ذكرت مجلة "لوبوان" الفرنسية الأسبوعية، أن قرار الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، الاعتراف بدولة فلسطين، سيخلد فى التاريخ، مشيرة إلى أنه بعد 43 عاما من طرح الرئيس الفرنسى الأسبق فرانسوا ميتران فكرة إقامة دولةٍ فلسطينية لأول مرة خلال خطاب ألقاه أمام الكنيست، يستعد ماكرون للاعتراف بدولة فلسطين اليوم في مؤتمر يعقد في نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وذكرت المجلة، أن الرئيس الفرنسي أعلن التزامه بهذا القرار علنا في أبريل عقب زيارة لمصر التقى فيها باللاجئين الفلسطينيين من غزة في مدينة العريش. وبمبادرة من الدبلوماسية الفرنسية، حذت نحو عشر دول أخرى حذو فرنسا، منها أستراليا وكندا والبرتغال والمملكة المتحدة.
وفي هذا الصدد، أجرت مجلة "لوبوان" الفرنسية، حوارا حصريا مع السفيرة هالة أبو حصيرة، رئيسة البعثة الفلسطينية في باريس منذ 2021 والتي توشك أن تصبح أو سفيرة لدولة فلسطين لدى فرنسا، حيث أكدت أن دولة فلسطين، بشكلها القانوني، قائمة بالفعل.. وهي عضو كامل العضوية في منظمات دولية بالغة الأهمية، مثل اليونسكو وتتمتع بصفة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة، مشيرة إلى أن فلسطين استثمرت في بناء مؤسسات الدولة لمدة ثلاثين عاما، وقد أشاد البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بأدائها وفعاليتها.
وعن التحرك الفرنسي بشأن فلسطين، قالت هالة أبو حصيرة: "نعيش لحظة تاريخية إذ تقود فرنسا، بدعم من العالم أجمع جبهة قائمة على القانون الدولي وحق الشعوب في تقرير مصيرها، من أجل السلام. ولن يتحقق هذا بالسلاح والمجازر، بل باحترام القانون الدولي والتزام المجتمع الدولي بأسره.
ورحبت السفيرة الفلسطينية - في حوارها - بهذه المبادرة، التي تمثل، في المقام الأول، اعترافا بحق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير مصيره في دولته المستقلة ذات السيادة مؤكد ان هذا حقا عالميا لجميع الشعوب، مهما كانت ظروفها ... لقد اختارت فرنسا اليوم طريق السلام، طريق القانون الدولي.
وفيما يتعلق بما سيغيره الاعتراف الفرنسي فعليا بالنسبة للفلسطينيين ووضع البعثة الدبلوماسية الفلسطينية في باريس.. قالت هالة أبوحصيرة، إنه سيتم تطبيق اتفاقية فيينا للعلاقات السياسية والدبلوماسية والقنصلية، لذلك، نتوقع ترقية وضع البعثة الفلسطينية إلى سفارة دولة فلسطين في فرنسا، وأن يصبح رئيس البعثة الفلسطينية سفيرا لدولة فلسطين. كما سيؤكد هذا التغيير في الوضع إقامة علاقات حقيقية بين الدولتين، بما في ذلك التعاون الثنائي في مجالات متعددة. وسيستلزم ذلك دعما قويا من فرنسا لسلسلة كاملة من الإصلاحات التي نفذتها الحكومة الفلسطينية على مدار الثلاثين عاما الماضية، والتي نواصل تطبيقها من أجل شعبنا.
وحول إشارة الحكومة الإسرائيلية بالفعل إلى أنه ستكون هناك إجراءات انتقامية في أعقاب هذا الاعتراف الفرنسي، بما في ذلك احتمال ضم كل أو جزء من الضفة الغربية.. قالت السفيرة الفلسطينية، إن مشروع الضم الإسرائيلي غير القانوني للضفة الغربية قائم منذ زمن طويل، ولا علاقة له بالاعتراف بالدولة الفلسطينية. في عام 2020،فقد أعلنت الحكومة الإسرائيلية نيتها ضم الضفة الغربية، وهو ما يشكل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، لكن العالم بأسره شكل آنذاك جبهة واحدة لمنعها.. وهكذا، تتخذ إسرائيل الآن من اعتراف فرنسا ودول أخرى بالدولة الفلسطينية ذريعة لتنفيذ مشروع الضم واستكماله.
وحول الوضع في غزة - حيث ولدت السفيرة الفلسطينية - قالت "إن الوضع يفوق التصور.. نصف سكان غزة، أي ما يقارب مليون نسمة، كانوا في مدينة غزة تلقوا أمرا عسكريا بالإخلاء إلى الجنوب، مدعين وجود منطقة إنسانية آمنة هناك. لكنها امتلأت، ولم ينج أي مكان من القصف، لم يبق مكان آخر في غزة، لا بنية تحتية، لا ماء، لا مأوى، لا مدارس، لا مستشفيات.. يجد الناس أنفسهم الآن يعيشون في الشوارع، في خوف ورعب شامل ، لا يعرفون إلى أين يتجهون أو كيف يحمون أطفالهم".
وحول إدعاء الحكومة الإسرائيلية اليوم أنها تتخذ إجراءات للقضاء على حماس وتحرير الرهائن المتبقين، أشارت هالة أبو حصيرة، إلى أن هذه الحجة لا أساس لها من الصحة فهدف إسرائيل هو طرد وترحيل جميع سكان قطاع غزة قسرا خارج الأراضي الفلسطينية وكما أكد وزير ماليتها، بتسلئيل سموتريتش، فإن غزة أصبحت في نظرهم مشروعا عقاريا، وهذا أمر مستهجن ويجب رفضه لمنع طرد شعب بأكمله من أرضه، يجب فرض عقوبات، وهو ما أوصت به ايضا محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري الصادر العام الماضي.
وفيما يتعلق بتأكيد العديد من المسؤولين الإسرائيليين، أن إطلاق حماس سراح الرهائن دون قيد أو شرط يمكن أن ينهي الحرب فور، أكدت السفيرة الفلسطينية، أن إسرائيل هي التي تخلت عن رهائنها.. مشيرة إلى أن إطلاق سراحهم كان في طور الانتهاء من خلال اتفاق وقف إطلاق النار، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اختار خرقه من جانب واحد في مارس الماضي، على الرغم من أن العملية قد أسفرت بالفعل عن إطلاق سراح عدة دفعات من الرهائن الإسرائيليين .
وعن الشرعية التي تتمتع بها السلطة الفلسطينية - التي لم تجر انتخابات منذ عام 2006 - لدى الفلسطينيين اليوم، أكدت هالة أبو حصيرة، أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وهي من تبادر بالإصلاحات، بحكومة فلسطينية فاعلة وفعالة، تمثل الشعب الفلسطيني ... أما فيما يتعلق بالانتخابات، فهي مطلب فلسطيني، قيادة وشعبا، وإسرائيل هي من منعتها بعرقلة إجرائها في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية المحتلة، وهو أمر لطالما عارضته.. وأكدت - في هذا الصدد - أنه ستكون هناك انتخابات حيث أعلن الرئيس محمود عباس، عن إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية خلال عام من وقف إطلاق النار.
0 تعليق