جمال التصوير.. وتشي العاديات بما هو آتٍ - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تلك هي الخيل في أعظم وصف، وفي أعظم قدرة، وفي أجل ذكر، وفي أدق تفصيل، وفي قوة الربط وجمال التصوير.

وما كانت (العاديات) في سورة (العاديات) إلا الخيل في أقوى مشهد يمر على الأذهان المتمعنة والمتأملة في سمو الكلمة والحرف، والمستشعرة جمال الصورة، بما تحمله من هيبة وعنفوان القسم الذي جاء معلناً القوة والتضحية في أروع صورها.

(وَٱلعَٰادِيَاتِ ضَبحا)؛ سرعتها في العدو والاستجابة دون تردد بمجهود مضنٍ وصوت أنفاسها تتسارع وتصدر ضبيحاً من شدة الركض.

(‏فَٱلمُورِيَاتِ قَدحا)؛ تخرج النار والشرر من حوافرها نتيجة احتكاكها بالصخر، إشارة بلغة العرب البسيطة إلى ظاهرة فيزيائية دقيقة، ليعطينا انسجام الوصف القرآني مع القوانين الكونية ومشهد الضرب في الأرض والنار ليكتمل المشهد إثارة.

(‏فَٱلمُغِيرَاتِ صُبحا)؛ هجوم الفجر لتكون المفاجأة أشد.

(‏فَأَثَرنَ بِهِ نَقعا)؛ تطاير الغبار الكثيف والأتربة في الهواء في منظر جمالي مهيب.

(‏فَوَسَطنَ بِهِ جَمعاً)؛ أي اخترقن صفوف العدو بقوة ووصلت للوسط حيث تتمركز الأشياء الأكثر أهمية.

وبعد هذا المشهد المجلجل بكل صوره البلاغية والجمالية وإحساسه وكأنك في ساحة معركة؛ يأتي جواب القسم بمشهد صادم (إِنَّ ٱلإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُود) ليبرز التناقض بين الطاعة والجحود.

‏لينقلنا من حالة تحمل في أصولها وكوامنها وطياتها إلى مشاهد التضحية والإيثار والقوه والكرامة، ولا نغفل الجمال في حركات الخيل ومفاجآته التي تصيبك بالذهول إلى حالة الجمود واليأس والرتابة عند بني الإنسان.

(‏إِنَّ ٱلإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُود)

(‏وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ لَشَهِيد)

(‏وَإِنَّهُ لِحُبِّ ٱلخَيرِ لَشَدِيدٌ)

‏كيف لنا أن ننسى تزاحم النعم من حولنا وشكر الله عليها؟ وكيف لنا أن نكون شهداء على ذلك التقصير ولا نحرك ساكناً؟ وكيف لنا أن نفتن بالمال دون البذل والعطاء؟

‏آيات في هذه السورة تشي بالحيوية والانطلاق والقوة والتضحية تجتمع تلك الصفات فيه.

وآيات تشي بالركود والكنود تجتمع فينا.

‏بين رمزية التضحية والجحود التام نقف حائرين ما الذي يدفعنا لنكون على ما نحن عليه وما الذي يدفعنا للتغيير.

أخبار ذات صلة

 

0 تعليق