إنجلترا – يشكل التقدم في العمر بوابة عبور نحو عدد من الأمراض المزمنة، بدءا من السمنة ومرض السكري من النوع الثاني وصولا إلى أمراض القلب والأوعية الدموية والاضطرابات التنكسية العصبية.
وتعد التغيرات التي تطرأ على الأنسجة الدهنية مع التقدم في العمر أحد الأسباب الجوهرية وراء زيادة خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالشيخوخة. فمع الوقت، تتحول هذه الأنسجة من أداء دورها الطبيعي كمستودع للطاقة إلى مصدر للخلل الأيضي، حيث تفرز مواد التهابية وتساهم في مقاومة الإنسولين.
وفي هذا الإطار، تطرح دراسة حديثة نشرت في مجلة Nutrients حلا بسيطا قد يحمل تأثيرا كبيرا، وهو تناول الجوز يوميا.
ويأتي هذا الاهتمام من حقيقة أن الجوز ليس مجرد مكمل غذائي عادي، بل هو كنز من المركبات النشطة بيولوجيا التي تضم في تركيبتها:
· أحماض أوميغا-3 الدهنية المتعددة غير المشبعة
· مركبات الإيلاجيتانين التي تتحول إلى مواد مضادة للأكسدة
· مجموعة فيتامينات ومعادن أساسية
· بروتينات عالية الجودة تحتوي على أحماض أمينية أساسية
وتعمل هذه المركبات بتناغم على مستويات متعددة، حيث تتدخل في تنظيم الإجهاد التأكسدي من خلال تحييد الجذور الحرة، وتعديل المسارات الالتهابية، بل وقد تؤثر على عمليات الشيخوخة نفسها.
وتكمن الآلية في أن مركبات اليوروليثينات الناتجة عن تحول الإيلاجيتانينات في الجوز تنشط مسار Nrf2/ARE الذي يعتبر حجر الزاوية في الدفاعات المضادة للأكسدة في الخلية.
وفي الدراسة التي شملت 22 مشاركا بمتوسط عمر 49 عاما، ركز الباحثون على قياس تأثير الاستهلاك القصير المدى للجوز على علامات الالتهاب والإجهاد التأكسدي. ورغم أن النتائج المباشرة لم تسجل فروقا ذات دلالة إحصائية في مستويات السيتوكينات الالتهابية أو النشاط المضاد للأكسدة، إلا أن الباحثين يرجحون أن قصر مدة التجربة (ثلاثة أسابيع) قد يكون العامل الحاسم في عدم ظهور تغيرات ملحوظة.
وهذه النتائج تفتح الباب أمام تساؤلات مهمة حول آليات عمل المركبات النباتية في الجسم، وكيفية تفاعلها مع الحالة الصحية للأفراد. فالتأثيرات الإيجابية للجوز قد تحتاج إلى فترات أطول لتصبح واضحة، أو قد تكون أكثر وضوحا لدى الأشخاص الذين يعانون من مستويات أعلى من الالتهاب الأساسي.
وخلص الباحثون إلى أن الجوز يظل سلاحا واعدا في مواجهة أمراض التقدم بالعمر، حيث تمتلك مكوناته الفريدة قدرة متميزة على محاربة الالتهاب والإجهاد التأكسدي، وهما الآليتان الرئيسيتان وراء شيخوخة الخلايا. فالجوز غني بأحماض أوميغا 3 والمركبات الفينولية التي تتحول في الجسم إلى مواد فعالة تعزز المناعة الخلوية وتحمي الأوعية الدموية والدماغ.
ورغم أن الدراسات الحديثة تشير إلى أن فوائد الجوز تظهر على المدى الطويل أكثر منها فوريا، إلا أن الانتظام في تناوله ضمن نظام غذائي متوازن يمكن أن يساهم في تقليل خطر الأمراض المرتبطة بالعمر مثل الخرف والسكري وأمراض القلب، ما يجعله استثمارا طويل الأمد لصحة أفضل مع تقدم السن.
المصدر: ميديكال نيوز
0 تعليق