تبادل مسيحيون إنجيليون التحذيرات والنصائح في مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي، استعدادا لاحتمال حدوث "الاختطاف" الوشيك، وهي نبوءة عن نهاية الزمان يعتقد بعض الناس أنها قد تحدث في 23 أو 24 سبتمبر/أيلول الماضي، قبل أن ينقضي الأسبوع ولا يحدث شيء.
ووفقا لبحث أجراه مركز "بيو" للأبحاث عام 2022، يقول ما يقرب من نصف جميع المسيحيين في الولايات المتحدة، أي حوالي 47%، "نعم" عند سؤالهم عما إذا كانوا يعتقدون "أننا نعيش في نهاية الزمان".
اقرأ أيضا
list of 2 items end of listوعلى الرغم من أن الموجة الحالية من مقاطع الفيديو تبدو مستوحاة من نبوءة قس من جنوب أفريقيا تمت مشاركتها على "يوتيوب"، فإن تنبؤات "الاختطاف" ارتبطت منذ مدة طويلة أيضا بأحداث العالم الحقيقي، بما في ذلك حرب إسرائيل على الفلسطينيين في غزة.
إذن، ما "الاختطاف"؟ ولماذا يتنبأ بعض المسيحيين الإنجيليين بأن نهاية العالم قد تحدث في سبتمبر/أيلول الجاري؟
ما "الاختطاف" (The Rapture)؟
لا يشترك جميع المسيحيين في الإيمان بـ"الاختطاف" (وهو اعتقاد مسيحي باختطاف المؤمنين الحقيقيين إلى السماء عند نهاية الزمان).
قد لا يكون هذا مفاجئا، إذ إن كلمة "rapture" لا تظهر في الكتاب المقدس، وفقا لبارت إيرمان، الباحث في الكتاب المقدس ومؤلف كتاب "هرمجدون: ما يقوله الكتاب المقدس حقا عن النهاية".
بالنسبة لأولئك الذين يؤمنون به، يُعتبر نبوءة حول ما سيحدث خلال نهاية الزمان، وقبل عودة المسيح إلى الأرض.
ويعتقد أتباع لاهوت "الاختطاف" أنه عندما يبدأ سيرتفع المسيحيون الحقيقيون إلى السحاب "لملاقاة الرب في الهواء".
في الوقت نفسه، سيُترك غير المؤمنين هنا على الأرض، حيث سيعانون من سلسلة من المحن والشدائد، بما في ذلك الأوبئة والحرائق.

ماذا يقول الناس عن "الاختطاف" على "تيك توك"؟
في أحد مقاطع الفيديو التي شاركها حساب يضم 848 ألفا و100 متابع، يُدعى christwillreturn، تشارك امرأة نصيحة مع صديقتها المقربة، قائلة وهي تبكي: "عليكِ أن تتوبي، الآن. لا أريدكِ أن تُتركي خلفنا".
إعلان
تتذكر أنها رأت حلما حاولت فيه تحذير الناس من أن "المسيح قادم"، ولكن على الرغم من أنها صرخت، قالت: "لم يكن أحد يستمع إلي".
وأضافت "كان البعض يسخر مني. كنت أقول: على الجميع أن يتوبوا الآن. إنه قادم".
وفي مقطع فيديو آخر شاركه حساب يسمى Christianquotes89، يشارك رجلان نصيحة عما يجب على غير المؤمنين فعله عند حدوث "الاختطاف".
ويوضح أحد الرجلين: "ربما تتساءلون، أين ذهب الأشخاص المفقودون؟ ما الذي يحدث؟ أتخيل أنكم خائفون جدا وتبحثون عن إجابات".
ويضيف: "كلنا الذين وضعنا إيماننا بيسوع المسيح ربنا ومخلصنا، قد أُخذنا من الأرض إلى السماء، إلى بيت الأب في السماء. مع يسوع. سنكون هناك معه، وسنعود معه في غضون 7 سنوات أو نحو ذلك".
في أثناء ذلك، حذر من أن أولئك الذين يُتركون سيعانون من "فترة عصيبة أسوأ من أي فترة منذ خلق البشرية".
"على الرغم من أنهم لا يؤمنون بالجحيم، ولا يؤمنون بنهاية العالم، ولا يؤمنون بهرمجدون، فإنهم قلقون للغاية لأن أفراد عائلاتهم يقولون ذلك لهم. وكذلك أصدقاؤهم يقولون ذلك لهم". مؤلفة كتاب "ترك الأصولية المسيحية وإعادة بناء الهوية"
كم عدد الأشخاص الذين يؤمنون بـ"الاختطاف"؟
تتضمن مقاطع الفيديو الرائجة مزيجا من الأشخاص الذين يبدون قلقين حقا من أن "الاختطاف" قد يحدث قريبا، بالإضافة إلى أشخاص يردون بالدهشة وحتى بعض الازدراء.
