"الخلايا المنفصلة" نظام إيراني لجمع وثائق سرية عن النووي الإسرائيلي - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

طهران- بعد أكثر من 5 أعوام على دخول برنامج طهران النووي دوّامة من التصعيد، إثر سطو عملاء الموساد الإسرائيلي على 55 ألف وثيقة وعشرات الأقراص المدمجة المتعلقة بأرشيف إيران النووي، كشفت الاستخبارات الإيرانية، الليلة الماضية، عن "كنز بيانات" حول النووي الإسرائيلي شمل لقطات مصورة من داخل مفاعل ديمونة.

وفي توقيت بالغ الحساسية، قبل ساعات فقط من عودة العقوبات الأممية على طهران إثر تفعيل الترويكا الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) آلية الزناد في الاتفاق النووي لعام 2015، أقدمت إيران على بث وثائق تتضمن تفاصيل حساسة عن البرنامج النووي الإسرائيلي، في خطوة يعتبرها مراقبون ردا على تصاعد التهديدات بشن هجوم ثانٍ على برنامج إيران النووي.

فبعد مضي ساعات من تباهي الرئيس الأميركي دونالد ترامب -أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة– بقصف بلاده منشآت طهران النووية إبان حرب يونيو/حزيران الماضي، أعاد وثائقي الاستخبارات الإيرانية إلى الأذهان عملية السطو التي قامت بها إيران قبل الحرب، وقالت إيران حينها إنها حصلت على آلاف الوثائق الإسرائيلية السرية.

وزير الاستخبارات الإيرانية إسماعيل الخطيب (Esmaeil Khatib)
وزير الاستخبارات الإيرانية إسماعيل الخطيب أكد توصل بلاده إلى تفاصيل الأماكن العسكرية الإسرائيلية الحساسة (الصحافة الإيرانية)

"كنز بيانات"

تضمن الوثائقي الذي بثه التلفزيون الإيراني الرسمي، أمس الأربعاء، تحت عنوان "بيت العنكبوت المخفي"، وثائق حساسة منسوخة من جوازات سفر لعلماء إسرائيليين، ومعلومات عن مواقع عسكرية، ولقطات مصورة من داخل مفاعل ديمونة النووي.

وقال وزير الاستخبارات الإيراني إسماعيل الخطيب -في تصريح ضمن الوثائقي- إن "إيران استخدمت معلومات تم الحصول عليها في يونيو/حزيران الماضي لضرب مواقع حساسة داخل إسرائيل في ذلك الشهر"، موضحا أن "هذا الاختراق الكبير نتاج أشهر من التخطيط المعّقد والتنفيذ الناجح لمراحل متعددة من العملية الاستخباراتية في قلب هيكل العدو".

إعلان

وأضاف الوزير أنه لم يتم نشر سوى جزء صغير من هذه المعلومات رسميا، "وسيتم الإعلان عن الأبعاد الأخرى في الوقت المناسب وعلى أساس المصالح الوطنية".

وشدد على توصّل بلاده إلى تفاصيل دقيقة عن الأماكن العسكرية الحساسة ذات الاستخدام المزدوج داخل إسرائيل، والتي تم تسليم إحداثياتها إلى الوحدات العسكرية الإيرانية، مؤكدا تعاون عدد كبير من موظفي المنشآت النووية ومؤسسات الجيش والمواطنين العاديين داخل إسرائيل مع وزارة الاستخبارات الإيرانية للوصول إلى الوثائق ونقلها إلى إيران.

معهد وايزمان الإسرائيلي بعد استهدافه بصاروخ ايراني
معهد وايزمان -أبرز المراكز البحثية الإسرائيلية- بعد استهدافه بصاروخ إيراني يونيو/حزيران الماضي (مواقع التواصل)

هشاشة أمنية

حديث وزير الاستخبارات الإيراني عن تعاون جهات وصفها بأنها "كبيرة" داخل إسرائيل مع الأجهزة الأمنية الإيرانية، وتزويدها بمعلومات وإحداثيات دقيقة عن المنشآت العسكرية والنووية وغيرها، أعاد إلى الواجهة تقارير الصحافة الغربية عن دقة إصابة الصواريخ الإيرانية في العمق الإسرائيلي.

ويقول الباحث السياسي علي رضا تقوي نيا إن نجاح بلاده في تدمير معهد وايزمان للعلوم -والمعروف بأنه يمثل "العقل النووي الإسرائيلي" ويقدم خدمات بحثية للجيش الإسرائيلي- بقصف صاروخي خلال الحرب الماضية لم يأت اعتباطا، إذ يكشف وثائقي الاستخبارات الإيرانية بأنه جاء نتيجة دقة البيانات التي زودتها الأجهزة الأمنية الإيرانية للحرس الثوري والوحدات الصاروخية.

