ادعاء ترامب بإنهائه "7 حروب لا تنتهي" حقيقة أم مبالغة؟ - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يكرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مقابلاته العديدة مقولة أنه أنهى "7 حروب لا تنتهي"، وبرزت تلك التصريحات بشكل خاص في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي حيث وصف نفسه بأنه صانع سلام عالمي يستحق جائزة نوبل.

فهل حقا نجح ترامب في تحقيق ما عجزت عنه الأمم المتحدة لعقود، أم أن الأمر لا يعدو كونه مبالغة سياسية تهدف لتعزيز صورته من أجل الفوز بجائزة نوبل للسلام التي يطمح بشدة لنيلها؟

النزاعات أو "الحروب" التي أشار إليها ترامب أثارت جدلا واسعا، خاصة أن بعضها لم تكن حالة حرب فعلية، وهذه النزاعات السبعة هي: إسرائيل وإيران، الهند وباكستان، أرمينيا وأذربيجان، الكونغو ورواندا، كمبوديا وتايلاند، مصر وإثيوبيا، وصربيا وكوسوفو.

ونستعرض هنا تلك النزاعات التي وصفها ترامب بأنها "حروب لا تنتهي"، لنرى هل هي حقا حروب، وهل نجح في وقفها أم أنها كلامه مجرد مزاعم غير حقيقية.

إسرائيل وإيران

شهد يونيو/حزيران 2025 حربا قصيرة استمرت 12 يوما بعد هجوم إسرائيلي على منشآت نووية إيرانية، ردت عليه طهران بهجمات صاروخية.

ترامب أعلن وقف إطلاق النار بعد تدخل عسكري أميركي بضربات صاروخية جوية استهدف مواقع نووية إيرانية.

ويرى الخبراء أن تدخل الرئيس الأميركي ساهم في التهدئة، ووقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران تحقق، لكن دون اتفاق دائم أو حل لملف إيران النووي، كما أن النزاع لم يحل جذريا، ما يجعل الهدنة هشة وقابلة للانهيار.

TEHRAN, IRAN - JULY 11: Government experts inspect the damage to buildings damaged in the Israeli bombing of central Tehran, on July 11, 2025 in Tehran, Iran. (Photo by Majid Saeedi/Getty Images)
أحد المباني التي دمرها القصف الإسرائيلي في وسط طهران في يوليو/تموز الماضي (غيتي)

الهند وباكستان

اندلع قتال عنيف في كشمير المتنازع عليها بين الهند وباكستان في مايو/أيار 2025 بعد هجوم دموي على سياح، وتبادل البلدان القصف.

ترامب أعلن أنه توسط لوقف إطلاق النار، لكن الهند نفت أي وساطة أميركية، مؤكدة أن التفاهم تم مباشرة مع باكستان، لكن إسلام أباد، رغم ذلك، شكرت ترامب ورشّحته لجائزة نوبل.

إعلان

الخلاصة، أن وقف إطلاق النار تحقق، لكن دور ترامب محل خلاف، كما أنه دوره ليس حاسما والنزاع بين البلدين لم يُحل جذريا.

SRINAGAR, INDIA - MAY 11: Indian paramilitary soldiers patrol Dal lake on May 11, 2025 in Srinagar, India. A fragile ceasefire is currently holding between India and Pakistan after several days of intense cross-border fighting, with both countries accusing each other of violations even as hostilities have largely subsided. While the truce has brought relief and hope to border communities, the situation remains tense and delicate, with ongoing concerns about sporadic breaches and unresolved issues such as Kashmir and water-sharing still dominating the agenda for future talks. (Photo by Yawar Nazir/Getty Images)
جنود شبه عسكريين هنود يقومون بدورية في منطقة حدودية مع باكستان، حيث لا يزال التوتر بين البلدين قائما (غيتي)

أرمينيا وأذربيجان

استضاف ترامب في أغسطس/آب 2025 قادة البلدين في البيت الأبيض لتوقيع إعلان نوايا للسلام بعد عقود من النزاع حول ناغورنو-كاراباخ.

ويعبتر هذا الاتفاق خطوة مهمة، لكن لم يتم التصديق عليه بعد، وما زالت هناك خلافات دستورية وحدودية، وعليه لا يمكن القول إن الحرب انتهت نهائيا.

الكونغو ورواندا

بين البلدين صراع مستمر منذ عقود، وتصاعد في 2025 بسبب هجمات جماعة "إم23" المدعومة من رواندا.

وقد لعب ترامب بالفعل دورا رئيسيا في جهود السلام بين الجيران الأفارقة، لكنه لم يلعب هذا الدور وحده، كما أن الصراع لم ينتهِ بعد.

ففي أواخر يونيو/حزيران 2025 وقّع وزيرا خارجية الكونغو ورواندا اتفاق سلام في البيت الأبيض. ومع ذلك، لم تشارك حركة إم23 بشكل مباشر في المفاوضات وقالت إنها لا تستطيع الالتزام بشروط اتفاق لا يشملها.

