في ظل ارتفاع تكاليف التقاضي وصعوبة الوصول إلى خدمات قانونية ميسورة، يلجأ كثير من الأفراد في أستراليا إلى تمثيل أنفسهم أمام المحاكم، وهي ظاهرة آخذة في التوسع، خاصة في قضايا الهجرة والإفلاس والوصايا والنزاعات المدنية.
ومع ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل «تشات جي بي تي»، أصبح الإغراء باستخدام هذه التقنيات المجانية أو منخفضة الكلفة كبيراً لكن المخاطر القانونية تزداد كذلك.
يحذر القضاة، مثل القاضي ماي آنه تران، من محكمة مقاطعة فيكتوريا، من أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي قد يضر بقضيتك بدلاً من أن يساعدك، خاصة إذا لم يتم التحقق من دقة المعلومات التي ينتجها. إذ إن هذه الأدوات، رغم قدراتها اللغوية، قد تقدم معلومات قانونية خاطئة أو قضايا غير موجودة، ما يُعرض المتقاضين لخسارة قضاياهم أو حتى لتحمل التكاليف القانونية للطرف الآخر.
دراسة جديدة رصدت 84 حالة استخدام موثقَة للذكاء الاصطناعي التوليدي في المحاكم الأسترالية منذ أواخر 2022، تبين أن أكثر من ثلاثة أرباعها (66 حالة) تخص متقاضين يمثلون أنفسهم.
وفي حالات متعددة، قدم المتقاضون مستندات تحتوي على مراجع قانونية مختلقة أو تفسيرات مغلوطة. وأشار رئيس قضاة نيو ساوث ويلز، أندرو بيل، إلى حالة استخدمت فيها متقاضية مذكرات قانونية أعدها الذكاء الاصطناعي، لكنها كانت مضللة وغير ذات صلة. وفي حين يُحاسب المحامي قانونياً إذا أخطأ، فإن المتقاضي الذي يمثل نفسه يتحمل كامل المسؤولية، وقد يصدر ضده حكم بتحمل التكاليف في حال تسبب استخدامه للذكاء الاصطناعي في إضاعة وقت المحكمة أو تقديم معلومات مضللة.
وأصدرت عدة محاكم أسترالية إرشادات واضحة، مثل محكمة كوينزلاند العليا، تحذر من الاعتماد على الذكاء الاصطناعي دون تحقق، والبديل الأكثر أماناً هو استخدام منصات قانونية موثوقة، كما تتيح مكتبات المحاكم وكليات الحقوق العامة الوصول إلى موارد قانونية موثوقة، وكتب إرشادية تسهل فهم الإجراءات القانونية لمن لا يملكون خلفية قانونية. ورغم الآمال المعقودة على الذكاء الاصطناعي لسد فجوة الوصول إلى العدالة، إلا أنه لا يزال بعيداً عن أن يكون بديلاً موثوقاً عن المحامين. القانون يتطلب دقة، وفهماً للسياق، وتطبيقاً سليماً للمبادئ القانونية وهي عناصر قد تغيب في مخرجات الذكاء الاصطناعي، مهما بلغت قدرتها. وحتى يتطور الذكاء الاصطناعي ليصبح أداة قانونية فعالة وآمنة، تبقى الخدمات القانونية الميسورة هي الحل الحقيقي لضمان عدالة منصفة وشاملة.
الذكاء الاصطناعي يُضعف الموقف القانوني ولا يشكل بديلاً للمحامين - البطريق نيوز

الذكاء الاصطناعي يُضعف الموقف القانوني ولا يشكل بديلاً للمحامين - البطريق نيوز
0 تعليق