كيف يؤثر تعظيم المشاهير على الشباب المسلم؟ - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تشهد المجتمعات المعاصرة تحولا جذريا في مفهوم القدوة والمرجعية، حيث باتت الشهرة تمثل معيارا أساسيا لاختيار من يُتبع ويُقتدى به، بغض النظر عن القيمة العلمية أو الأخلاقية لهؤلاء المشاهير.

بانر حكم وحكمة 360

وخلق هذا التحول ما يمكن وصفه بـ"عبادة الشهرة" التي تحولت إلى ظاهرة اجتماعية مقلقة تستدعي الوقوف عندها والتأمل في تداعياتها على الأجيال الجديدة.

واستضافت حلقة (2025/9/29) من برنامج "حكم وحكمة" نخبة من المختصين والمفكرين لمناقشة هذه الظاهرة المتنامية، حيث سلطوا الضوء على الأبعاد المختلفة لما سموه "عصر التفاهات".

وتركزت المناقشات حول الكيفية التي تحولت بها وسائل التواصل الاجتماعي إلى منصات لصناعة مشاهير لا يملكون رصيدا حقيقيا من العلم أو الحكمة أو القيم الأصيلة.

وأشار المتحدثون إلى أن هذه الظاهرة ليست وليدة اليوم، بل تجد جذورها في النصوص الدينية التي حذرت من زمن ينطق فيه "الرويبضة" ويتصدر المشهد فيه التافهون، لافتين إلى أن العصر الحالي يشهد تسارعا مخيفا في هذا الاتجاه، حيث تنتج كل فترة قصيرة شخصيات جديدة تحظى بمتابعة واسعة دون أن تقدم محتوى ذا قيمة حقيقية.

وانقسمت آراء المشاركين حول أسباب هذه الظاهرة، لكنهم اتفقوا على أن الفراغ الروحي والفكري يمثل العامل الأساسي وراء انجذاب الناس لهؤلاء المشاهير، وأن هذا الفراغ يخلق حاجة نفسية لإيجاد قدوة يتبعها الإنسان، وفي غياب القدوات الحقيقية، يلجأ الناس إلى أول من يلمع في سماء الشهرة.

وتناول النقاش دور وسائل التواصل الاجتماعي في تفاقم هذه المشكلة، حيث تعمل هذه المنصات وفق مبدأ "ما تكرر تقرر"، فكلما زاد ظهور شخص معين، زادت شهرته بغض النظر عن مضمون ما يقدمه.

ويؤدي هذا الأمر إلى خلق دورة مستمرة من إنتاج المشاهير "التافهين" الذين يحلون محل بعضهم البعض دون انقطاع.

وأكد المشاركون في البرنامج أن المشكلة لا تقتصر على المشاهير أنفسهم، بل تمتد لتشمل الجمهور المتابع، الذي وصفوه بأنه "أشد تفاهة" من المتابع نفسه.

ويهدف هذا التوصيف القاسي ظاهريا -حسب المشاركين- إلى إيقاظ الناس من غفلتهم وحثهم على إعادة النظر في اختياراتهم وأولوياتهم.

إعلان

وأكد ضيوف الحلقة على أهمية التربية الإيمانية والأسرية في مواجهة هذه التحديات، حيث أجمعوا على أن الحل الجذري يكمن في إعادة بناء منظومة القيم من خلال التعليم الصحيح والتربية المتوازنة.

دور الأسرة

وتحمل الأسرة المسؤولية الكبرى في توجيه الأطفال نحو القدوات الصالحة منذ الصغر، بحيث ينشؤون وهم يمتلكون معايير واضحة للتمييز بين الحق والباطل.

وحذر الخبراء من مسألة أخرى غاية في الخطورة وهي إدمان الهواتف الذكية الذي صنفته منظمة الصحة العالمية ضمن حالات الإدمان المرضية منذ أواخر التسعينيات.

ويؤدي هذا الإدمان إلى قضاء ساعات طويلة في متابعة محتوى تافه، مما يحرم الأشخاص من الاستفادة من أوقاتهم في أنشطة مفيدة ومثمرة.

واتفق المتحدثون على ضرورة إعادة الاعتبار لقيمة الوقت في حياة الإنسان، مؤكدين أن الوقت الذي يضيع في متابعة التفاهات هو وقت لا يعود أبدا، وسيكون شاهدا على الإنسان يوم القيامة.

ويضفي هذا المنظور الديني للوقت بعدا أعمق على المشكلة ويجعل من ضرورة حلها أمرا لا يحتمل التأجيل.

وختم المشاركون مداخلاتهم بدعوة صريحة للعودة إلى القرآن الكريم كمصدر للهداية والحكمة، مؤكدين أن فيه من الحلاوة والنور ما يغني الإنسان عن كل تفاهة.

وتمثل هذه الدعوة -وفقا لرأيهم- الحل العملي المقترح لمواجهة ظاهرة تقديس المشاهير واستعادة البوصلة الصحيحة في اختيار القدوات والمراجع في الحياة.

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

0 تعليق