"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان المتواصل على غزة - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

كتب محمد الجمل:


شهد العدوان الإسرائيلي على مدينة غزة تصاعداً كبيراً في الساعات الماضية، وباتت المدينة بأسرها تتعرض للتدمير الواسع، مع استمرار الضغط على المؤسسات الطبية بهدف دفعها لمغادرة المدينة.
"الأيام" رصدت مشاهد جديدة من العدوان المتصاعد على مدينة غزة، منها مشهد يوثق انتقام الاحتلال من عائلات رفضت التعاون معه، ومشهد آخر يرصد التدمير التدريجي لأحياء المدينة، ومشهد ثالث يرصد الضغط على المؤسسات الطبية، المحلية منها والدولية، بهدف دفعها لمغادرة مدينة غزة.

 

الاحتلال ينتقم من عائلات رفضت التعاون
في خضم العدوان الإسرائيلي المستمر على مدينة غزة، يسعى جيش الاحتلال إلى تشكيل المزيد من الميليشيا المتعاونة معه، وهذه المرة يحاول استمالة عائلات كبيرة، عبر منحها تسهيلات وإغراءات.
فقد رفض مختار عائلة بكر، عرضاً إسرائيلياً بالبقاء في مدينة غزة، مع تأمين لجميع أفراد العائلة في مخيم الشاطئ، شريطة أن يتعاون مع جيش الاحتلال.
وقال الناشط معتصم بكر، أحد أفراد العائلة في منشور على منصة "فيسبوك"، "بالأمس، غادر مختار عائلتنا بعد أن قرر البقاء والعائلة في بيوتهم غرب غزة إثر اتصال طلب منه البقاء مع ضمان الأمان بشرط أن يعمل أبناء العائلة كميليشيا على غرار (أبو شباب)، وأن يلتزموا بسياسة الجيش، لكنه رفض وأبلغ العائلة بضرورة الرحيل، وبالفعل غادروا وفضلوا النوم في الطرقات، وأن يفترشوا الأرض على ألا يُسجل في تاريخ هذه العائلة المناضلة أنها سارت في درب الخيانة".
وبعد مغادرة مختار العائلة ومعه العشرات من أبنائها بقليل، بدأ جيش الاحتلال بشن غارات متتالية، طالت منازل عدة لعائلة بكر، راح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى. ووفق مصادر محلية وشهود عيان، فإن الاحتلال قصف عدة منازل مأهولة لعائلة بكر تقع في مخيم الشاطئ.
بينما قال مختار العائلة مروان بكر، "تواصل معي جيش الاحتلال وعرض عليّ البقاء في مدينة غزة مقابل العمل معه؛ فقلت لهم أنتم تعملون وتقتلون وتهجرون وتشردون؛ وجيشتم كل العملاء معكم؛ منذ 100 عام لم نعمل معكم ولن نعمل"، مشيراً إلى أنه "منذ يومين يُدمر الاحتلال المنازل فوق رؤوسنا؛ مع ذلك نقول لهم الموت أشرف لنا".
وذكرت المصادر ذاتها أن ما حدث مع العائلة هو عملية انتقامية، وهو ما أكده الناشط معتصم، الذي قال مُعلقاً على تعرض عدد من منازل العائلة للقصف، "بدأ الضرب على مربع العائلة، مجزرة بحق أبناء عمي لا حول ولا قوة إلا بالله!".
في حين، طالب مواطنون أفراد العائلة بالنزوح عن مدينة غزة، مع مخاوفهم من مزيد من الاستهدافات للعائلة.
من جهته، قال تجمع القبائل والعشائر الفلسطينية، إن قوات الاحتلال خيّرت عوائل غزة بين البقاء الآمن بحمايتها والعمل تحت إمرتها، أو مواجهة الخطر.

 

