"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان المتصاعد شمال القطاع - البطريق الاخباري

جريدة الايام 0 تعليق ارسل طباعة

 

كتب محمد الجمل:

 

شهدت الأيام القليلة الماضية تصاعداً كبيراً في العدوان المُستمر على مناطق شمال قطاع غزة، وزاد الاحتلال من ضغطه على السكان، وكثف استهداف المنظومة الصحية، وارتكب مزيداً من الجرائم، التي تهدف إلى تهجير المواطنين من تلك المناطق.
"الأيام" واصلت نقل مشاهد جديدة من العدوان على شمال القطاع، منها مشهد تحت عنوان "مستشفى كمال عدوان تحت النار والحصار"، ومشهد آخر يرصد تفاقم الأوضاع الإنسانية شمال القطاع، ومشهد ثالث يُوثق استهداف الاحتلال مقومات الحياة شمال القطاع.

 

مستشفى كمال عدوان تحت النار والحصار

دخل العدوان الإسرائيلي على مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة مرحلة جديدة خطيرة، مع بدء الاحتلال استهداف مبانٍ داخل المستشفى، وقتل المرضى والطواقم الطبية داخله. وبدا أن الاستهدافات الإسرائيلية الأخيرة للمستشفى مُركزة ومقصودة، وتهدف إلى تدمير المستشفى، وإخراجه كلياً عن الخدمة.
ووفق آخر المعلومات الواردة من مستشفى كمال عدوان، فإن قوات الاحتلال قصفت الطابق الثالث، وبسبب القصف احترق مخزن الأدوية، الذي يضم مستلزمات طبية تم استلامها قبل 5 أيام فقط من منظمة الصحة العالمية، كما استشهد 4 مرضى، وأصيب عدد من العاملين في المستشفى بحروق وجروح خلال محاولتهم إنقاذ بعض الأدوية والمستلزمات الصحية المهمة.
كما قصفت قوات الاحتلال محطة التحلية الخاصة بقسم غسيل الكلى، وكذلك قسم الهندسة والصيانة داخل المستشفى، ودمرت خزانات المياه داخل المستشفى.
وأكدت مصادر مطلعة أن قناصة من جنود الاحتلال يحيطون بالمستشفى، ويُطلقون النار بشكل مستمر على مبانيه، وعلى كل مَن يحاول التحرك داخله، ما قيّد حركة الطواقم الطبية، وعطّل وصول المرضى والجرحى إلى المستشفى.
ولم يقتصر الأمر على استهداف المستشفى، إذ يواصل الاحتلال حصاره، ويمنع وصول الإمدادات الطبية، كما يحول دون وصول الجرحى إلى المستشفى.
وأشار مدير مستشفى كمال عدوان، حسام أبو صفية، إلى أن الاستهدافات المتتالية للمستشفى، تسببت بإصابة 4 من كوادره بجروح، كما أن اعتقال معظم الطواقم الطبية جعل من تبقى من طواقم طبية في المستشفى عاجزة تماماً عن تقديم الخدمة والعلاج للجرحى.
وقال أبو صفية الذي فقد ابنه بعد تعرضه لنيران الاحتلال: "أبناؤنا يموتون أمام أعيننا ولا نستطيع مساعدتهم، بسبب توقف العمليات الجراحية في المستشفى".
في حين قال مدير التمريض في مستشفى كمال عدوان: إن الوضع كارثي، وهناك 120 مريضاً ومصاباً داخل المستشفى، يفتقرون إلى الدواء والغذاء والماء.
وناشدت وزارة الصحة في غزة جميع الهيئات والمنظمات الدولية والأممية، التدخل لحماية المستشفيات والطواقم الطبية من بطش الاحتلال وجرائمه ضد المؤسسات والطواقم الصحية في قطاع غزة.
واعتقل جيش الاحتلال عدداً كبيراً من العاملين في المستشفى سواء طواقم طبية أو فنية، فيما أجبر آخرين على النزوح باتجاه مدينة غزة.
يُذكر أن مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة كان تعرض للحصار والقصف والهجوم أكثر من مرة منذ بداية العدوان الإسرائيلي في تشرين الأول من العام الماضي، وخرج أكثر من مرة عن الخدمة، لكن كان يُعاد تشغيله من جديد، وفي هذه المرة يبدو أن الاحتلال ينتهج خطة تدمير واسعة، قد تحول دون عودته إلى العمل من جديد.

