تصعيد أوروبي ضد إسرائيل وعقوبات اقتصادية تلوح في الأفق - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

يستعد الاتحاد الأوروبي لإطلاق واحدة من أقسى حزم العقوبات الاقتصادية والسياسية منذ عقود ضد تل أبيب، على خلفية ما يصفه الأوروبيون بـ"تدهور كارثي للوضع الإنساني في غزة"، و"انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان".

هذه الخطوة، التي يُنظر إليها على أنها ضربة رمزية وعملية معا، تأتي في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع وتفاقم الضغوط الدولية على حكومة بنيامين نتنياهو، التي باتت تُتهم -حتى من داخل الغرب- بخرق القواعد الإنسانية الدولية وتعمد استهداف المدنيين.

ورغم الدعم الأميركي المستمر، فإن الاتحاد الأوروبي يبدو مستعدا لفك الاشتباك السياسي مع واشنطن، في سبيل فرض إجراءات عقابية واضحة قد تعيد تشكيل العلاقات الاقتصادية والتجارية مع إسرائيل، التي تعتمد بشكل كبير على الأسواق الأوروبية.

عقوبات متنوعة

وحسب تقرير نشرته وكالة بلومبيرغ، اقترحت المفوضية الأوروبية –الجناح التنفيذي للاتحاد– تعليق الامتيازات التجارية التفضيلية الممنوحة لإسرائيل بموجب اتفاقية الشراكة الموقعة بين الطرفين.

وحسب المقترح، سيتم تعليق جزء من الاتفاق التجاري، مما يعني فعليا أن الصادرات الإسرائيلية ستُعامل كصادرات دول لا تربطها بالاتحاد أي اتفاقيات، وهو ما يؤدي إلى فرض رسوم جمركية إضافية تقدر بنحو 227 مليون يورو سنويا (حوالي 243 مليون دولار)، وفقا لمسؤول رفيع في المفوضية تحدّث لوكالة بلومبيرغ بشرط عدم الكشف عن اسمه.

Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu reacts at a joint press conference with U.S. Secretary of State Marco Rubio (not pictured) at the Prime Minister's Office, during Rubio's visit, in Jerusalem, September 15, 2025. REUTERS/Nathan Howard/Pool
حكومة نتنياهو تواجه عزلة دولية متنامية وسط انتقادات لاذعة لسلوكها العسكري والسياسي في القطاع (رويترز)

أما صحيفة كالكاليست، فقد أفادت بأن الاتحاد الأوروبي يستعد لفرض رسوم جمركية على واردات من إسرائيل تصل قيمتها إلى 5.8 مليارات يورو (نحو 6.2 مليارات دولار)، وهو ما يعادل نحو 37% من إجمالي صادرات إسرائيل إلى أوروبا، التي بلغت العام الماضي 42.6 مليار يورو (حوالي 45.7 مليار دولار).

إعلان

ورغم وصف بعض المراقبين لهذه الإجراءات بأنها "رمزية"، فإن التوقيت والرسائل المصاحبة تعكس تغيرا حقيقيا في الموقف الأوروبي تجاه إسرائيل، خاصة في ظل غياب التوازن في المواقف الأميركية التي باتت محل انتقاد حتى داخل مؤسسات الاتحاد.

في غضون ذلك، أعرب رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا عن دعمه لمقترح مفوضية الاتحاد الأوروبي الداعي إلى تعليق الامتيازات التجارية الممنوحة للسلع الإسرائيلية وفرض عقوبات على مسؤولين إسرائيليين.

وأشار كوستا -في تدوينة على منصة إكس، أمس الأربعاء- إلى أن القرار الآن بيد الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

وأكد أن العقوبات التي اقترحتها المفوضية الأوروبية ضد إسرائيل "لا تستهدف الشعب الإسرائيلي"، معربا عن دعمه للمقترح.

ولفت كوستا إلى أن العقوبات المقترحة تُظهر أن أوروبا لا يمكنها قبول تصرفات تل أبيب في غزة والضفة الغربية، مؤكدا أن إسرائيل "تجاوزت بكثير حقها المشروع في الدفاع عن النفس".

عقوبات شخصية وتجميد مشاريع

الضغوط لم تتوقف عند البضائع والتعرفة الجمركية، فحسب تقرير كالكاليست، تشمل المقترحات فرض عقوبات مباشرة على وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بسبب "ضلوعهم في انتهاكات حقوق الإنسان في غزة".

