بغداد – في خضم التطورات السياسية المتسارعة التي يشهدها العراق، والجهود المستمرة لترسيخ الاستقرار الديمقراطي، تستعد البلاد لاستحقاق انتخابي حاسم من شأنه أن يحدد ملامح السلطة التشريعية ومستقبل المشهد السياسي.
ومع اقتراب الموعد النهائي للاقتراع في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، والذي يُجرى تحت إشراف المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، تنطلق مرحلة الحملات الدعائية للمرشحين والكيانات السياسية غدا الجمعة، كإعلان رسمي لتفعيل المنافسة السياسية.
وتجري الحملات الدعائية للانتخابات في العراق من خلال عرض المرشحين والكيانات لبرامجهم السياسية عبر مختلف وسائل الإعلام والساحات العامة، حيث يشهد هذا الاستحقاق تنافسا حادا بين 31 تحالفا، و38 حزبا، و75 قائمة منفردة، تتنافس جميعها لحجز مقاعدها في البرلمان ذي الـ319 مقعدا.
وتتولى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات مسؤولية مراقبة ورصد هذه الحملات، للتأكد من التزامها بالسقوف الزمنية المحددة والأخلاقيات الانتخابية، ومنع أي مخالفات أو استغلال لموارد الدولة.
وفي هذا التقرير نستعرض أهم الأسئلة المتعلقة بهذه العملية الانتخابية مع الإجابات عليها.

كيف يُحتسب المقعد البرلماني؟
وفقا للخبير في الشأن الانتخابي العراقي يوسف سلمان، فإن النظام الحالي يعتمد على نظام الدائرة الواحدة ضمن المحافظة، أي أن المحافظة تُعتبر دائرة انتخابية واحدة، ويتم احتساب القاسم الانتخابي على مستوى المحافظة بالاعتماد على نظام سانت ليغو 1.7.
وأوضح سلمان للجزيرة نت آلية الاحتساب قائلا إنه "يتم تقسيم مجموع الأصوات الصحيحة في الدائرة الانتخابية الواحدة (المحافظة) على عدد المقاعد المخصصة لتلك الدائرة، ويعد الناتج هو القاسم الانتخابي الذي يمثل عدد الأصوات اللازمة للحصول على مقعد واحد".
وأكد سلمان أن توزيع المقاعد يتم وفقا لنظام التمثيل النسبي داخل الدائرة، حيث يتم توزيع المقاعد على القوائم والكيانات السياسية بحسب نسب الأصوات التي حصلت عليها.
إعلان
وفي هذه الحالة، يعتمد الفوز بشكل أساسي على أعلى الأصوات التي يحصل عليها المرشح داخل القائمة التي فازت بالمقاعد، ويتم اللجوء إلى طريقة احتساب لتوزيع المقاعد المتبقية.
وأضاف أن النظام الانتخابي يركز على توزيع المقاعد على الكتل بحسب نسبتها من الأصوات، مع مراعاة أعلى الأصوات الفردية ضمن كل كتلة، وهو ما يُعتبر تحولا يسعى لتعزيز التمثيل النسبي للقوى السياسية على حساب التمثيل الفردي.
كيف تتوزع المقاعد على الكتل والكوتا؟
يتم توزيع المقاعد على المرشحين الفائزين بناء على أعلى الأصوات الفردية التي حصلوا عليها، ضمن الكيانات الفائزة في الدائرة الانتخابية الواحدة (المحافظة)، لكن قانون الانتخابات رقم 12 لسنة 2018 المعدل والمصوت عليه في عام 2023 يفرض نظاما لضمان تمثيل فئات محددة، وهي:
كوتا النساء: يخصص القانون نسبة لا تقل عن 25% من مجموع مقاعد مجلس النواب للنساء، ويتم ملء هذه المقاعد من المرشحات الحاصلات على أعلى الأصوات في كل دائرة، وفي حال لم تتحقق هذه النسبة من الفائزات مباشرة يتم استكمالها من المرشحات الخاسرات الحاصلات على أعلى الأصوات في القائمة غير الفائزة، وهكذا لضمان تحقيق النسبة المطلوبة في كل محافظة. كوتا المكونات: تُخصص مقاعد محددة للمكونات القومية والدينية على مستوى المحافظات أو على المستوى الوطني، وتشمل المسيحيين، والصابئة المندائيين، والإيزيديين، والشبك، والكرد الفيليين، ويفوز بهذه المقاعد المرشحون من هذه المكونات الحاصلون على أعلى الأصوات ضمن الكوتا المخصصة.ما تأثير قياس النجاح الانتخابي ونسبة المشاركة؟
يثار تساؤل متكرر حول نسبة المشاركة التي تثبت نجاح الانتخابات، وفي هذا الصدد، يؤكد الخبير يوسف سلمان أن القانون العراقي لا يوجد فيه نصاب محدد لنسبة المشاركة بحيث تُلغى الانتخابات في حالة عدم تحقيقه.
وأضاف أن الانتخابات تُعتبر ناجحة بمجرد إجرائها وفقا للأطر القانونية والدستورية، وأن النسبة تعكس فقط مدى إقبال الجمهور على المشاركة السياسية.