 

الوضع الإنساني يزداد صعوبة

شهد الوضع الإنساني في مناطق شمال قطاع غزة مزيداً من التدهور خلال الفترات الماضية، مع تعميق الحصار على مخيم جباليا، وبلدتَي بيت لاهيا وبيت حانون. بينما تصاعدت المجازر والجرائم الإسرائيلية في جميع مناطق شمال القطاع، مع تركزها على مخيم جباليا، وبلدة بيت لاهيا.
ووفق مصادر متطابقة، ما زال عدد كبير من المصابين محاصرين في منازلهم، لا يستطيعون الوصول إلى المستشفيات، ويبقون في المنازل ينزفون، ويعانون مضاعفات الإصابات، وبعضهم يستشهدون، وهم محاصرون في منازلهم.
وذكرت مصادر طبية أن عشرات الجرحى فقدوا حياتهم بسبب حصار المستشفيات واعتقال الأطباء، وفقدان الإمكانات الطبية، وكان يُمكن إنقاذ هؤلاء في حال توفرت الإمكانات اللازمة.
من جهته، أكد جهاز الدفاع المدني أن طواقمه مُعطلة تماماً عن العمل في كافة مناطق شمال قطاع غزة، بفعل الاستهداف والعدوان الإسرائيلي المُستمر، وبات آلاف المواطنين هناك من دون رعاية إنسانية وطبية.
وطالب الدفاع المدني المجتمع الدولي، ومؤسساته الإنسانية، ومكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، بالتدخل العاجل لتمكين طواقمه من أداء واجبها الإنساني.
كما طالب الدفاع المدني بالتدخل للسماح بعودة عمل ما تبقى من مركبات إطفاء وإنقاذ وإسعاف، والتي لا يزال يحتجزها جيش الاحتلال بالقرب من مقبرة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، ويُطلق النيران من طائراته على كل مَن يحاول الاقتراب منها.
ولفتت مصادر محلية وطبية إلى أن الوضع البيئي شمال قطاع غزة بات كارثياً، وهناك خطر من انتشار واسع للأوبئة والأمراض بسبب وجود مئات الجثامين تحت الركام، وفي الشوارع، وجراء تكدس النفايات الصلبة، وشح المياه، وتدمير قطاعات حيوية مثل الصرف الصحي، وغيرها.
وأكد نازحون وصلوا إلى مدينة غزة مؤخراً أن الاحتلال حوّل مناطق شمال القطاع إلى مناطق مُلوثة، ونشر المجاعة والأمراض، وحاصر المواطنين في بيوتهم، وفرض إجراءات من شأنها أن تُفاقم معاناة من بقوا هناك.
وأوضح نازحون أن من بقوا شمال القطاع يكابدون من أجل تحصيل المياه والطعام، ويعيشون حياة تنقل من مكان إلى مكان، فراراً من الدبابات والقناصة والمُسيّرات.

 

استهداف مُقومات الحياة

لم تقتصر جرائم الاحتلال المُتواصلة شمال قطاع غزة على ارتكاب المجازر المُروعة، وتدمير المنازل، وتهجير المواطنين، بل امتدت لتشمل تدمير قطاعات حيوية في جميع مناطق شمال القطاع.
وشهد تشرين الأول الماضي تدمير جميع خزانات المياه، والآبار ومضخاتها، وأنابيب المياه، كما دمر جيش الاحتلال مضخات الصرف الصحي، وخطوط وشبكات رئيسة، وعمل على تدمير جميع مقدرات البلديات في شمال القطاع، ما تسبب بشلها تماماً عن العمل.
وأشارت مصادر مطلعة إلى أن الاحتلال دمّر الأراضي الزراعية، خاصة التي استصلحت حديثاً، وكانت تمد سكان شمال القطاع بالخضراوات الضرورية، كما دمر وجرف بنى تحتية زراعية، وشوارع، ومرافق بنية تحتية متنوعة.
ودفع الدمار الكبير في مناطق شمال القطاع بلدية بيت لاهيا إلى الإعلان عن البلدة كمنطقة منكوبة، وسط مناشدات بسرعة التدخل من أجل إعادة الحياة من جديد للبلدة.
وقال المواطن حاتم عيسى، وهو نازح يقيم جنوب القطاع منذ نحو عام: إن من بقي من أقاربه أجبروا على النزوح باتجاه مدينة غزة، بعد المجازر والقصف المتواصل على منطقة جباليا البلد التي كانوا يُقيمون فيها، وقد أخبروه بأن جيش الاحتلال دمر كل مقومات الحياة هناك، وجعل فرص العيش في هذه المناطق شبه مستحيلة، ومن تبقى من سكان يعتمدون على آبار زراعية معدودة للحصول على المياه، وعلى بعض الطعام المتوفر لديهم.
ونوّه عيسى إلى أن الضغط يزيد على سكان شمال قطاع غزة، على مختلف المستويات والأصعدة، وكل يوم يمرّ من عمر العملية العسكرية المتواصلة يمتد الدمار والخراب ليشمل مرافق جديدة، ويتعمق التخريب، وتزداد المعاناة، والهدف واضح هو إفراغ شمال القطاع تماماً من السكان.
وأشار إلى أن مَن تبقى من سكان شمال القطاع بحاجة إلى تعزيز صمودهم ودعمهم ليواصلوا البقاء هناك، ولا تكفي بيانات الإدانة، فهناك حاجة ماسة وسريعة لإرسال قوافل من المساعدات الإنسانية، والعمل على إمدادهم بمياه الشرب على وجه السرعة، خاصة بعد أن دمّر الاحتلال محطة تحلية المياه الوحيدة المتواجدة هناك، وأخرجها عن الخدمة.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق