Published On 5/10/20255/10/2025
|آخر تحديث: 16:09 (توقيت مكة)آخر تحديث: 16:09 (توقيت مكة)
لطالما ترددت النصيحة الشهيرة "لا تذهب إلى النوم وأنت غاضب"، بوصفها إحدى القواعد الذهبية للحفاظ على زواجٍ متوازن، لكن يبدو أن الوقت قد حان لإعادة النظر في هذه المقولة التي، رغم حسن نيتها، قد تُلحق ضررا بالعلاقة أكثر مما تنفعها.
ففي نهاية يومٍ طويل ومرهق تتراكم فيه المشاعر الصغيرة وتشتعل الخلافات بسبب موقف بسيط أو كلمة عابرة، يميل كثير من الأزواج إلى محاولة "تصفية الحساب" قبل النوم، ظنّا منهم أن الحل الفوري يمنع تراكم الغضب، لكن الواقع النفسي، كما يقول المختصون، مختلف تماما.
اقرأ أيضا
list of 2 items end of listتوضح الأخصائية النفسية سامانثا وايتن من ولاية ميريلاند الأميركية، أن "هذه القاعدة خاطئة تماما، الإصرار على حل الخلاف قبل النوم يضمن شيئا واحدا فقط، أنكما ستتشاجران وأنتم مرهقان".
وتضيف أن الإرهاق الجسدي والعاطفي في نهاية اليوم يجعل أي حوار عقلاني شبه مستحيل، وأن الراحة والنوم أحيانا يكونان العلاج الأذكى لإنقاذ العلاقة على المدى الطويل.
لماذا لا يُنصح بمناقشة الخلافات ليلا؟
من الطبيعي أن يرغب أحد الطرفين في إنهاء الخلاف بسرعة حتى لا "تكبر المشكلة"، لكن، بحسب وايتن، هذا تفكير "رومانسي أكثر مما هو واقعي".
فهي تشير إلى قاعدة علاجية معروفة في علم النفس تُختصر بكلمة (HALT)، وهي عبارة تحذّرك من الدخول في أي نقاش مهم عندما تكون:
جائعا (Hungry). غاضبا (Angry). وحيدا (Lonely). متعبا (Tired).وغالبا ما تجتمع هذه الحالات الـ4 معا في ساعات المساء، لتجعل أي حوار مشحونا ومُعرّضا للانفجار.
تقول وايتن، "في الليل، يندفع الناس لقول أشياء يندمون عليها لاحقا، خصوصا إن كانوا مستنزفين ذهنيا أو تحت تأثير التوتر".
خذ استراحة بدلا من الشجار
توصي الأخصائية النفسية سابرينا رومانوف من نيويورك الأزواج بتعلّم ما تسميه "فن التوقف المؤقت"، فليست الفكرة في أن تتجاهل المشكلة أو تؤجلها بلا سبب، بل أن تعترف بوجودها وتختار وقتا أنسب لمناقشتها.
إعلان
وتشرح رومانوف "الأفضل أن تقول لشريكك أعرف أن ما حدث مهم، لكن دعنا نؤجل الحديث إلى الغد بعد الغداء أو القهوة".
يمنح هذا النوع من التواصل الهادئ الطرفين شعورا بالأمان والثقة بأن الخلاف لن يُهمَل، بل سيُناقش في لحظة يكون فيها العقل مستعدا والقلب أكثر اتزانا.
وتضيف، "القدرة على الانتظار حتى تهدأ المشاعر ليست ضعفا، بل مهارة مكتسبة تحتاج إلى ممارسة وتفاهم متبادل".
التوقف المؤقت ليس تجنّبا
تحذر وايتن من الخلط بين الاستراحة العاطفية وبين الانسحاب من المواجهة، فالتوقف المؤقت يهدف إلى تهدئة النفس قبل النقاش، أما تجنّب المواجهة فهو هروب منها يُراكم التوتر بدلا من حله.
"على كل طرف أن يشعر بالأمان الكافي للاعتراف بالخلاف دون خوف، وأن يدرك أن العلاقة أهم من الانتصار في الجدال"، تقول وايتن.
أما الأشخاص الذين لا يستطيعون النوم قبل تسوية الخلاف، فغالبا ما يعانون من قلقٍ عميق تجاه الغموض أو صعوبة في تهدئة الذات.
وتضيف، "تعلم أن السيطرة على المشاعر وتهدئة النفس هو أحد أهم مفاتيح العلاقات الصحية والناضجة".
تواصلا قبل أن تتشاجرا
تنصح رومانوف الأزواج بإجراء جلسات تواصل منتظمة لا ترتبط بالخلافات فقط، بل تكون جزءا طبيعيا من الحياة اليومية.
فحتى السؤال البسيط "كيف كان يومك؟"، يمكن أن يخلق بيئة من الأمان العاطفي تجعل الحديث عن المشكلات أسهل وأقل توترا.
وعندما يحدث الخلاف فعلا، تنصح رومانوف باستخدام لغة "أنا" بدلا من "أنت"، كأن تقول الزوجة "أنا أشعر بالإحباط عندما لا ترد على رسائلي" بدلا من "أنت لا تهتم بي أبدا".
هذا التغيير البسيط في الأسلوب يخفف حدة الاتهام ويُبقي باب النقاش مفتوحا.
وتضيف رومانوف "التوقيت هو كل شيء في التواصل، اختيار اللحظة المناسبة للحديث أهم من الحديث نفسه".
نعم.. أحيانا يمكنك أن تنام غاضبا
لا ضير في أن تذهب إلى النوم وأنت منزعج، ما دمت تنوي أن تستيقظ راغبا في الوصول إلى حل، لا أن تنتقم، فالعلاقات المتينة لا تُبنى على تجنّب الخلافات، بل على معرفة متى وكيف نواجهها.
قد يكون النوم هذه الليلة أفضل من الجدال حتى الفجر، فأحيانا، لا يحتاج الحب إلى كلامٍ كثير، بل إلى هدوءٍ يعيد للقلب توازنه قبل أن يبدأ نهار جديد.
0 تعليق