وكان من المفترض أن تكون الخطوة الأخيرة نحو السلام هي اتفاق منفصل تيسره قطر بين الكونغو و إم23 من شأنه أن يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار. ولهذا فإن الاتفاق الذي تم التوقيع عليه في واشنطن لم يوقف النزاع فعليا، ويمكن اعتباره بأن مجرد إطار سياسي هش.

WASHINGTON, DC - JUNE 27: U.S. President Donald Trump delivers remarks as he meets with Minister of Foreign Affairs and Cooperation of Rwanda Olivier Nduhungirehe and the Foreign Minister of the Democratic Republic of the Congo Thérèse Kayikwamba Wagner in the Oval Office at the White House on June 27, 2025. The meeting took place as a peace agreement brokered by the White House, which hopes to end a conflict in eastern Democratic Republic of Congo, was signed by officials of the two African nations. The leaders were also joined by pastor Paula White-Cain, U.S. Vice President JD Vance and Secretary of State Marco Rubio and Massad Boulos, senior adviser to President Trump. Joe Raedle/Getty Images/AFP (Photo by JOE RAEDLE / GETTY IMAGES NORTH AMERICA / Getty Images via AFP)
الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال لقائه وزيري خارجية رواندا والكونغو في البيت الأبيض في يوليو/تموز الماضي (الفرنسية)

كمبوديا وتايلاند

شهدت الحدود اشتباكات دامية في يوليو/تموز 2025 خلفت قتلى ونزوح جماعي، وقد هدد ترامب بوقف المفاوضات التجارية ما لم يتوقف القتال، ما دفع الطرفين لقبول وقف إطلاق النار في اجتماع بماليزيا.

لكنه كان سلاما مؤقتا، فرغم توقف القتال فإن جذور النزاع الحدودي لم تُحل، والتوترات والاشتباكات لا تزال مستمرة.

مصر وإثيوبيا

لم يصل الخلاف بينهما حول سد النهضة إلى درجة الحرب، بل ظل نزاعا دبلوماسيا.

حاول ترامب خلال ولايته الأولى التوسط في اتفاق، ثم ادعى لاحقا أنه ساهم في "السلام" و"أنهى الصراع"، لكن الحقيقة أن المفاوضات متعثرة، والسد اكتمل افتتاحه رغم اعتراض القاهرة. ولا وجود لاتفاق سلام، لأن الحرب لم تقع أصلا، وعليه يمكن تصنيف ادعاء ترامب بأنه مبالغ فيه.

epa12364207 Ethiopian National flags are displayed on the Grand Ethiopian Renaissance Dam (Gerd) on the Blue Nile River during its inauguration in the Benishangul-Gumuz Region, Ethiopia, 09 September 2025. The dam is a 6,450 MW hydropower dam stretching 1.78km across a valley and standing 145m high. EPA/STRINGER
الخلاف بشأن سد النهضة بين مصر وأثيوبيا ظل نزاعا دبلوماسيا ولم يصل إلى درجة الحرب (الأوروبية)

صربيا وكوسوفو

التوترات بين البلدين قائمة منذ استقلال كوسوفو عام 2008، لكن لم يحدث بينهما تصعيد عسكري كبير، وقد أدرج ترامب هذا النزاع في قائمته رغم غياب أي حرب فعلية خلال ولايته الثانية، وكل ما فعله ترامب أنه توسط في اتفاق اقتصادي بينهما عم 2020 لكنه لم يكن اتفاق سلام.

وعليه فإن مساهمة ترامب في 2025 تكاد تكون معدومة، فلم تكن هناك حرب فعلية ولا اتفاق سلام شامل.

ما وراء الخطاب

تصريحات ترامب عن تمكنه من إنهاء 7 حرب تأتي في سياق حملته لنيل جائزة نوبل للسلام، ومحاولة تقديم نفسه كزعيم عالمي حاسم، في مقابل انتقاداته المتكررة للأمم المتحدة التي وصفها بأنها "تكتب رسائل قوية فقط ولا تفعل شيئًا".

إعلان

لكن مراجعة الحقائق تكشف أن معظم "الانتصارات" التي يروج لها إما مؤقتة أو رمزية، وبعضها غير موجود أصلا، ورغم أنه لعب بالفعل دورا في تهدئة بعض النزاعات، لكن معظ الاتفاقات توصف بأنها هشة وغير مكتملة، كما أن بعض النزاعات لم تكن حروبا أصلا.

لذلك فإن تصريحات الرئيس الأميركي بأنه أنهى 7 حروب لا تصمد أمام التدقيق، وربما توصف بأنها "مضللة" وتعكس نمطا دعائيا معتادا في خطابه السياسي أكثر مما يعكس حقائق ميدانية أو دبلوماسية مثبتة.

المصدر: الجزيرة + الصحافة الأميركية + الصحافة البريطانية

0 تعليق