Published On 19/9/202519/9/2025
|آخر تحديث: 11:19 (توقيت مكة)آخر تحديث: 11:19 (توقيت مكة)
القدس المحتلة- لم يعد إلى مستوطنة المطلة على الحدود الشمالية مع لبنان سوى ثلث سكانها الذين تم إجلاؤهم، في حين بدأ إسرائيليون ممن يوصفون بـ"المتدينين القوميين"، من أتباع التيارات الدينية الصهيونية، يملؤون الفراغ الذي خلّفه الغائبون بشكل متزايد.
ويعكس هذا التغير واقع العديد من المستوطنات والكيبوتسات التي أُخليت عقب معركة "طوفان الأقصى"، حيث يتم استبدال السكان وجلب جماعات محسوبة على تيار "الصهيونية الدينية"، الذي يروج لمشاريع الاستيطان اليهودي في جنوب لبنان كجزء مما يسمى "أرض إسرائيل".
في الوقت نفسه، تتصاعد الأصوات داخل إسرائيل الداعية إلى توسيع الاستيطان في جنوب لبنان بذريعة إعادة الأمن والاستقرار للمناطق الحدودية في الجليل شمالا.
ودعت حركات، أبرزها "عوري هتسفون- من أجل الاستيطان في جنوب لبنان"، إلى استغلال حالة الحرب والوجود العسكري الإسرائيلي في بعض مواقع الجنوب لتثبيت نفوذهم، واعتبار لبنان جزءا مما تسميها "أرض إسرائيل الكبرى".

قلق
سلطت صحيفة "هآرتس" الضوء على الواقع في مستوطنة المطلة، حيث كان من المتوقع اكتمال عودة المستوطنين مع بداية العام الدراسي الحالي، إلا أن العديد منهم فضّلوا البقاء خارجها. وهو حال العديد من المستوطنات الحدودية التي أُخليت خلال فترة الحرب على لبنان.
ويعترف المستوطنون القدامى في المطلة بدور جيرانهم الجدد من تيار "الصهيونية الدينية" في "الدفاع عنها وحمايتها"، لكنهم يعبّرون عن قلقهم من أن يؤدي هذا التغير الديمغرافي إلى تحول في هوية المكان على المدى الطويل.
وفقا لبيانات إدارة المجلس المحلي، لم يعد إلى المستوطنة سوى نحو 900 نسمة من أصل حوالي 2350 نسمة كانوا يقيمون فيها قبل الإخلاء في أكتوبر/تشرين الأول 2023. وبمرور عامين، لا تزال حركة المرور عند بوابتها قليلة، مما يعكس بطء استعادة الحياة الطبيعية في المنطقة.
إعلان
وبحسب الإحصاءات، تضرر حوالي 70% من منازل المستوطنة جراء النيران والقذائف الصاروخية التي أطلقت من لبنان، وتشير التقديرات إلى أن إعادة إعمار نحو خُمسها تستغرق عدة أشهر.
ولا تزال المدرسة الابتدائية مغلقة للعام الثالث على التوالي بسبب نقص التسجيل، حيث تم دمج 38 طالبا في المدرسة الإقليمية بالكيبوتس المجاور كفار جلعادي. كما تم دمج روضتي الأطفال اللتين كانتا تعملان قبل الحرب في روضة واحدة متعددة الأعمار، تضم حاليا 10 أطفال فقط.

أزمة ديمغرافية
في إفادته لصحيفة هآرتس، تساءل ميخا ليفيت (67 عاما) وهو من الجيل الخامس لعائلته في مستوطنة المطلة التي تأسست عام 1896، "لماذا تعاني المستوطنة من أزمة ديمغرافية حادة؟ هل سيؤثر توافد السكان الجدد على الطابع الزراعي العلماني للمكان؟".
ويضيف "لا تزال المطلة تبدو في وضع صعب حتى اليوم، لكن عند اكتمال إعادة الإعمار ستستعيد رونقها السابق. وبحسب التجربة في مستوطنات أخرى، أسست بعض العائلات حياتها الجديدة في الأماكن التي هُجّروا إليها خلال العامين الماضيين، ومع ذلك يظل الخوف من تجدد التوترات الأمنية حاضرا بشكل خاص هنا".
