تحقيق مثير يكشف تهديد تجميد المساعدات الأميركية لحياة الملايين - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نشرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية تحقيقا رصدت فيه تأثير قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتجميد برامج المساعدات الطبية في أكثر من 40 دولة، وكشفت عن ارتفاع في الوفيات وأعداد المرضى في بعض الدول بسبب تأخر وصول الأدوية.

والتحقيق المطول هو بقلم كل من ميغ كيلي، وجويس سوهيون لي، ورايل أومبور، وسارة بلاسكي، وأندرو با تران، وأرتور غالوشا، وإريك لاو، وكاثرين هورلد.

اقرأ أيضا

list of 2 items end of list

وأكد التحقيق أن برنامج الرعاية الصحية التابع للوكالة الأميركية للتنمية الدولية، والمسؤول عن شحن أدوية الملاريا وفيروس نقص المناعة، استؤنف جزئيا بعد أيام من قرار ترامب، لكن آثار التعليق استمرت لأشهر، ما أدى إلى تعطيل وصول الأدوية وعدم تأمين الفحوصات السريعة والإمدادات الحيوية لأكثر من 40 دولة، بينها جمهورية الكونغو الديمقراطية.

" frameborder="0">

تداعيات سلبية

وكشفت الصحيفة أن تحليلا أجرته للبيانات الداخلية للنصف الأول من العام الحالي، يوضح أن شحنات بقيمة 190 مليون دولار كان من المفترض أن تصل إلى المستودعات بحلول نهاية يونيو/حزيران، لكن ما يقارب 76 مليون دولار منها لم يتم تسليمه، بما في ذلك معظم أدوية الملاريا.

ولم يغادر بعض هذه الأدوية مصانع الإنتاج، والبعض الآخر علق في الموانئ أو لدى الجمارك بالقرب من المناطق المحتاجة.

وأضافت أن شحنات أخرى بقيمة 63 مليون دولار وصلت إلى المستودعات لكنها تأخرت لأكثر من 7 أيام، وهو الحد الأقصى المسموح به وفقا لمعايير الوكالة. وبلغ متوسط التأخير 41 يوما، ما ترك رفوف العيادات والمستشفيات فارغة.

وأشارت الصحيفة إلى أن حجم ومدة التعطيل في الجزء المفترض إعادة تشغيله من سلسلة الإمداد لم يُكشف عنه سابقا، رغم أن ميزانيته السنوية تتجاوز 900 مليون دولار، ويُعد العمود الفقري اللوجيستي لبرنامجي مكافحة الإيدز والملاريا التابعين للحكومة الأميركية.

إعلان

وقد حذرت السفيرة الأميركية لدى الكونغو الديمقراطية، لوسي تاملين، في برقية بتاريخ 21 أبريل/نيسان من أن "الإلغاء المفاجئ" لبرامج الإيدز قد يؤدي إلى عودة انتشار الفيروس وظهور سلالات مقاومة تشكل تهديدا مباشرا للولايات المتحدة.

وفي مقابلة بتاريخ 23 سبتمبر/أيلول، دافع وزير الخارجية ماركو روبيو عن سياسات إدارته في مجال المساعدات، مؤكدا أن البرامج تُعاد هيكلتها لتصبح أكثر كفاءة.

مسؤولون في إدارة ترامب اعتبروا أن العديد من برامج المساعدات الأميركية تتعارض مع المصالح والقيم الوطنية، وقد وصف إيلون ماسك -خلال عمله في إدارة ترامب- الوكالة بأنها "منظمة إجرامية"، داعيا في منشور على منصة إكس إلى إغلاقها.

موقف إدارة ترامب

وألقى روبيو باللوم على دول أخرى لعدم بذلها المزيد من الجهود، وقال: "لم يمت أحد لأن الولايات المتحدة خفّضت مساعداتها".

وكان مسؤولون في إدارة ترامب اعتبروا أن العديد من برامج المساعدات الأميركية تتعارض مع المصالح والقيم الوطنية، وقد وصف إيلون ماسك -خلال عمله في إدارة ترامب- الوكالة بأنها "منظمة إجرامية"، داعيا في منشور على منصة إكس إلى إغلاقها.

وذكر التحقيق أن آثار التجميد بدأت تنتشر عالميا، إذ تعفنت الأغذية المخصصة للمحتاجين في السودان وبنغلاديش وغزة وسوريا وميانمار داخل المستودعات.