ومع ذلك، ففي الولايات المتحدة، حيث تنتشر العديد من مقاطع الفيديو، فإن معتقدات نهاية الزمان يؤمن بها قرابة نصف السكان.
وعلى الرغم من أن مركز بيو وجد بشكل عام أن معظم الأميركيين (58%) "يرفضون فكرة أن البشرية في أيامها الأخيرة"، فقد جد مركز بيو أيضا أن معتقدات نهاية الزمان قد تؤثر على شعور الناس تجاه حالة العالم، بما في ذلك بعض المشاكل مثل تغير المناخ.
وكان الأشخاص الذين يعتقدون أننا نعيش في نهاية الزمان أقل احتمالا إلى حد ما، بنسبة 51%، من غيرهم، بنسبة 62%، للقول إن تغير المناخ "مشكلة خطيرة للغاية أو خطيرة جدا".

هل سيحدث "الاختطاف" قريبا؟
في مقطع فيديو تمت مشاركته على "يوتيوب" قبل 3 أشهر، تنبأ القس الجنوب أفريقي جوشوا محلاكيلا بأن "الاختطاف" قد يحدث في 23 أو 24 سبتمبر/أيلول من هذا العام.
حصد الفيديو أكثر من 560 ألف مشاهدة حتى 22 سبتمبر/أيلول.
لكن الناس يتنبؤون بأن "الاختطاف" قد يحدث في أي لحظة منذ القرن 19 على الأقل، وتعود أنواع أخرى من نبوءات نهاية الزمان إلى أبعد من ذلك.
في ذلك الوقت، كان هناك عدد من الكتب والأفلام الشعبية حول "الاختطاف" باعت ملايين النسخ.
وتشمل هذه الكتب "الكوكب الأرضي العظيم الراحل" (The Late Great Planet Earth) لهال ليندسي، والذي كان الكتاب غير الخيالي الأكثر مبيعا في السبعينيات، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".
ساعد ليندسي، الذي توفي العام الماضي عن عمر ناهز 95 عاما، في الترويج للاعتقاد بأن النبوءات الكتابية ستتحقق من خلال الأحداث في إسرائيل وفلسطين في العصر الحديث.
وفي كتاب "الكوكب الأرضي العظيم الراحل"، كتب ليندسي أن عودة المسيح لن تحدث إلا بعد الحرب العظمى النهائية المسماة "هرمجدون" (معركة نهاية العالم الفاصلة) التي ستندلع بسبب غزو "دولة إسرائيل الجديدة".
كما زعم أن هذا لن يحدث إلا عندما "تكون البشرية على شفا الإبادة".
إعلان
وفي المدة الأخيرة، ساعدت سلسلة الكتب الشهيرة "المتروكون" (Left Behind) في إبراز أحد الموضوعات الرئيسية لـ"الاختطاف"، وهو أن غير المؤمنين سيُتركون على الأرض.
وصلت 3 كتب على الأقل من أصل 16 كتابا في السلسلة إلى المرتبة الأولى في قائمة "نيويورك تايمز" للكتب الأكثر مبيعا، كما تم تحويل أحد الكتب إلى فيلم من بطولة نيكولاس كيج.
تقول الاختصاصية الاجتماعية السريرية والمؤلفة جوزي ماكسكيمنغ إن المعتقدات حول نهاية الزمان يمكن أن تصبح متجذرة بعمق، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين نشأوا وهم يتعلمونها في الكنيسة، حيث يمكن لأحداث الحياة الواقعية مثل حرب إسرائيل على الفلسطينيين في غزة أن تثير تلك المشاعر وتحملها للواجهة.
وقالت ماكسكيمنغ، وهي من سيدني بأستراليا، ومؤلفة كتاب "ترك الأصولية المسيحية وإعادة بناء الهوية": "لدي زبائن خرجوا من تلك الكنائس، ووجدوا أنفسهم مضطربين للغاية، ومكتئبين للغاية، ويقظين بشكل مفرط، ويخشون أن تكون هذه هي نهاية الزمان".
وقالت ماكسكيمنغ للجزيرة: "على الرغم من أنهم لا يؤمنون بالجحيم، ولا يؤمنون بنهاية العالم، ولا يؤمنون بهرمجدون، فإنهم قلقون للغاية لأن أفراد عائلاتهم يقولون ذلك لهم. وكذلك أصدقاؤهم يقولون ذلك لهم".
0 تعليق