"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان المستمر وتداعياته على القطاع - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

كتب محمد الجمل:

 

لا يزال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يستمر بوتيرة متصاعدة، مُترافقاً مع تصاعد الهجمات البرية والجوية، وتشديد الخناق على سكان مدينة غزة بهدف دفعهم إلى النزوح جنوباً.
"الأيام" واصلت رصد مشاهد جديدة ومتنوعة من قلب الحرب والمعاناة، منها مشهد يرصد تقسيم الاحتلال القطاع لثلاث مناطق، ومشهد آخر يُسلط الضوء على قيام سكان مدينة غزة ببيع جزء من أثاثهم وعفشهم قبل النزوح، ومشهد ثالث بعنوان "امتحانات على وقع الخوف والانفجارات".

 

تقسيم القطاع لثلاث مناطق
يواصل جيش الاحتلال إصدار أوامر إخلاء متتالية لسكان مدينة غزة مرفقة بخرائط، يوجه الاحتلال من خلالها المواطنين للمناطق التي يمكن أن ينتقلوا إليها، وإن كانت جميع المناطق المذكورة مكتظة عن آخرها بالمواطنين والنازحين، ولا يوجد فيها موطئ قدم.
وكان آخر الخرائط التي نشرها الاحتلال، خارطة تشمل كل قطاع غزة وتحتوي على 3 ألوان، يحتل الأحمر منها أكثر من 75% من مساحة القطاع، وهو عبارة عن منطقة حمراء، بعضها مخلى سابقاً من المواطنين مثل رفح، وغالبية مدينة خان يونس، ومناطق واسعة شمال القطاع، وأخرى أُدرجت حديثاً ضمن هذا التصنيف مثل مدينة غزة.
بينما يمثل اللون الأزرق، ويشمل أجزاء من محافظة وسط القطاع، خاصة مدينة دير البلح، وبلدة الزوايدة، ومخيم النصيرات، وهي مناطق وفق التصنيف الإسرائيلي يمكن الانتقال إليها، حيث لا تعتبر جزءاً من المنطقة الإنسانية بل مناطق تحتوي على مساحات فارغة.
أما المنطقة الخضراء فهي "المنطقة الإنسانية"، وتشمل مواصي خان يونس، وقد دعا الناطق باسم جيش الاحتلال السكان إلى الانتقال إليها.
ووفق مواطنين فإن تكرار نشر بيانات بشكل يومي، إنما يدل على أزمة الاحتلال، التي نجمت عن رفض المواطنين من سكان المدينة النزوح.
وقال المواطن حسام طه، إن صمود سكان مدينة غزة ورفضهم جميع أوامر النزوح أربك الاحتلال، وآخر بدء العملية العسكرية على المدينة، كما أدى إلى توالي إصدار البيانات من جيش الاحتلال، تارة يرافقها خرائط وتارة أخرى بدون خرائط، وكلها تدعو المواطنين للنزوح الفوري، وتحدد لهم مناطق يتوجهون إليها، وكان آخرها خارطة الألوان التي وصفها وغيره من المواطنين بـ"السخيفة".
وأكد طه أن من صمد أمام الغارات والمجازر، لن يخلي مدينة غزة بسبب بيان أو منشور على منصات التواصل الاجتماعي، مؤكداً أن صمود المواطنين وحده، كفيل أن يُفشل خطط إعادة احتلال المدينة.
ووفق المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، فإن الاحتلال خصص أقل من 12% من مساحة القطاع كمناطق إيواء "منطقة انسانية، في محاولة لفرض تكديس أكثر من 1.7 مليون إنسان داخلها، بما يمثل جريمة حرب وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي والإنساني.
وأشار المكتب الإعلامي إلى أن منطقة المواصي بخان يونس ورفح، التي يزعم الاحتلال أنها آمنة، تعرضت لأكثر من 109 غارات، خلّفت أكثر من 2000 شهيد، وسط غياب المستشفيات والبنية التحتية والخدمات الأساسية".

 

