تتسع دائرة العزلة الدولية حول إسرائيل يوما بعد يوم، في مشهد تحول فيه الاحتلال من دولة تتمتع بدعم غربي مطلق إلى كيان محاصر بالمقاطعة الثقافية والرياضية والاقتصادية.
ويعكس هذا التحول الجذري تغيرا عميقا في الوعي العالمي تجاه الانتهاكات المستمرة بحق الشعب الفلسطيني، إذ باتت الجرائم المرتكبة في قطاع غزة موضع إدانة واسعة النطاق من دول كانت تُعتبر حليفة تقليدية للاحتلال.
وتناولت حلقة (2050/10/3) من برنامج "الشبكة" الساخر هذا الواقع الجديد من خلال نقد كوميدي يصور مدون إسرائيلي يحاول تصوير فيديو سفر، لكنه يكتشف استحالة اختيار وجهة آمنة بسبب المقاطعة الشاملة للاحتلال.
من إسبانيا التي تدعم غزة بقوة، إلى بريطانيا التي شهدت مواجهات في مهرجان غلاستونبيري، مرورا بفرنسا وتركيا وجنوب أفريقيا وكولومبيا وأيرلندا وهولندا، بل حتى تايلند البعيدة جغرافيا، جميع هذه الدول باتت تشكل بيئة معادية للاحتلال ومن يمثله.
ولا تقتصر هذه المقاطعة على البلدان فقط، بل امتدت لتشمل المنتجات والفنانين ونجوم هوليود، في ظاهرة تعكس تحولا جماهيريا عالميا.
فحتى البيتزا الإيطالية والمشروبات الأميركية والأفلام السينمائية باتت جزءا من معركة الوعي ضد الإبادة، وهذا يضع الداعمين للقضية الفلسطينية أمام خيارات محدودة في حياتهم اليومية.
التناقض العربي
وعلى النقيض من هذا الحراك العالمي، يستمر التناقض المحرج في المواقف العربية الرسمية.
وسلطت الحقلة الضوء على دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس للمقاومة، لكن المفاجأة كانت في تفاصيل دعوة عباس: المقاومة المعنوية والبقاء في المنازل، في تفسير ساخر وصفته الحلقة بـ"المقاومة عن بُعد".
ويعكس هذا الموقف الفجوة الهائلة بين ما تفعله الشعوب وما تمتنع حكوماتها عن فعله، إذ تطالب دول عربية إسبانيا بتخفيف دعمها لغزة لأن الأمر بات "محرجا".
ومن جهتها، واصلت الجامعة العربية دورها التقليدي -بحسب الحلقة- بعقد قمم طارئة تحت عنوان "لا للعنف"، بينما يتم رفض الدعوة الكولومبية لإرسال متطوعين للقتال من أجل فلسطين بحجة أنه "شأن عربي داخلي".
إعلان
وتمثل التهديد الأقصى للجامعة في "عقد قمة كل أسبوع"، وهو تصعيد في "لغة الخطاب" فقط، يعكس عجزا تاما عن اتخاذ أي إجراء فعلي.
وتتجلى المفارقة الأكبر في الاعتراف الدولي بفلسطين، إذ تعترف دول مثل بريطانيا وكندا وأستراليا وفرنسا بفلسطين، لكنها في نفس الوقت تعترف بحق إسرائيل في "الدفاع عن نفسها"، في محاولة لإرضاء جميع الأطراف.
ويعكس هذا الموقف الملتبس -وفقا للبرنامج- النفاق السياسي الغربي، خاصة مع استمرار اللجان الأممية في إصدار تقارير تتهم إسرائيل بالإبادة للمرة المليون، من دون أي عواقب فعلية.
كما قدم البرنامج مشهدا ساخرا بين بنيامين نتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية وزوجته سارة، إذ يحاول إقناعها بنجاح خطابه في الأمم المتحدة رغم أن القاعة كانت شبه فارغة.
ويجسد هذا المشهد العزلة المتزايدة للاحتلال، إذ يرفض العالم الاستماع إلى خطابات تبرر الإبادة.
وحتى إعلان ستاربكس عن إغلاق مئات الفروع يأتي دليلا على أن المقاطعة الشعبية تؤتي ثمارها، رغم محاولات التقليل من تأثيرها.
Published On 3/10/20253/10/2025
|آخر تحديث: 22:08 (توقيت مكة)آخر تحديث: 22:08 (توقيت مكة)
0 تعليق