ورشّدت العيادات في كينيا علاج الإيدز للحد من انتقاله إلى الأطفال حديثي الولادة، ولم تصل الأدوية إلى مناطق النزاع في السودان، ما أدى إلى وفيات يمكن تفاديها.

وتوقعت دراسة نُشرت في مجلة "لانسيت" الطبية المرموقة أن يؤدي تخفيض برامج المساعدات الطبية، إذا لم يتم التراجع عنه، إلى وفاة أكثر من 14 مليون شخص بحلول عام 2030، بينهم 4.5 ملايين طفل دون سن الخامسة.

" frameborder="0">

وأوضحت واشنطن بوست أن ماركو روبيو كان قد تراجع عن تجميد المساعدات بشكل كامل تحت وطأة الضغوط، وأصدر إعفاء عاما للمساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في 28 يناير/كانون الثاني.

وتلقت شركة "شيمونيكس"، المتعاقدة مع الحكومة الأميركية إعفاءات في الأسبوع الأول من فبراير/شباط لاستئناف توزيع بعض أدوية الإيدز والملاريا، بينما بقيت برامج أخرى مجمّدة، منها تلك المعنية بتنظيم الأسرة وصحة الأم والطفل.

لكن شبكة المساعدات، وهي منظومة معقدة من البيانات وعمليات النقل والتخزين عبر القارات، واجهت -وفقا للصحيفة- صعوبات في استئناف عملها.

وقد فقدت شركة "شيمونيكس" في الأيام الأولى من التجميد إمكانية الوصول إلى نظام الدفع الحكومي، ما أعاق قدرتها على إصدار أوامر للموردين.

وقد رفعت الشركة دعوى قضائية قالت فيها إن الحكومة مدينة لها بملايين الدولارات، وأكدت في مذكرة قدمتها في السابع من مارس/آذار أنها لا تزال غير قادرة على الوصول للنظام.

توقعت دراسة نُشرت في مجلة "لانسيت" الطبية المرموقة أن يؤدي تخفيض برامج المساعدات الطبية، إذا لم يتم التراجع عنه، إلى وفاة أكثر من 14 مليون شخص بحلول عام 2030، بينهم 4.5 ملايين طفل دون سن الخامسة.

تسريح موظفين

وقد اضطرت الشركة إلى تسريح 750 موظفا أميركيا، أي نحو ثلثي قوتها العاملة، كما تم فصل موظفين محليين في الدول المعنية بالمساعدات بسبب إلغاء العقود، قبل أن يتم إعادة بعضهم إلى العمل لاحقا.

وكانت إدارة ترامب قد أوقفت أكثر من 3500 موظف في الوكالة عن العمل، وألغت أكثر من 1600 وظيفة، في إطار مساعي روبيو لإعادة هيكلة الوكالة ثم إغلاقها.

وقد انخفض عدد العاملين في مكتب الصحة العالمية من نحو 800 موظف إلى 72 فقط، وفقا لمذكرة داخلية بتاريخ 28 فبراير/شباط.

وبيّن تحقيق واشنطن بوست أن البرامج اللوجيستية الأخرى المسؤولة عن إيصال الإمدادات من المستودعات إلى العيادات، والمعروفة باسم "التسليم في المرحلة الأخيرة"، لم تحصل على إعفاءات خلال النصف الأول من العام.

إعلان

وتكبدت الإمدادات العالقة مئات آلاف الدولارات كرسوم تخزين في الموانئ والمرافق المؤقتة، بينما كانت تواريخ انتهاء الصلاحية تقترب.

" frameborder="0">

نقص الأدوية

وذكرت الصحيفة أن جمهورية الكونغو الديمقراطية كانت ترزح تحت وطأة وباء الإيدز قبل انطلاق مبادرة مكافحة الفيروس المعروفة باسم  "بيبفار" عام 2003، حيث كانت الأدوية مرتفعة التكلفة والعيادات مكتظة، وكان نحو 60 ألف شخص يموتون سنويا بسبب المرض، وفقا لتقديرات برنامج الأمم المتحدة المعني بالإيدز.