ما الجدول الزمني للإعلان عن النتائج وآليات التدقيق؟
يقول سلمان إن مرحلة الاقتراع وما بعدها تتطلب تدقيقا، حيث تبدأ أولا بفترة الصمت الانتخابي قبل 24 ساعة من يوم الاقتراع، والتي يُمنع خلالها أي دعاية.
أما إعلان النتائج فيمر بمرحلتين:
النتائج الأولية: يتم إعلانها عادة خلال 24 ساعة بعد انتهاء عملية الاقتراع. النتائج النهائية والرسمية: تُعلن بعد الانتهاء من عمليات التدقيق الإلكتروني واليدوي -إذا لزم الأمر- والبت في الشكاوى والطعون المقدمة من قبل المفوضية والهيئة القضائية للانتخابات.وأوضح سلمان أنه لا توجد مدة محددة في القانون لإعلانها، لكنها يجب أن تكون بمدد زمنية معقولة تسمح بتدقيق النتائج وتصديقها، حيث تتولى مفوضية الانتخابات عملية العد والفرز الإلكتروني والتدقيق الأولي.
وأشار الخبير في الشأن الانتخابي إلى أنه يتم اللجوء إلى العد والفرز اليدوي في محطات الاقتراع التي تشوب نتائجها شبهات أو التي تظهر فيها مطابقة للعد الإلكتروني بنسبة تختلف عن الحد المقرر، أو بناء على قرار من الهيئة القضائية للانتخابات.
إعلان
أما آلية الطعون، فتكون من خلال تقديم الكيانات والمرشحين للشكاوى والمخالفات إلى المفوضية خلال مدة محددة لا تتجاوز 72 ساعة من إعلان النتائج.
وأكد سلمان أنه يحق لمن لم يقتنع بقرار المفوضية الطعن به أمام الهيئة القضائية للانتخابات، وهي جهة قضائية مختصة تابعة لمجلس القضاء الأعلى، ويصدر قرار الهيئة القضائية في مدة أقصاها 10 أيام، ويكون باتا وملزما، وتُرفع النتائج إلى المحكمة الاتحادية العليا لتصديقها، وبذلك تكون النتائج رسمية ونهائية.
كيف يتم تدقيق سجل الناخبين وما عقوبات التزوير؟
يقول الخبير بالشأن السياسي العراقي ضياء الشريفي إنه لضمان نزاهة الانتخابات، تعتمد المفوضية في تدقيق سجل الناخبين على السجل البيومتري (البصمة الإلكترونية) بالتعاون مع وزارتي الداخلية والتخطيط، لضمان دقة البيانات ومنع التكرار والتصويت المتعدد.
وأوضح الشريفي للجزيرة نت شروط مشاركة الناخبين: وهي أن يكون عراقيا، كامل الأهلية، أتم 18 من عمره في سنة الانتخابات، ومسجلا ولديه بطاقة ناخب إلكترونية.
وتُعتبر مخالفات وتزوير الانتخابات جرائم انتخابية يُعاقب عليها القانون، وتنقسم الإجراءات المتخذة ضد المخالفين إلى قسمين، وفقا لتوضيح الشريفي:
العقوبات الجزائية: التي قد تصل إلى الحبس أو السجن وفرض غرامات مالية كبيرة تصل إلى 5 ملايين دينار (نحو 3780 دولارا) لمن يثبت تزويره لأوراق الاقتراع، أو سرقتها، أو تأثيره على إرادة الناخبين بالقوة، أو تعمد التصويت باسم الغير. العقوبات الإدارية على المرشحين، من خلال استبعاد المرشح من القائمة، أو إلغاء نتائج محطات الاقتراع التي ثبت فيها التزوير، وذلك بقرار من المفوضية أو الهيئة القضائية للانتخابات.
ما الآلية التي سيتم بها حل البرلمان الحالي؟
بعد انتهاء مرحلة الطعون وتصديق المحكمة الاتحادية العليا على النتائج النهائية، يصبح الطريق ممهدا لتشكيل مجلس النواب الجديد، حيث ينص الدستور على أن يدعو رئيس الجمهورية مجلس النواب الجديد لعقد الجلسة الأولى خلال 15 يوما من تاريخ التصديق.
وفي هذا الصدد يقول النائب محمد الخفاجي، عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي، إن مجلس النواب الحالي سيستمر في أعماله حتى تاريخ الثامن من شهر يناير/كانون الثاني من العام المقبل.
وأوضح الخفاجي خلال حديثه للجزيرة نت أن حل المجلس سيكون بقرار نيابي يصدر من رئاسة مجلس النواب، وذلك بعد استكمال المدة الدستورية المحددة.
وأشار إلى أن هذا الموعد يأتي تطبيقا لما نصت عليه المادة (56/أولا) من الدستور العراقي، التي تنص على أن "تكون مدة الدورة الانتخابية لمجلس النواب أربع سنوات تقويمية، تبدأ بأول جلسة له، وتنتهي بنهاية السنة الرابعة".
وبيّن الخفاجي أنه سيتم دعوة البرلمان الجديد للانعقاد في اليوم التالي لانتهاء ولاية المجلس الحالي، حيث تُعقد هذه الجلسة برئاسة أكبر الأعضاء سنا، وفيها يتم انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه، معلنا بذلك بداية الدورة البرلمانية وبدء المفاوضات لتشكيل الحكومة الجديدة.
0 تعليق