أطلقت الأمم المتحدة، الخميس، تحذيراً شديد اللهجة، داعية إلى اتخاذ إجراءات دولية عاجلة لمنع وقوع "فظائع وهجمات واسعة النطاق على أساس إتني" في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، غربي السودان. وتكتسب هذه الدعوة أهمية قصوى كونها تأتي في ظل حصار خانق تفرضه قوات الدعم السريع على المدينة، مما يهدد بوقوع كارثة إنسانية ومجازر بحق مئات الآلاف من المدنيين المحاصرين.
تُعد مدينة الفاشر آخر مركز رئيسي في إقليم دارفور لا يزال تحت سيطرة الجيش السوداني، كما أنها أصبحت ملاذاً آمناً لمئات الآلاف من النازحين الفارين من مناطق أخرى في الإقليم.
ويثير الحصار الحالي الذي تفرضه قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها مخاوف جدية من تكرار أعمال العنف الإتنية المروعة التي شهدها إقليم دارفور في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، خاصة وأن الصراع الحالي يحمل أبعاداً قبلية وعرقية معقدة.
في بيان صدر الخميس، قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إن الوضع في الفاشر ينذر بالخطر، مشدداً على أن "الفظائع يمكن تجنبها إذا اتخذت جميع الأطراف إجراءات ملموسة لاحترام القانون الدولي".
وأضاف تورك أن التقارير الواردة من المدينة والمناطق المحيطة بها تشير إلى تصاعد الهجمات العشوائية وحرق القرى، مما يعرض حياة المدنيين وممتلكاتهم لخطر داهم. وطالب البيان بضرورة "منع الاستمرار في ارتكاب الجرائم الفظيعة" وضمان حماية السكان بغض النظر عن انتمائهم.
على الصعيد الإنساني، يمثل الهجوم المحتمل على الفاشر تهديداً مباشراً لحياة أكثر من 1.5 مليون شخص، بما في ذلك أعداد كبيرة من النساء والأطفال، مع انهيار شبه كامل للقطاع الصحي وشح حاد في الغذاء والماء.
أما على الصعيد الدبلوماسي، فإن هذا التحذير الأممي يهدف إلى حشد ضغط دولي على طرفي النزاع، والفاعلين الإقليميين الداعمين لهما، من أجل وقف التصعيد وفتح ممرات إنسانية آمنة بشكل فوري. كما يضع هذا البيان مرتكبي أي انتهاكات قادمة تحت طائلة المساءلة أمام القانون الجنائي الدولي.
يرتبط التصعيد في الفاشر بالمسار الكارثي للحرب الأهلية في السودان، والتي دخلت عامها الثاني دون وجود أي أفق لحل سياسي. ويعكس هذا الوضع فشل الجهود الدبلوماسية الإقليمية والدولية في التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم.
إن مصير مدينة الفاشر أصبح الآن اختباراً حقيقياً لمدى جدية المجتمع الدولي في تطبيق مبادئه المتعلقة بحماية المدنيين ومنع الإبادة الجماعية، قبل أن يتحول التحذير من "فظائع وشيكة" إلى واقع مأساوي.
0 تعليق