ويتابع "كان للأنفاق التي عثر عليها هنا عام 2018 والمتصلة بأحداث "طوفان الأقصى" تأثير كبير. لا تزال المطلة محفوفة بالمخاطر رغم تحسّن الوضع الأمني مقارنة بما كان عليه قبل الحرب. لكن الأمر مرتبط أيضا بالأجواء العامة".
أقر رئيس مجلس المستوطنة دافيد أزولاي بهذا الواقع، مشيرا إلى أن أعمال التأهيل وإعادة الإعمار تم تمويل معظمها من التبرعات باستثناء 5.6 ملايين شيكل (الدولار = 3.4 شيكلات) حصلت عليها حكومة الاحتلال في نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي. وأضاف أن قرارا آخر صدر بتخصيص 17.9 مليون شيكل قبل نحو شهر ونصف الشهر لم تُستلم بعد.
وأوضح أزولاي لصحيفة هآرتس "هذه الأموال مخصصة لإعادة تأهيل البنية التحتية العامة: المباني والطرق والساحات. نحتاج إلى جلسة لإعداد خطة شاملة تلبي احتياجات المطلة، لكن الحكومة تحدد كل شيء، وتتخذ قرارات عامة لجميع البلدات رغم اختلاف احتياجات كل مجلس".
وفي ظل إغلاق معظم المحال التجارية في المطلة، أصبح مطعم البيتزا وعربة القهوة مركزا للتجمع واللقاءات الاجتماعية للمستوطنين العائدين، ومن بينهم جُدد انتقلوا إلى المستوطنة في الأسابيع الأخيرة، في محاولة للتعرف على المجتمع المحلي والاندماج فيه.
"الصهيونية الدينية"
ووفقا للمجلس المحلي، قدِمت نحو 40 عائلة إلى المطلة مؤخرا، ينتمي كثير منها إلى تيار "الصهيونية الدينية" بما في ذلك قادمون من مستوطنات في الضفة الغربية المحتلة.
تتجمع مجموعة من المستوطنين الجدد لأداء شعائر تلمودية في الساحة المجاورة للكنيس القديم للمستوطنة. ويقول أفي نوعام، الذي انتقل قبل شهر ونصف الشهر مع زوجته وأطفاله السبعة، "نرى كل شيء فارغا هنا. نريد أن تعود الحياة، أن يلعب الأطفال، وأن تمتلئ المدارس والملاعب، جئنا لأننا نرى المشكلة بأعيننا، وهذه مهمة وطنية".
من جانبه، انتقل أرييل كرامرسكي من مستوطنة في الضفة إلى المطلة قبل شهر مع زوجته وأطفاله السبعة. ويقول "في رأيي، أفضل مستوى معيشة في البلاد موجود في السامرة (جبال نابلس) لقربها من المركز وكثافتها السكانية ومناظرها الطبيعية وهوائها النقي، جئنا ببساطة إلى المطلة لنعمر المكان بالصهيونية".
إعلان
وفي ظل ذلك، يساور العديد من أعضاء مجموعة المستوطنين القدامى القلق من أن تغيّر البنية الاجتماعية الطابع العلماني للمستوطنة. وعلى سبيل المثال، نشأ خلاف في مجموعة واتساب خاصة بسكان المطلة بعد أن دعت مقيمة جديدة من طائفة "الصهيونية الدينية" نساء المجتمع المحلي لحضور درس توراة في منزلها، وردا على ذلك طالبت إحدى المقيمات القدامى المجموعة العامة بالامتناع عن نشر أي محتوى ديني.
وأكد رئيس المجلس أزولاي أنه يتلقى العديد من الاستفسارات من المستوطنين "الذين يثمنون مبادرة المستوطنين الجدد من جهة، ويخشون التغيير الديني من جهة أخرى". وقال "من الطبيعي أن تصاحب كل تغييرات مخاوف، أنا شخص محافظ وتوليت إدارة المطلة بصفتها مستوطنة علمانية، وستظل كذلك".
0 تعليق