هل سيتوقف أمر الشرائح الذكية عند مساعدة المرضى فقط؟ أم يمكن لهذه الشرائح المساعدة في الوصول للإنسان "الخارق"؟ وما أخلاقية هذا الأمر وقانونيته؟ هذا وغيره من القضايا والمحاور التي يطرحها ويناقشها كتاب “الروبوتات القاتلة”، والصادر عن دار العربي للنشر، مؤخرا، للباحث دكتور، فتحي حسين عامر.
الشرائح الذكية والتكنولوجيا القابلة للزرع تطورت بشكل ملحوظ
وفي تصريحات خاصة لـ “الدستور” قال “عامر”: استخدام الشرائح الذكية بدأ بالفعل في مجالات طبية متعددة، مثل مراقبة الحالات الصحية، وتتبع المؤشرات الحيوية، وتحسين التحكم في الأمراض المزمنة، ومع ذلك، من المتوقع أن يتوسع استخدام هذه الشرائح ليشمل مجالات أخرى غير طبية، نظرا للفوائد الكبيرة التي يمكن أن تقدمها.
يمكن أن تشمل التطبيقات المحتملة خارج المجال الطبي عدة مجالات مثل الأمن والدفاع، فقد تستخدم الشرائح في التعرف على الهوية وتتبع الموقع وزيادة الأمان في المجالات العسكرية، ويمكن استخدام الشرائح كوسيلة لدفع الأموال بشكل أكثر أمانا، وتبسيط المعاملات المالية.
كما أن الشرائح الذكية قد توفر أدوات لتحسين تجربة التعليم والتدريب، مثل تتبع أداء الطلاب أو الموظفين في التدريب العملي. لذا، من غير المتوقع أن تقتصر الشرائح الذكية على الاستخدام الطبي فقط، بل قد تصبح جزءا من حياتنا اليومية بطرق متعددة.
واستكمل “عامر”: بالإضافة إلى أن الشرائح الذكية والتكنولوجيا القابلة للزرع تطورت بشكل ملحوظ في العقود الأخيرة، وهناك بالفعل تجارب تتجه نحو تحسين القدرات البشرية في مجالات مختلفة، مثل تحسين الذاكرة، وزيادة التركيز، وحتى التحكم في الأجهزة بواسطة التفكير. مع ذلك، الوصول إلى مستوى الإنسان الخارق لا يزال محدودا جدا، ويتطلب تقدما كبيرا في مجالات علم الأعصاب والذكاء الاصطناعي وعلم الأحياء.
هل تقرب الشرائح الذكية الإنسان لـ "السوبرمان"؟
وعن مساهمة الشرائح الذكية في تعزيز القدرات البشرية ومدى قربها من تحقيق مفهوم الإنسان الخارق تابع “عامر”: تقنيات الذكاء الاصطناعي تعمل علي تحسين قدرات مثل السمع والبصر، كزرع شبكيات صناعية للعين أو تعزيز قدرة السمع لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف السمع. هذا قد يقربنا من حواس خارقة، ولكنه لا يصل إلى مستويات خيالية. فضلا عن تطورات مثل "واجهة الدماغ والحاسوب التي تتيح التحكم بالأجهزة بواسطة التفكير فقط. مثل هذه التقنيات يمكن أن تفتح الباب أمام أشكال جديدة من التواصل والعمل، ولكنها في مراحل تجريبية.
و تعزيز القدرات الذهنية: هناك تجارب على زرع شرائح لتحسين الذاكرة والتركيز. بينما يُعتبر هذا تطورًا مثيرًا، فإنه لم يصل بعد لمستوى يجعل الأشخاص قادرين على معالجة كميات هائلة من المعلومات أو التفكير بسرعة خارقة.
ويمكن الشرائح الذكية أن تساهم في تحسين التحكم بالجسم، مثل تحسين القدرة على الحركة لدى ذوي الإعاقات الحركية. لكن لا تزال بعيدة عن الوصول إلى تحسينات تجعل البشر قادرين على القيام بأداء بدني يفوق ما هو طبيعي.
الشرائح الذكية والقضاضا الأخلاقية
ولفت “عامر” إلى أن استخدام الشرائح الذكية في الإنسان يثير العديد من القضايا الأخلاقية والقانونية، وتختلف الآراء حولها بناءً على العواقب المحتملة لهذا النوع من التكنولوجيا، فيما يتعلق بالخصوصية وحماية البيانات والاخلاقيات،حيث يعتبر وضع شريحة في جسم الإنسان بمثابة مخاطر تهدد خصوصيته؛ إذ قد تكون قادرة على جمع بيانات حساسة، مثل الموقع، والحالة الصحية، وحتى الأنشطة اليومية، فضلًا عن الجانب القانوني وهو ما يفرض علي بعض الدول قوانين صارمة بشأن حماية البيانات الشخصية، مثل اللائحة العامة لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي. وقد يتم تفسير الاستخدام المفرط لهذه الشرائح باعتباره انتهاكًا للخصوصية.ولكن علي كل حال يجب أن يكون الأفراد على دراية تامة بالمخاطر والفوائد المحتملة للشرائح قبل استخدامها.
ومن المهم التأكد من أن الأشخاص يمنحون موافقة مستنيرة لاستخدام هذه الشرائح، حيث أن فرضها على الأفراد دون موافقتهم يعتبر غير قانوني.حيث ان بعض الدول تفرض معايير أمان صارمة على الأجهزة الطبية، مما يعني أن الشرائح يجب أن تتوافق مع هذه المعايير لتجنب مخاطر صحية محتملة.
و قد يؤدي استخدام الشرائح إلى تمييز بين الأفراد الذين يمتلكون شرائح والذين لا يمتلكونها، خاصة إذا أصبحت الشرائح وسيلة للوصول إلى خدمات معينة أو فرص عمل.
الشرائح الذكية والتحكم في السلوك البشري
وشدد “عامر” على أن ويمكن أن تتحول الشرائح الذكية إلى وسيلة للتحكم في سلوك الأفراد أو تتبعهم، مما يحد من حرياتهم، كما أن تخزين المعلومات الشخصية على شريحة قابلة للاختراق يفتح بابًا أمام المخاطر السيبرانية.
وتشترط بعض القوانين تأمين الأجهزة الذكية والشرائح الإلكترونية من الهجمات السيبرانية لحماية الأفراد.
لذلك فان هناك تحديات أخلاقية وقانونية عديدة تتعلق باستخدام الشرائح الذكية في الإنسان. يجب على المشرعين مراعاة هذه الجوانب، والتأكد من حماية حقوق الأفراد، وتعزيز الشفافية، وتحديد ضوابط واضحة لاستخدام هذه التكنولوجيا بما يتوافق مع القيم الأخلاقية والمبادئ القانونية.
0 تعليق