تحولت رحلة جندي في جيش الاحتلال إلى العاصمة الإسبانية مدريد، والتي كانت بهدف الاستمتاع بمباراة "ديربي مدريد" بين فريقي أتلتيكو وريال مدريد، إلى كابوس قانوني أجبره على تغيير خططه خشية الاعتقال، بعد أن وجد نفسه متهماً بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة.
القصة بدأت عندما أقام صحفي فلسطيني لاجئ في إسبانيا، يُدعى "الحاج عرفات"، شكوى قانونية، السبت، أمام المحكمة الوطنية الإسبانية ضد الجندي الذي كان يوثق رحلته السياحية عبر الإنترنت.
استندت الشكوى إلى أدلة دامغة نشرها الجندي بنفسه على حساباته في منصات التواصل الاجتماعي.
من "إنستغرام" إلى قاعة المحكمة
وتستند الشكوى بشكل أساسي إلى صور ومقاطع فيديو نُشرت على "إنستغرام" في أبريل الماضي، تظهر الجندي، الذي أشارت له صحيفة "بوبليكو" الإسبانية بحرف "س"، وهو رقيب أول في وحدة الهندسة القتالية، يقف بفخر إلى جانب جرافات أثناء مشاركته في عمليات هدم واسعة لمنازل المدنيين في حي التفاح بمدينة غزة.
وطالب الصحفي الفلسطيني في شكواه باعتقال الجندي فوراً بتهم ارتكاب "جرائم ضد الأشخاص والممتلكات خلال نزاع مسلح، وجرائم ضد الإنسانية، وإبادة جماعية"، مشيراً إلى أن هذه الأفعال تشكل "انتهاكات جسيمة" للمادة 147 من اتفاقية جنيف، وتحديداً التدمير التعسفي وغير المبرر بالضرورة العسكرية، والذي يهدف إلى جعل الحياة في غزة مستحيلة.
رسالة من قلب الألم
الجندي، الذي كشف عن مكان إقامته في مدريد عبر الإنترنت، ألغى خططه لحضور المباراة بعد تقديم الشكوى ضده من جهته، قال الحاج عرفات إن عشرات من أفراد عائلته، بينهم شقيقته وبناتها، قُتلوا في غارات جوية لقوات الاحتلال على غزة عام 2023، كما أن منزل عائلته دُمر في عمليات شاركت فيها وحدة الجندي المتهم.
وقال فريق المحامين الذي يمثل عرفات: "الهدف هو توجيه رسالة مفادها أنه لا يمكن ارتكاب إبادة جماعية خلال الأسبوع ثم السفر إلى إسبانيا كسائح لمشاهدة كرة القدم"، وحثوا المحكمة على التحرك السريع. ورغم إقرارهم بضآلة فرص الاعتقال الفعلي، إلا أنهم شددوا على ضرورة أن "تأمر المحكمة باحتجاز الجندي على الأقل لسماع شهادته"، لتكون متاحة أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وتُظهر الشكوى أن وحدات الهندسة القتالية تلعب دوراً محورياً في "عمليات الهدم الشاملة" في غزة، مخلفة وراءها دماراً هائلاً يشبه سياسة "الأرض المحروقة".
0 تعليق