وتشمل العقوبات حظر سفر وتجميد أصول، وتندرج ضمن سياسة أوروبية جديدة تهدف إلى استهداف الشخصيات المتطرفة داخل الحكومة الإسرائيلية.

كذلك كشفت بلومبيرغ أن المفوضية الأوروبية تسعى إلى تعليق ما يقرب من 20 مليون يورو (نحو 21.5 مليون دولار) من الدعم الفني والتقني المخصص لمشاريع مشتركة مع إسرائيل، في خطوة تهدف إلى تقييد التعاون المؤسسي والبيروقراطي بين الجانبين.

تفكك الإجماع الأوروبي

ورغم التوجه العقابي، فإن تمرير هذه الحزمة ليس مضمونا بعد، فوفقا لما نشرته كالكاليست، فإن اعتماد الإجراءات يتطلب دعم دول تمثل على الأقل 65% من سكان الاتحاد الأوروبي، مما يعني الحاجة إلى موافقة دولة كبرى مثل ألمانيا أو فرنسا.

وحتى الآن، تلعب برلين دورا معطلا لأي قرارات صارمة ضد إسرائيل، غير أن تطورات الحرب، وتصاعد الغضب الشعبي داخل العواصم الأوروبية، قد يدفع بعض الحكومات إلى إعادة النظر في موقفها.

وفي هذا السياق، قالت وزيرة خارجية الاتحاد كايا كالاس خلال مؤتمر صحفي: "إذا كنّا جميعا نتفق على أن الوضع الإنساني في غزة مروّع وكارثي، فالسؤال المنطقي هو: ما العمل؟ إذا لم تدعموا هذه الحزمة، فاقترحوا بدائل. لا يمكننا الاستمرار في إدانة لفظية دون أدوات تنفيذية".

تقرير أممي يتهم إسرائيل بـ"إبادة جماعية"

وفي موازاة التحرك الأوروبي، أشار تقرير حديث بتكليف من الأمم المتحدة -حسب بلومبيرغ- إلى أن إسرائيل "ترتكب إبادة جماعية" في قطاع غزة، رغم نفي تل أبيب القاطع لذلك.

Smoke rises after an Israeli military strike on a building in Gaza City, Saturday, Sept. 13, 2025. (AP Photo/Yousef Al Zanoun)
الهجوم الإسرائيلي على غزة مثّل تصعيدا دمويا أدى إلى نزوح جماعي ودمار واسع وأثار إدانات دولية غير مسبوقة (أسوشيتد)

التقرير لم يكن مرتبطا مباشرة بالهجوم البري الإسرائيلي الأخير على مدينة غزة، لكنه ساهم في توسيع الهوة بين إسرائيل والمجتمع الدولي، خصوصا بعدما أجبر الهجوم عشرات آلاف العائلات الفلسطينية على النزوح من مساكنها، وسط تدمير واسع للبنية التحتية.

أسواق تتهاوى ومستثمرون بلا ثقة

وتتوالى التداعيات الاقتصادية تباعا، إذ باتت البورصة الإسرائيلية من بين الأسوأ أداء في العالم من حيث القيمة الدولارية هذا الشهر، وفقا لبلومبيرغ.
وتراجعت الأسهم الإسرائيلية لليوم السادس على التوالي، ويزداد قلق المستثمرين حيال الآثار بعيدة المدى للحرب والعقوبات.

إعلان

وفي تصريح لافت، أقر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مؤخرا بـ"تصاعد العزلة الدولية"، مشددا على ضرورة "الاعتماد على النفس لمواجهة العقوبات".

وتشير المعطيات بوضوح إلى أن إسرائيل لم تعد محصنة سياسيا كما اعتادت لعقود، إذ لأول مرة منذ توقيع اتفاقات الشراكة الأوروبية، تبدو بروكسل مستعدة لتطبيق عقوبات فعلية ومؤلمة، في حين تستمر حكومة نتنياهو في إدارة ظهرها للنداءات الدولية، مما ينذر بأزمة طويلة الأمد تتجاوز حدود غزة إلى قلب الاقتصاد الإسرائيلي.

وبينما يبقى الموقف الأميركي ثابتا في دعمه، فإن الشقاق الأوروبي الأميركي يتعمق، ومعه تزداد عزلة إسرائيل الدولية، ليس فقط على المستوى السياسي، بل أيضا في أسواق المال، والتجارة، وحتى المشاريع العلمية والتقنية.

المصدر: الصحافة الإسرائيلية + بلومبيرغ + وكالة الأناضول

0 تعليق