Published On 16/9/202516/9/2025
|آخر تحديث: 08:49 (توقيت مكة)آخر تحديث: 08:49 (توقيت مكة)
أظهرت دراسة حديثة أن فقدان الغابات في منطقة الأمازون جنوب البرازيل يؤدي إلى خفض كمية الأمطار خلال موسم الجفاف، ومع اتساع نطاق "قوس إزالة الغابات" الشهير منذ سبعينيات القرن الماضي، يُعيد فقدان الغابات تشكيل دورة المياه في المنطقة.
فعندما تُطلق غابات الأمازون المطيرة الرطوبة في الغلاف الجوي، تُغذي الأمطار الأنهار والمحاصيل والحياة البرية والمجتمعات المحلية، ولكن بما أن إزالة الغابات تُعطل تبادل المياه بين الغابات والغلاف الجوي، فإنها تُقلل بشكل كبير من كمية الأمطار في موسم الجفاف، وفقا للدراسة.
اقرأ أيضا
list of 4 items end of listوقام فريق من جامعة نانجينغ في الصين وجامعة ليدز في المملكة المتحدة بتحليل كيفية تأثير إزالة الغابات في ولايتي روندونيا وماتو غروسو، وهما المسؤولتان معا عن حوالي 30% من إجمالي إزالة الغابات في الأمازون البرازيلية في العقود الأخيرة على دورة المياه الجوية بين عامي 2002 و2015، حسب دراسة لموقع مرصد الأرض البرازيلي.
ووجد الباحثون أن متوسط فقدان الغطاء الحرجي بنسبة 3.2% أدى إلى انخفاض بنسبة 5.4% في هطول الأمطار في موسم الجفاف، مما يسلط الضوء على أن هطول الأمطار في الأمازون حساس للغاية للتغيرات في الغطاء الحرجي.
وبين عامي 2015 و2024، فقدت روندونيا حوالي 1.75 مليون هكتار، وماتو غروسو نحو 4.03 ملايين هكتار من الغابات البكر، على التوالي. وتُظهر أبحاث من الجامعة الفدرالية في ريو دي جانيرو أن درجات الحرارة العظمى السنوية في جنوب الأمازون البرازيلي تشهد ارتفاعا حادا، وأن موسم الجفاف يزداد طولا وقسوة.

ضرر مزدوج
وقال دومينيك سبراكلين، المؤلف المشارك في الدراسة وأستاذ تفاعلات الغلاف الجوي والمحيط الحيوي بجامعة ليدز إن "إزالة الغابات تُلحق ضررا مزدوجا بالمناخ، فبالإضافة إلى تقليل كمية بخار الماء المُضخّ في الغلاف الجوي، تُضعف إزالة الغابات أيضا قدرة الغلاف الجوي على امتصاص بخار الماء من مناطق أخرى".
إعلان
ومن خلال تأثيرها على كيفية امتصاص سطح الأرض للحرارة وانعكاسها، أدت إزالة الغابات إلى ارتفاع درجة حرارة الهواء وجفافه فوق منطقة الدراسة. كما أضعف هذا الهواء الجاف الحمل الحراري الجوي، وهي عملية تدفع الهواء الدافئ إلى الأعلى وتدفع الهواء البارد إلى الأسفل، وتلعب دورا حاسما في نقل الحرارة والرطوبة عبر الغلاف الجوي.
وحسب الدراسة، أدى ضعف الحمل الحراري إلى سحب كميات أقل من الرطوبة من مناطق أخرى إلى منطقة الدراسة، مما زاد من جفاف الغلاف الجوي. ووجد الباحثون أن انخفاض الرطوبة الجوية من مناطق أخرى كان مسؤولا عن 76% من الانخفاض الملحوظ في أمطار موسم الجفاف.
ويمكن أن يكون لهذا التراجع آثار واسعة النطاق، تشمل تزايد حرائق الغابات، وضعف المحاصيل الزراعية، ونقص المياه التي تؤدي تراجع منسوب مياه الأنهار إلى مستويات غير صالحة للملاحة، مما يُصعّب الحياة على المجتمعات المحلية.
