عاجل

شروط الاستشارات المفيدة - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

د. لويس حبيقة *

ما يحصل في دولنا النامية أن السياسيين يستعملون الخبرات الاقتصادية، ليس لتحسين قراراتهم وإنما لتبريرها، خاصة عندما لا تكون مدروسة أو منطقية. تشير الدراسات الأمريكية إلى أن إجماع الخبراء على مواضيع معينة، يكون عموماً في الجهة المقابلة لإجماع السياسيين، وهذا يدعو للدهشة وينعكس على التطبيق. من هي الضحية؟ المواطن حتماً وهذه هي الحال في كل الدول بدرجات أقل أو أعلى تبعاً للأوضاع والحالات. هنالك واقع وهو أن السياسيين والاقتصاديين يتكلمون لغات مختلفة أي عملياً يأتون من حضارتين مختلفتين بل متناقضتين أحياناً.
هنالك 4 عوامل تحدد تصميم السياسات الاقتصادية. أولاً: السياسات العليا العامة أي اتجاه الحكم في المبدأ نحو اليمين أو الوسط أو اليسار.
ثانياً: الرسالة التي يريد السياسيون إرسالها للداخل كما للخارج والآليات التي يمكن اتباعها لإيصال الرسائل. ثالثاً: كيف يمكن تقوية المحتوى كي يكون مقبولاً بل مرغوباً فيه من السياسيين كما من المواطنين؟
رابعاً: ما هي العوامل التي تسهل أو تعرقل وصول السياسات الاقتصادية إلى شواطئ الآمان؟
أهم عوامل تسهل أو تعرقل ربط الحكم بالشعب من الناحية الاقتصادية هي أولاً الجهل أو المعرفة وثانياً العقيدة أو العقائد التي تمنع المواطن من النظر بموضوعية إلى السياسات المقترحة. فالعقيدة مهمة لكن يمكن أن تكون مضرة إذا تشبث الإنسان بها ولم يعد يحلل أو يفكر موضوعياً. ثالثاً، هنالك تكتلات أو قوى تتجمع لتوجيه السياسات نحو مصالحها حتى لو تضررت أكثرية المواطنين. فأصحاب المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية هم عموماً أقوياء ويديرون الأمور كما يشتهون. لمواجهة كل هذه الأمور، الثقافة الاقتصادية تصبح ضرورية جداً لتقوية المنطق والوصول إلى تأمين مصالح المواطن العادي. باختصار السياسيون يعملون عموماً على المدى القصير والاقتصاديون يعملون عموماً على المدى البعيد إذ تتوضح الرؤية أكثر.
هنالك 3 عوامل تبقى في غاية الأهمية وهي تنظيم محتوى ومنطق الدراسات بحيث تفهم بسهولة. العامل الثاني هو نجاح الجميع في إيجاد الحل العملي بين المنطقين السياسي والاقتصادي. أما العامل الثالث فهو توقيت تنفيذ السياسات إذ إن سياسات جيدة تفشل إذا طبقت في أوقات غير مناسبة وسياسات مقبولة تنجح إذا طبقت في أوقات مناسبة للدولة.
ما هي المقترحات التي يمكن تقديمها لتحسين الأداء السياسي العام وخاصة الاقتصادي؟ أحياناً لا بد من تعديل بعض جوانب النظام السياسي بحيث تتم معالجة العقبات الداخلية.
المطلوب من السياسيين التفكير أقل على المدى القصير كما يجب على الاقتصاديين أن يتكلموا بلغة بسيطة تفهم أمام عموم الناس وبالتالي يتم التواصل معهم بشكل أسهل. فالتخاطب في كل الاتجاهات مهم في الدول المنفتحة الناضجة والحامية للحريات. الحقيقة أن المواطن العادي لا يتصرف في الحياة العملية تماماً كما تعلمنا وندرس في كتب الاقتصاد وبالتالي علينا التأقلم مع الواقع والحقيقة. أهم شيء في العلاقة بين السياسيين والاقتصاديين التركيز على الأمور الأهم قبل المهم أي مصالح المواطن والاقتصاد ومستقبل الأجيال.
* كاتب اقتصادي لبناني
[email protected]

0 تعليق