول ياسين الذي يشغل رئيسا لاتحاد الجاليات الإسلامية بالبلاد "نحن أكثر عزيمة وحماسا، رغم الهجمات التي هدفت لزرع الذعر وبث الخوف بنفوس المشاركين".
إعلان
ويؤكد أنهم أصبحوا أكثر قوة وحماسا صباح اليوم التالي للهجوم، مستمدين ذلك من "فاعلية الشارع الإيطالي والمظاهرات التي خرج بها عشرات الآلاف بالمدن الإيطالية، والتي منحتنا دفعة أكبر لمواصلة رحلتنا لإيصال المساعدات، والأمل لشعب غزة. الرحلة مستمرة، ومهمتنا تتواصل، وما حدث لنا البارحة لا يُقارن بالذي يجري بغزة منذ عامين".
ويشير ياسين إلى أن إسرائيل على مدى العامين الماضيين، ارتكبت -وما زالت- إبادة جماعية تُبث مباشرة على شاشات التلفاز، واصفا ما واجهه من ترويع إسرائيلي في أسطول صمود بأنه "مجرد لمحة صغيرة مما يعيشه الغزيون، والقنابل الصوتية التي تعرضنا لها أمس كان هدفها إخافتنا، لكن القنابل التي يلقيها الإسرائيليون على غزة، لقتل الناس وليس لتخويفهم، هذا هو الفارق. وأهل غزة، رغم الموت، يواصلون الحياة، ونحن رغم الخوف، نواصل المسير".

وعلّق المشارك أماجو والذي يشغل أيضا رئيس منظمة "أكشن إيد" على هجوم المسيرات على أسطول الصمود قائلا "العمل غير قانوني وشائن ضد عدة دول، بينها إيطاليا، التي يرفع علمها فوق بعض القوارب، والأمر أشبه بالهجوم على أراض إيطالية".
وكان لاستهداف 11 سفينة من أسطول الصمود -بالمسيّرات وقنابل صوتية والرذاذ الحارق- صداه في إيطاليا تحديدا، حيث أضحى الحادث قضية رأي عام، خاصة وأن أحد القوارب المتضررة إيطالي، ولأن الهجوم جاء بعد يوم من الإضراب العام في البلاد دعما لفلسطين.
ويقول أماجو "أشكر الأصدقاء في البرلمان، فعلى متن القوارب برلمانيون تواصلوا مع كل الأحزاب الإيطالية، مما أدى لتعطيل أعمال البرلمان لمدة، واحتلاله، وإجبار وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروزيتو على اتخاذ قرار بإرسال سفينة حربية (الفرقاطة فاسان) لمساعدة القوارب الإيطالية، وسنرى إن كانت هذه الفرقاطة ستبقى معنا حتى الاقتراب من غزة، أو ستغادر ابتداء من الليلة".
"يُعتقد أنها إيطالية".. مراسل الجزيرة حسام مسعود يروي تفاصيل عن ظهور فرقاطة عسكرية بالقرب من أسطول الصمود#الأخبار pic.twitter.com/zQr7R6CJ6I
— قناة الجزيرة (@AJArabic) September 25, 2025
تداعيات الهجوم
وأكدت مصادر للجزيرة نت أنه وعلى إثر الهجوم، قام برلمانيون سياسيون إيطاليون بارزون مشاركون في الأسطول بإجراء اتصالات سياسية في عرض البحر المتوسط مع النخبة السياسية في البلاد، وخاصة زملاءهم في البرلمان الإيطالي والأوروبي.
وكان لاتصالاتهم أثر في المشهد السياسي الإيطالي على مستوى الأحزاب، والبرلمان والحكومة، وعلى فعاليات المجتمع المدني أيضا.
ففي البرلمان، عرقلت حركة "5 نجوم" أعمال مجلس النواب احتجاجا على الهجوم، ولاحقا انضم إليهم أعضاء تحالف اليسار الخضر والحزب الديمقراطي باحتلال القاعة العمومية لجلسات البرلمان والمقاعد الحكومية، مطالبين الحكومة بتقديم تقرير حول الهجوم على أسطول الصمود.
وقد استجابت رئاسة البرلمان، حينما تَقرّر تقديم اجتماع رؤساء الكتل في وقت مبكر لمناقشة الهجوم، وتأجلت الجلسة العامة التي كانت مقررة صباحا إلى المساء، حيث استؤنفت أعمال البرلمان بعد احتجاجات النواب، في انتظار ما سيقدمه وزير الدفاع بتقريره، صباح اليوم الخميس، حول حماية القوارب الإيطالية وسلامة المواطنين على متنها.
إعلان
وتفاعلا مع الهجوم وتداعياته السياسية والأمنية بإيطاليا، أوضح كروزيتو -بتصريح لوكالة الأنباء الإيطالية- أنه من أجل ضمان المساعدة للمواطنين الإيطاليين الموجودين على متن الأسطول "سمحتُ الليلة الماضية بتدخل فوري للفرقاطة المتعددة المهام فاسان التابعة للبحرية الإيطالية، والتي كانت تبحر شمال كريت ضمن عملية (البحر الآمن)".
وأضاف كروزيتو أن الملحق العسكري الإسرائيلي في إيطاليا، والسفير الإيطالي والملحق العسكري في تل أبيب، إضافة إلى خلية الأزمة في وزارة الخارجية، قد أُبلغوا بالقرار.

تهديد بالإضراب
وأعلن الاتحاد النقابي القاعدي "أو إس بي" -الذي كان وراء الإضراب العام الأخير بإيطاليا- نيته الدعوة لإضراب عام "من دون إنذار" بعد الهجوم على أسطول صمود، مؤكدا أن شعار "لنوقف كل شيء" سيُفعّل في جميع أنحاء البلاد، وأنها ستقيم "100 ساحة من أجل غزة" مع اعتصام دائم في ساحة "بياتزا دي تشينكويشينتو" بالعاصمة روما.
وقد أدانت الكونفدرالية العامة الإيطالية للشغل "تشي تجي إيلّي" (أكبر نقابة بالبلاد) الهجمات "الخطيرة جدا" على أسطول الصمود، ودعت الحكومة لضمان سلامة جميع المشاركين وضمان إتمام المهمة الإنسانية، مهددة بالإضراب العام إن تكررت الاعتداءات أو حدثت مصادرة.
0 تعليق