وقد وفرت المبادرة الأميركية لأول مرة إمكانية الفحص والعلاج على نطاق واسع، وساهمت الشحنات المنتظمة من الأدوية في تحسين حياة المصابين، وخفضت بشكل كبير احتمال انتقال العدوى من الأمهات إلى أطفالهن. وبحلول عام 2023، انخفضت الوفيات بسبب الفيروس بنسبة 75%.

لكن هذا الدعم انقطع خلال النصف الأول من العام الجاري -وفقا للصحيفة- إذ لم تُسلّم سوى شحنتين من أصل 6 شحنات كبيرة من أدوية الأطفال المضادة للفيروسات إلى مستودعات التوزيع بحلول نهاية يونيو/حزيران.

وقال الطبيب والباحث مارسل يوتبيينغ، من كلية ألبرت أينشتاين للطب في نيويورك، إن ارتفاع عدد الوفيات لا يعود فقط إلى نقص الأدوية، بل إلى سلسلة من الاضطرابات التي أحدثها تجميد المساعدات، وأثرت على الإمدادات والخدمات الصحية بشكل عام.

الطبيب والباحث مارسل يوتبيينغ، من كلية ألبرت أينشتاين للطب في نيويورك، إن ارتفاع عدد الوفيات لا يعود فقط إلى نقص الأدوية، بل إلى سلسلة من الاضطرابات التي أحدثها تجميد المساعدات، وأثرت على الإمدادات والخدمات الصحية بشكل عام.

ووفقا لتحليل واشنطن بوست، وصلت 3 شحنات فقط من أصل 9 شحنات من أدوية الملاريا الحادة إلى الكونغو في النصف الأول من العام، وجميعها كانت متأخرة عدة أشهر، بينما بقيت باقي الشحنات عالقة في الجمارك.

وقالت الصحيفة إن الملاريا تُعد من أبرز أسباب الوفاة في الكونغو الديمقراطية، وتزداد خطورتها في مقاطعة كاتانغا العليا خلال موسم الأمطار من أكتوبر/تشرين الأول إلى أبريل/نيسان.

وكان أحد المستودعات في المقاطعة يحتوي على كمية كبيرة من دواء أرتيسونات المقدم من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، بعد تسليم المخزون السنوي نهاية العام الماضي، لكن الشحنات الدورية إلى نقاط التوزيع المحلية لم تغادر المستودع بعد قرار التجميد في يناير/كانون الثاني.

ونقلت الصحيفة عن مصدرين مطلعين أن التوصيل النهائي لأدوية الملاريا من مستودعات الوكالة إلى المستشفيات والعيادات استؤنف في مايو/أيار، لكن بيانات حكومية تُظهر أن أكثر من 600 شخص توفوا بسبب الملاريا في كاتانغا العليا خلال النصف الأول من عام 2025، وهو عدد يفوق إجمالي وفيات الملاريا في المقاطعة خلال عام 2024.

واشنطن بوست أكدت أن عدد الموظفين العاملين في برنامج المساعدات الصحية انخفض بشكل كبير، إذ لم يتجاوز عددهم 10 أشخاص بعد شهرين من انتقال البرنامج إلى وزارة الخارجية، مقارنة بأكثر من 80 موظفا في السابق.

مستقبل غامض

وأوضحت الصحيفة أن الإشراف على برنامج المساعدات الطبية كان قد انتقل في الأول من يوليو/تموز الماضي من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية إلى وزارة الخارجية.

ونقلت عن متحدث باسم الوزارة قوله إن هذا التحول "سهّل التنسيق الدبلوماسي لإيصال المساعدات الإنسانية"، مضيفا أن النهج السابق اعتمد على شبكة صحية موازية وشراكات مع منظمات غير حكومية لا يمكن الوثوق بها، ولم ينجح في بناء سلسلة إمداد صحية مستدامة أو مرنة.

وذكرت واشنطن بوست أن عدد الموظفين العاملين في برنامج المساعدات الصحية انخفض بشكل كبير، إذ لم يتجاوز عددهم 10 أشخاص بعد شهرين من انتقال البرنامج إلى وزارة الخارجية، مقارنة بأكثر من 80 موظفا في السابق.

وحسب الصحيفة، لا تزال عملية وصول الإمدادات إلى مستحقيها أبطأ مما كانت عليه قبل التجميد، حيث تتطلب معظم الشحنات موافقة شخصية من مسؤول صحي رفيع في وزارة الخارجية.

0 تعليق