تدمير تدريجي لأحياء مدينة غزة
تواصل قوات الاحتلال تقدمها التدريجي والبطيء في عمق مدينة غزة، من ناحيتي الشمال والجنوب، مع استمرار القصف الجوي والمدفعي.
ويتبع الاحتلال سياسة التدمير الشامل في الأحياء التي يصلها، أو حتى قبل وصوله إليها، من خلال قصف من الطائرات الحربية للمنازل متعددة الطوابق، ثم إرسال عربات مفخخة وتفجيرها في قلب الأحياء السكنية، بعد ذلك تأتي مرحلة الجرافات، التي تقوم بتدمير وهدم ما تبقى من منازل في الأحياء المذكورة.
وحتى الآن دمرت قوات الاحتلال أحياء الزيتون، والشجاعية، والتفاح بنسبة تتراوح بين 85 و95%، بينما دمرت أكثر من 70% من حي الصبرة، في حين يتواصل تدمير أحياء الشيخ رضوان، والشاطئ، والنصر شمال مدينة غزة، وحي تل الهوى جنوباً، مع استمرار تدمير البنايات المرتفعة، والأبراج، وحتى المدارس التي تؤوي نازحين في الأحياء المذكورة، كما حدث مؤخراً في حي الدرج شرق المدينة، حيث جرى تدمير أكبر مدرسة تضم آلاف النازحين.
وأكد مواطنون من سكان مدينة غزة، أن ما يحدث في المدينة حالياً يختلف كلياً عمّا حدث خلال الاجتياح الأول العام 2024، وهو يشبه إلى حد كبير ما حدث في رفح، حيث يجري مسح الأحياء والمربعات السكنية عن الخارطة، بل وإزالة الركام، في محاولة لتغيير معالمها.
وأوضحوا أن الاحتلال لجأ مؤخراً إلى استخدام أعتى أسلحته لتنفيذ مهمة تدمير مدينة غزة، خاصة مبانيها المرتفعة، حيث شكّلت الطائرات الحربية ما يشبه الجسر الجوي، لنقل القنابل والصواريخ من قواعدها داخل إسرائيل، ومن ثم إسقاطها على مباني مدينة غزة، في أكبر عملية تدمير جوية يشهدها القطاع منذ بداية العدوان الحالي.
وأشار المواطن أسعد رمضان الذي نزح حديثاً من مدينة غزة، إلى أن المدينة تتعرض لتدمير تدريجي، يتقدم بشكل بطيء من ناحيتي الجنوب والشمال، وأن جيش الاحتلال يزحف نحو غرب ووسط المدينة.
وبيّن رمضان أنه في حال بقيت عمليات التدمير على حالها، فمن المتوقع أن يتم مسح المدينة كلياً كما حدث في رفح خلال ثلاثة أشهر على أقصى تقدير، ويبدو أن هذا هو الهدف الأساسي من العملية.
وأوضح رمضان أنه وقبل مغادرته مدينة غزة، نظر ناحية الشمال الغربي حيث حي الشيخ رضوان، والشاطئ، وشاهد تغيراً كبيراً في معالم تلك المناطق، وأن عشرات العمارات والبنايات التي كانت تشاهد بوضوح، لم تعد تُرى حالياً.

 

مغادرة مؤسسات صحية
مارسَ الاحتلال ضغطاً شديداً على كافة المؤسسات الصحية العاملة في مدينة غزة، بهدف دفعها لمغادرة المدينة، بعد أن رفضت غالبية المؤسسات الخروج في وقت سابق.
وتنوع الضغط المذكور بين استهداف مبانٍ ومقرات تعمل فيها المؤسسات المذكورة، وبين تلقي مدرائها اتصالات تطالبهم بترك المدينة والنزوح جنوباً، إضافة إلى منع إيصال الوقود والأدوية والمستلزمات الطبية الأخرى.
وذكرت منظمة أطباء بلا حدود في غزة، أنه لم يتبقَ أمامها خيار سوى وقف أنشطتها، إذ تُحاصر قوات الاحتلال عياداتها في المدينة.
وقال منسق شؤون الطوارئ في المنظمة "جاكوب غرانجيه"، "هذا آخر ما كنا نريده نظراً إلى الحاجات الهائلة في غزة، حيث الأشخاص الأكثر هشاشة، من رضّع في وحدات رعاية المواليد الجدد، وهؤلاء الذين يعانون من إصابات بالغة أو أمراض تهدّد حياتهم، غير قادرين على التنقّل وهم في خطر كبير".
بدورها، أكدت منظمة الصحة العالمية أنه ومنذ الأول من أيلول الجاري أُجبرت 4 مستشفيات في شمال غزة ومناطق في غزة على الإغلاق، مشيرة إلى أن أوامر النزوح أثرت على مئات المرافق الصحية، وبعضها أجبر على الإخلاء أو خرج عن الخدمة فعلاً، وهناك أكثر من 15 ألفاً من مصابي غزة بحاجة إلى إجلاء طبي وعمليات الإجلاء تسير ببطء شديد جداً.
بينما أكدت وزارة الصحة ارتفاع عدد المشافي التي أخليت قسراً شمال القطاع إلى 20 مستشفى، موزعة بين حكومية، وأهلية، وخاصة، إضافة إلى مستشفى الطب النفسي الوحيد في القطاع.
أما جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية فقالت، إن جيش الاحتلال استهدف مقرها في حي تل الهوى جنوب مدينة غزة، بعد يومين من تدمير مقر آخر للجمعية في حي الدرج شرق المدينة، ما أدى إلى خروجهما عن الخدمة.
وأوضحت الجمعية أن جيش الاحتلال حاصر المقر الصحي للإغاثة الطبية منذ أيام، تمهيداً لقصفه هو والمباني المحيطة به، مبينة أنه "بتدمير هذا المقر، أصبحت جميع مقرات الإغاثة الطبية في قطاع غزة خارج الخدمة نتيجة استهدافها من جيش الاحتلال".
ونوهت الجمعية إلى أن هذا الاستهداف المتعمد يؤكد نية الاحتلال الاستمرار في تنفيذ الإبادة الطبية والصحية بحق جميع المرافق العاملة في مدينة غزة، بهدف حرمان سكانها مما تبقى من مقومات الحياة والصمود والبقاء.
وأكدت عدة مصادر صحية أن جيش الاحتلال طلب من جميع المؤسسات الطبية العاملة في مدينة غزة، إخلاء مقراتها، ووقف العمل في المدينة، والنزوح جنوب القطاع. وفي وقت سابق، قصف الاحتلال مستشفى الرنتيسي، وعيادات رعاية أولية، وأجبر طواقمها على إخلائها.

 

0 تعليق