بسام عبد السميع يكتب: أكتوبر والعبور الدائم؟ - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

السبت 04 أكتوبر 2025 | 06:21 مساءً

بسام عبد السميع

بسام عبد السميع

بسام عبد السميع

في كل عامٍ حين تأتي أيام أكتوبر، تهب في الذاكرة رياحٌ من العِزة، ويعلو في القلب نشيد النصر القديم...لكني أتساءل:

هل بقي أكتوبر حيا فينا، أم تحول إلى ذكرى نعلّقها على جدار الوقت ثم نرحل؟

توقّف أكتوبر حين اكتفينا بالاحتفال، ونسينا أن النصر لا يُورث بالقصص، بل يُعاد كل يوم بالعمل، بالصدق، وبالإيمان.

لقد كان العبور في السادس من أكتوبر عبورا للأرض، نعم، لكنه قبل ذلك كان عبورا للنفوس - من الخوف إلى الرجاء، من الهزيمة إلى الثقة، ومن الغفلة إلى الله-.

لم يكن الجندي يعبر القناة فقط، بل كان يعبر ذاته. كان يصعد فوق ضعفه، يحمل وطنًا في قلبه، وسماءً في عينيه. مؤمنا بربه إيمان اليقين، ولذلك انتصر، لأن النصر لا يُقاس بمساحة تُستعاد، بل بروح تُبعث من جديد.

أكتوبر الحقيقي ليس تاريخًا في دفترٍ قديم، بل هو منهج حياة: أن تعبر من الظلمة إلى النور، من الفوضى إلى النظام، من اليأس إلى الأمل. أن تؤمن أن لكل هزيمة نهاية، ولكل عبور ثمن.

ربما تغيرت الأيام، لكن الروح التي صنعت أكتوبر لا تزال تنتظر من يوقظها.

فليكن كل منا هو العابر في زمن الركود، المؤمن في زمن الشك، الصادق في زمن الزيف، لعلّ أكتوبر يعود فينا، لا على شاشات الاحتفال، بل في ضمائر لم تنطفئ بعد.

وهل نعود لأكتوبر حقًا؟

ربما لا نعود إليه كما كان، لكننا نستطيع أن نُعيد روحه فينا، فالأيام لا تعود، لكن القيم تولد من جديد حين نجد من يؤمن بها.

أكتوبر لم يكن زمنا فحسب، بل حالة من الإيمان الجمعي - لحظة استيقاظ شعبٍ أدرك أن الكرامة لا تُمنح، بل تُنتزع، وأن المستحيل يسقط حين يتوحّد القلب والعقل والإرادة.

لن نعود لأكتوبر بالزي العسكري ولا بصوت المدافع، بل نعود إليه حين نعبر جهلنا إلى معرفة، وأنانيتنا إلى تضحية، وضعفنا إلى مسؤولية.

حين نحيا بقلب يشبه قلب ذلك الجندي الذي لم يسأل عن المجد، بل عن الوطن. حين نحمل المعنى ذاته، لا الشعارات فقط.

عندها فقط - يعود أكتوبر، لا كتاريخٍ يُروى، بل كحياة تُعاش، وعبور يتجدد فينا كل يوم.

0 تعليق