ووفقا لسبراكلين، يشكو سكان القرى النائية من عدم قدرتهم على الوصول إلى المجاري المائية التي يستخدمونها يوميا، إذ هناك مجتمعات تجاوزت درجات الحرارة في مناطقها ما شهدته خلال عقود سابقة، بسبب مزيج من تغير المناخ العالمي وإزالة الغابات.

عواقب وخيمة
وفي حين وجدت الدراسة أن الغلاف الجوي يستجيب سلبيا لإزالة الغابات على مدار العام، ركز الباحثون على موسم الجفاف بين مايو/أيار وأكتوبر/تشرين الأول، عندما تكون التغيرات في هطول الأمطار أكثر وضوحا ولها التأثير الأكبر على الزراعة والمجتمعات المحلية.
وحسب آني ألينكار، مديرة العلوم في معهد أبحاث البيئة في الأمازون، فإن هذه العواقب ليست مجرد مشكلة مستقبلية غامضة، بل هي واقعة بالفعل. فبين 2023 و2024، عانت البرازيل من واحدة من أسوأ موجات الجفاف منذ عقود، والتي أثرت على 59% من مساحة البلاد، وفق بعض الدراسات.
وقد أثّر نقص المياه وحرائق الغابات غير المسبوقة سلبا على المجتمعات والنظم البيئية، حيث أضرّت الحرائق في عام 2024 وحده، بمساحة 3.25 ملايين هكتار من الغابات الاستوائية البكر في البرازيل، وفق دراسة معهد الموارد العالمي.
وتقول ألينكار: "كانت حرائق الغابات أمرا نادرا في الغابات الاستوائية، ولأول مرة منذ 40 عاما، شهدنا احتراق فئة من الغابات أكثر من جميع الفئات المحلية الأخرى".
وفقا لألينكار، فإن الغابات الاستوائية ليست أنظمة بيئية مُهيأة للحرائق، فالأشجار المحترقة تجعل الغابة أكثر دفئا وجفافا وقابلية للاشتعال خلال موسم الجفاف التالي. ويعاني ملايين سكان المدن من دخان هذه الحرائق سنويا، مع تعرض بعض الفئات المهمشة أصلا للخطر بشكل خاص.
وأضافت أن "المجتمعات الأصلية والمجتمعات التقليدية وأولئك الذين يعيشون في محيط مدن الأمازون يعانون أكثر من غيرهم من آثار موجات الحر والجفاف والفيضانات والحرائق".
وحسب الدراسة، تعد الزراعة والحرق المتعمد للغابات العامل الرئيسي في إزالة الغابات في هذه المنطقة، ولا شيء يُضاهيها في ذلك، ومع ذلك، فإن إزالة الغابات تُقوّض الإنتاجية الزراعية.
إعلان
وتُحذر الدراسة من أن انخفاض هطول الأمطار، الذي يزداد سوءا بسبب إزالة الغابات، يُجفّف التربة ويُرهق المحاصيل. وتوقعت أبحاث أخرى أن استمرار إزالة الغابات وتأثيراته على هطول الأمطار قد يُكلّف البرازيل مئات المليارات من الدولارات من الخسائر الزراعية بحلول عام 2050.
وقالت ريجينا رودريغيز، عالمة المناخ في جامعة سانتا كاتارينا الفدرالية في البرازيل، إن تغير المناخ يؤدي أيضا إلى تغيير توقيت موسم الأمطار، مما يؤدي إلى تعطيل حياة المجتمعات المحلية والأصلية التي تعتمد على الزراعة المعيشية.
وتؤدي هذه التغييرات إلى فقدان المجتمعات المحلية العلامات التي تعتمد عليها للزراعة والحصاد، فعندما ينخفض منسوب الأنهار بشكل يصعب معه الملاحة، قد تُعزل هذه المجتمعات أيضا عن المدارس والخدمات الصحية والأسواق، ويصبح "أي تغيير في توقيت موسم الأمطار له آثار كارثية على قدرتها على البقاء"، حسب رودريغيز.
0 تعليق