وفي حديثه للجزيرة نت، يرى الباحث الإيراني أن حصول بلاده على آلاف الوثائق السرية "يفضح هشاشة منظومات الكيان الصهيوني الأمنية، التي طالما تباهى بها خلال العقود الماضية، ويثبت للقاصي والداني إمكانية خرقه أمنيا، لا سيما بعد أن تمكنت إيران من استخدام عديد من العناصر داخل إسرائيل".

اللافت في السطو الإيراني على الوثائق السرية داخل إسرائيل -وفق تقوي نيا- أن عديدا من "الصهاينة تعاونوا مع الأجهزة الأمنية الإيرانية مقابل الحصول على المال"، والبعض الآخر "تطوع للعمل الأمني ضد النظام المحتل للأراضي الفلسطينية انتقاما من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو" المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة.

وأوضح أن بلاده تعتمد "نظام الخلايا المتعددة" في عملها الأمني داخل "الكيان الصهيوني"، وأن تلك الشبكات لم تكن على علم أو اتصال بنظيراتها التي قد تراقب هدفا واحدا، لكنها تتواصل مع إدارة أمنية موحدة داخل إيران للدعم وتوفير المتطلبات في الداخل الإسرائيلي من جهة، ولتجميع البيانات الواردة وتحليلها والتأكد من صحتها داخل إيران من جهة أخرى.

وتابع المتحدث نفسه، أنه في مثل هذا العمل الأمني لا يمكن للعدو أن يفكك جميع الخلايا وأجزاء الشبكات الأخرى في حال تمكن من كشف جزء منها، ذلك لأن الخلايا لا ترتبط ببعضها.

وبرأي تقوي نيا، فإن نشر الوثائقي الأمني إما يدل على أن وزارة الاستخبارات تعمدت نشر جزء بسيط من الوثائق التي استحوذت عليها بعد أن تأكدت بأن الكشف عنها لن يضر بتعاون عملائها في الداخل الإسرائيلي وأن التعاون سوف يستمر، أو أنها فقدت الأمل بالحصول على معلومات جديدة من تلك المصادر بعد كشفها في إسرائيل.

إعلان

وخلص تقوي إلى أن الجانب الإسرائيلي استعجل الهجوم على إيران في يونيو/حزيران الماضي، بعد 3 أيام من كشفها عن كنز البيانات النووية والعسكرية الإسرائيلية، وذلك لقطع الطريق على طهران من تحليل تلك البيانات والتنسيق بين أجهزتها الأمنية والعسكرية، مؤكدا أن نشر وزارة الاستخبارات الإيرانية الوثائقي الأمني يدل على أنها تحققت من صحة ما تريده خلال الفترة الماضية.

" frameborder="0">

حرب نفسية

يشير الكاتب السياسي حميد آصفي إلى أن بلاده تواجه ضغوطا دولية غير مسبوقة، وذلك قبل أيام قليلة من التفعيل العملي لآلية إعادة العقوبات الأممية على طهران، وتزايد الاحتمالات بعودتها تحت طائلة "البند السابع" من ميثاق الأمم المتحدة، مما سيبرر لإسرائيل والولايات المتحدة شن هجمات عسكرية على الجمهورية الإسلامية.

وفي حديثه للجزيرة نت، يرى آصفي أن نشر وزارة الاستخبارات الإيرانية هذا الوثائقي يمثل جزءا من إستراتيجية طهران للرد على الضغوط الدولية، من خلال تحويل الانتباه عن برنامجها النووي إلى البرنامج النووي الإسرائيلي، وتقديم نفسها ضحية للمعايير المزدوجة لدى الأوساط الدولية.

ووضع الكاتب الإيراني الحديث عن حصول إيران على ملايين الوثائق السرية الإسرائيلية في سياق الحرب النفسية بين الجانبين، موضحا أن الأجهزة الأمنية عادة لا تكشف عن مخزونها الأمني إلا بعد فوات الأوان أو خروجه من دائرة الحساسية.

وخلص إلى أن الخطوة الإيرانية الأخيرة جاءت بمثابة ورقة ضغط في سباق ضد الزمن، تهدف إلى قلب الطاولة على الخصوم الدوليين وتحويل الانتباه عن الملف النووي الإيراني إلى الملف النووي الإسرائيلي، مستبعدا أن تؤثر هذه السياسة في ثني العواصم الأوروبية عن تفعيل آلية الزناد وإعادة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي.

0 تعليق