بيع الأثاث
لجأ سكان مدينة غزة لبيع جزء كبير من أثاث منازلهم، وملابسهم، وحاجيات أخرى يمتلكونها، في محاولة للتخلص منها، لتخفيف عبء تنقلاتهم، ومن أجل توفير مال لدفع أجرة المواصلات المرتفعة، وشراء خيام ومستلزمات النزوح الأخرى.
وغصت الصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي بإعلانات لبيع أثاث، منها غرف نوم، وأطقم سفرة، وأوان فاخرة، وأجهزة كهربائية، وغيرها من الحاجيات.
ووفق مواطنين من سكان المدينة، فإنهم في المرة الأولى حين نزحوا عن المدينة نهاية العام 2023 لم يبيعوا أياً من أثاثهم حينها، لأنه كان لديهم ثقة بعودتهم إلى بيوتهم، وهذا ما حصل بداية العام الجاري، لكن هذه المرة كل الأمور تبدو مختلفة، وهم يتوقعون أن يتم تدمير مدينة غزة بكل ما فيها من مبان ومنازل، وهذا يحصل بالفعل، لذلك يحاولون التخلص من الأثاث عبر بيعه.
وقال المواطن أحمد سليم، إن عائلته باعت جزءاً كبيراً من أثاثها، ولم يتبق لديهم سوى بضع كراسي، وفراش وأغطية تكفيهم، ونزحوا بالفعل باتجاه وسط القطاع، وتركوا الشقة خالية تماماً، وهم لا يتوقعون العودة إليها في المستقبل القريب.
وأكد أنهم باعوا العفش والأثاث بأقل من ثلث ثمنه، لكنهم مجبرون على ذلك، فهم أيضاً بحاجة للمال، حتى يوفروا أجرة النقل، ويبقى لديهم بعض المال لمواجهة تبعات النزوح القاسية.
وأشار إلى أن سكان غزة يبيعون الأثاث مرغمين، فقد سبق ودفعوا مبالغ مالية كبيرة من أجل شرائه، وهم يتركون كل ما يمتلكون خلفهم، ويتوجهون إلى المجهول.
بينما أكد المواطن سامي رمضان، أنه فكك كل شيء من منزله، صنابير المياه، أبواب الغرف ونوافذها، وكل شيء استطاع تفكيكه وبيعه أو نقله، فالقصف في الأيام الأخيرة طال عدة عمارات وبنايات قريبة من منزله غرب مدينة غزة، لذلك لا يتوقع أن يبقى منزله قائماً.
وأكد أنه عمل على نقل أبواب المنزل والحاجيات الأخرى معه، وحال بقي المنزل وكتب له العودة إليه سيقوم بتركيبها، وإذا لم يتمكن من ذلك، يمكن أن يستخدم تلك الأغراض في تجهيز خيمة تؤويه وعائلته.
ويومياً تُشاهد شاحنات نقل صغيرة ومتوسطة تستقلها عائلات نازحة تغادر المدينة متجهة إلى مناطق جنوب ووسط القطاع، وهي تحمل أثاثاً وفراشاً وأغطية وخياماً.

 

امتحانات على وقع الخوف والانفجارات
يواصل طلاب الثانوية العامة في القطاع دفعة العام 2006، التقدم للامتحانات النهائية، من خلال النظام الالكتروني الموحد "عن بعد"، وسط أجواء مشحونة بالخوف والموت والنزوح، وعلى وقع الانفجارات والغارات.
ويتقدم غالبية الطلبة للامتحانات في استراحات ومقاه، ومناطق عامة، حيث تتواجد خدمات الانترنت، إذ تغص الأخيرة بالطلبة، ممن أجبرتهم الظروف على التقدم بتلك الطريقة، بعد أن أعاق الاحتلال تنظيم الامتحانات الوجاهية لنحو العامين.
وتشهد ساعات التقدم للامتحانات أحداثاً دامية، وانفجارات كبيرة، خاصة في مدينة غزة، إذ يعيش الطلبة أجواء من الخوف والقلق وهم يتقدمون للامتحانات.
وتقول الطالبة هديل شاكر، إنها ورغم كل الظروف الصعبة، إلا أنها سعيدة بتمكنها أخيراً من التقدم لامتحان الثانوية العامة، بعد ظروف صعبة، وتأجيل متكرر، حيث كان من المفترض أنها تدرس في الجامعة في السنة الثانية، لكن الحرب أضاعت عامين كاملين من عمرها.
وأكدت شاكر أن التقدم للامتحانات جاء في ظل ظروف صعبة، وتصاعد العدوان، وحالة الخوف، وضعف الخدمات، خاصة الانترنت، الذي تشهد خدماته تشويشاً وانقطاعاً مستمراً، ناهيك عن صعوبة الدراسة في الخيام، بسبب الزحام، وانعدام الإنارة ليلاً، والكثير من الطلبة فقدوا أسرهم، أو أقاربهم، وعاشوا مجاعة قاسية، وهذا يجعلهم في وضع نفسي سيئ، ما يُصعب المهمة عليهم.
وأشارت شاكر إلى أنه ورغم ذلك يتوجه الطلبة للتقدم للامتحانات، ويجتهدون من أجل النجاح والتفوق، وكلهم أمل أن يواصلوا مسيرتهم التعليمية رغم الظروف العصيبة، واستمرار الحرب والنزوح.
وكان وزير التربية والتعليم أمجد برهم، قال في وقت سابق إن الوزارة تنفذ التزامها بعقد امتحان الثانوية العامة من وسط الدمار، ومن على ركام البيوت والمدارس، وفي ظل النزوح والجوع، حتى لو وقف العالم متفرجا حيال ما يتعرض له التعليم في غزة من تدمير إسرائيلي.
من جهته أكد صادق الخضور، الناطق باسم الوزارة أن 78 ألف طالب من مواليد 2006 و2007 كان يفترض أن يمتحنوا في السنة الدراسية 2024 و2025، لكن الحرب منعت ذلك، وأوضح أن قرابة 4 آلاف طالب ثانوية عامة قد استشهدوا، وغادر مثلهم القطاع، ليبقى نحو 70 ألف طالب.

 

0 تعليق