واشنطن- منذ أن كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في 29 سبتمبر/أيلول الماضي، عن خطته لإيقاف الحرب في قطاع غزة، وبجانبه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، سارع اللوبي الصهيوني في واشنطن من خبراء ومنظمات ومراكز بحث وإعلام إلى توقع رفض قاطع من حركة المقاومة الإسلامية حماس لخطة ترامب.
وتبارت هذه الجهات في التنظير لما بعد رفض حماس، وتعرضت لما ينبغي للإدارة الأميركية القيام به والذي لم يخرج عن ضرورة الضغط على الوسطاء الثلاث، مصر وتركيا وقطر، ليعاقبوا ممثلي الحركة، ومن ناحية أخرى، إطلاق يد إسرائيل لتفعل ما تريد للقضاء على حركة حماس بصورة نهائية وحاسمة.
إلا أن رد حماس الإيجابي، وإعلانها قبول خطة ترامب بصفة عامة، وأنها مستعدة للدخول في مفاوضات نهائية حول خطة السلام، وأنها مستعدة لإطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين في غزة، فاجأ هذه الجهات وأربك خططها.

الوقف الفوري للقصف
وردا على موافقة حماس، قال ترامب في منشور على منصة تروث سوشيال إنه يعتقد أن حماس تريد إبرام صفقة، ودعا إسرائيل إلى "الوقف الفوري لقصف غزة".
وكتب ترامب يقول "بناء على البيان الصادر للتو عن حماس، أعتقد أنهم مستعدون لسلام دائم"، و"يجب على إسرائيل أن توقف قصف غزة على الفور، حتى نتمكن من إخراج الرهائن بأمان وبسرعة! في الوقت الحالي، من الخطير جدا القيام بذلك، نحن بالفعل نناقش التفاصيل التي سيتم العمل عليها".
ورد بيل آكمان، الملياردير الصهيوني بوول ستريت، والداعم لمواقف الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، على ما بدا أنه تفاؤل من جانب ترامب، بالقول "آمل أن تكون على حق أيها الرئيس (دونالد) ترامب، لكنني أظن أن حماس ستستخدم رغبتها في التفاوض على شروط أخرى من الاتفاق لعرقلة إطلاق سراح الرهائن، وإعادة تجميع صفوفها".

نعم.. لكن!
وغرد حساب منظمة آيباك، أكبر منظمات اللوبي الإسرائيلي بالولايات المتحدة، وأكثرها نفوذا، على منصة إكس، مشككة في رد حركة حماس.
إعلان
وقالت آيباك "خطة الرئيس ترامب للسلام هي مخطط قبلته إسرائيل والدول العربية والسلطة الفلسطينية. لطالما ردت حماس على العروض بنعم، لكن…كما حدث مرة أخرى اليوم".
وأضافت آيباك "يجب على القادة الأميركيين الآن الضغط على حماس لقبول جميع شروط الاتفاق لإعادة الرهائن الـ48 إلى الوطن، وإزاحة حماس من السلطة، ونزع سلاح الحركة، وإنهاء هذه الحرب".
President Trump’s peace plan is a blueprint that has been accepted by Israel, Arab states, and the Palestinian Authority. Hamas has long responded to offers with “yes, but…” as it has again today.
American leaders must now press Hamas to accept all the terms of the deal to…
— AIPAC ????????????????????️ (@AIPAC) October 3, 2025
وهاجم السيناتور الجمهوري من ولاية ساوث كارولينا ليندسي غراهام، أحد أكثر أنصار إسرائيل ولاء بمجلس الشيوخ، رد حركة حماس، واعتبره مناورة لكسب الوقت وتهربا من قبول تصور ترامب لمستقبل القطاع.
وقال السيناتور غراهام في بيان له إن "رد حماس الأخير على خطة ترامب لإنهاء الحرب، التي قبلتها إسرائيل، يمكن التنبؤ به للأسف. كلاسيكية "نعم، لكن". لا نزع للسلاح، وإبقاء غزة تحت السيطرة الفلسطينية، وربط إطلاق سراح الرهائن بالمفاوضات، إلى جانب مشاكل أخرى. هذا، في جوهره، رفض من قبل حماس لاقتراح الرئيس ترامب، عليهم قبول الخطة كما هي أو رفضها".
Hamas’ recent response to President Trump’s plan to end the war — which Israel had accepted — is unfortunately predictable. A classic “Yes, but.”
No disarmament, keeping Gaza under Palestinian control, and tying hostage release to negotiations, along with other problems.
This… https://t.co/s4Q31AkZac
— Lindsey Graham (@LindseyGrahamSC) October 3, 2025
واتفق مدير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى روبرت ساتلوف، المعروف بقربه الشديد من تبني المواقف الإسرائيلية، مع طرح السيناتور غراهام، وقال في تغريدة له على موقع إكس إن "ترامب محق في التركيز على تأمين الإفراج العاجل عن رهائن إسرائيل، لكن لا يوجد شيء في إجابة حماس يقول نعم لنزع السلاح، والذي بدونه لن تنتهي الحرب، ولن تنسحب إسرائيل، ولن تنتشر القوات العربية والمسلمة في غزة".
.@POTUS is right to focus on securing urgent release of #Israel’s hostages but there’s nothing in Hamas’ answer that says yes to disarmament, without which the war won’t end, Israel won’t withdraw and #Arab/#Muslim forces won’t deploy to #Gaza. https://t.co/fd9RRhH7wW
— Robert Satloff (@robsatloff) October 3, 2025
الجحيم كله
وفور إصدار الرئيس ترامب بيانا شديد اللهجة، يوم الجمعة 3 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، يحذر فيه حركة حماس ويعرض فرصة أخيرة لقبول خطته بحلول نهاية اليوم الأحد 5 أكتوبر/تشرين الأول، ويشدد على أن الفشل في الاتفاق سيعني "الجحيم كله"، خرج تقدير موقف من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات بواشنطن، بالعنوان التالي: "حماس تستعد لرفض خطة ترامب".
إعلان
وتعد المؤسسة أحد أهم الجهات البحثية الداعمة للأجندة الإسرائيلية في الولايات المتحدة، وبشرت برفض حماس لخطة ترامب. وقالت المؤسسة إن "حماس تصب الماء البارد على خطة ترامب"، واستشهدت بما قاله مسؤول بارز في حركة حماس يوم 30 سبتمبر/أيلول الماضي من أن "حماس غير راضية عن الشروط التي وضعتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في خطتها المكونة من 20 خطوة لإنهاء الحرب في غزة".
وطبقا لما ذكرته المؤسسة، فقد اشتكى المسؤول من أن الاقتراح يخدم "مصالح إسرائيل" و"يتجاهل مصالح الشعب الفلسطيني"، مضيفا أنه من غير المرجح أن توافق حماس على نزع سلاحها، فضلا عن اعتراضها على أي "قوة استقرار دولية" في غزة، وكلاهما منصوص عليه في الاتفاق.
وأوضحت المؤسسة "في غضون ذلك، ذكر وسطاء عرب أن حماس تطلب مزيدا من الوقت لمراجعة شروط الاقتراح، حيث إن البند في الخطة الذي يفرض الإفراج عن جميع الرهائن الـ 48 المتبقين خلال 72 ساعة سيكون من الصعب الوفاء به، حيث فقدت الاتصال في الأسابيع الأخيرة مع حركات المقاومة الأخرى في غزة التي تحتجز بعض الإسرائيليين المختطفين".
حساب دقيق
واعتبر جو تروزمان، المحلل السياسي، والمحرر بالمؤسسة، أن "الرئيس ترامب يواجه حسابا دقيقا: كم من الوقت يمنحه لحماس لقبول الاتفاق أو رفضه، إن منح الجماعة الإسلامية نافذة واسعة جدا يهدد بمنحها مساحة لابتكار طرق جديدة لتعطيل العملية أو تخريبها".
وأضاف أن "تحديد الموعد النهائي بإحكام شديد من شأنه أن يعرقل المفاوضات التي قد تنجح لولا ذلك. إذا كانت حماس تعطي الأولوية حقا لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، فيجب ألا تضيع هذه الفرصة لإعفائه مما يقرب من عامين من الحرب".
واختار آرون جيرون، الباحث بالمؤسسة، طريقة الضغط على الوسطاء للضغط بدورهم على حركة حماس، وقال "على الرغم من أن خطة إدارة ترامب المكونة من 20 بندا تتضمن عدة شروط رفضتها حماس في مفاوضات وقف إطلاق النار السابقة، يجب على الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك أن يوضحوا لحماس أن الاتفاق هو الخيار الأفضل لإنهاء الحرب.
وأضاف أنه "على الرغم من سلبية حماس تجاه الاتفاق حتى الآن، فإن الحركة اليوم أكثر عزلة بكثير مما كانت عليه قبل أسبوع، وتواجه ضغوطا غير مسبوقة من الدول العربية والإسلامية في جميع أنحاء العالم وكذلك المدنيين الفلسطينيين في غزة لقبول الخطة على الفور".
في حين قالت إنيا كريفين، الخبيرة بالمؤسسة "حظي اقتراح الرئيس ترامب للسلام بدعم الفاعلين الرئيسيين في العالم العربي والإسلامي والدول الأوروبية وأستراليا وإسرائيل، في حين أن سكان غزة يائسون من إنهاء الحرب. مرة أخرى، تستعد حماس لرفض غصن الزيتون ومواصلة حملتها لأن هدفها وطموحها الوحيد هو تدمير إسرائيل، بغض النظر عن التكلفة التي تتكبدها غزة".
0 تعليق