لماذا يتزايد سرطان البروستاتا المتقدم رغم سهولة علاجه مبكراً؟ - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
زيادة عدد المصابين مدفوعة بارتفاع عدد الحالات التي يتم تشخيصها في مراحل متأخرة، حيث يكون السرطان قد انتشر خارج البروستاتا

تشهد الولايات المتحدة ارتفاعاً مقلقاً في معدلات تشخيص سرطان البروستاتا في مراحله المتقدمة، وذلك بعد سنوات من الانخفاض المستمر. وتكشف هذه الزيادة عن مفارقة خطيرة: ففي حين أن نسبة النجاة من المرض عند اكتشافه مبكراً تتجاوز 99%، فإن التوصيات الطبية التي صدرت قبل عقد من الزمن ربما تكون قد خلقت "فجوة وقائية"، تركت جيلاً كاملاً من الرجال عرضة لخطر التشخيص المتأخر، حيث تنخفض فرصة النجاة بشكل كبير.

مفارقة مقلقة: 99% نسبة نجاة.. والتشخيصات المتأخرة في ازدياد

وفقاً لدراسة حديثة من الجمعية الأمريكية للسرطان، ارتفعت حالات الإصابة بسرطان البروستاتا بنسبة 3% سنوياً بين عامي 2014 و2021. والأخطر من ذلك، أن هذه الزيادة مدفوعة بارتفاع عدد الحالات التي يتم تشخيصها في مراحل متأخرة، حيث يكون السرطان قد انتشر خارج البروستاتا.

ونتيجة لذلك، توقف الانخفاض الذي كان مستمراً في معدلات الوفيات الناجمة عن المرض، على الرغم من التقدم الهائل في خيارات العلاج. وتزداد هذه المأساة عمقاً لدى الرجال السود، الذين هم أكثر عرضة للتشخيص المتأخر بنسبة 67%، وأكثر عرضة للوفاة بالمرض بمرتين إلى ثلاث مرات مقارنة بالفئات الأخرى.

جدل الفحص المبكر: كيف أدت توصيات 2012 إلى "فجوة وقائية"؟

يعود جزء كبير من هذه المشكلة إلى الجدل الذي أحاط بفحص "مستضد البروستات النوعي" (PSA). ففي عام 2012، منحت "فرقة عمل الخدمات الوقائية الأمريكية" (USPSTF) - وهي هيئة مؤثرة جداً - اختبار (PSA) تصنيف (D)، مما يعني فعلياً التوصية بعدم إجرائه بشكل روتيني، بحجة أن أضرار العلاج المفرط (مثل العجز الجنسي وسلس البول) قد تفوق فوائد الكشف المبكر عن أورام بطيئة النمو.

ويقول الدكتور ويليام داهوت، كبير المسؤولين العلميين في الجمعية الأمريكية للسرطان، إن هذه التوصية أدت إلى "أن كثيراً من أطباء الأسرة أصبحوا ينصحون مرضاهم بعدم إجراء الاختبار". ورغم أن الإرشادات تم تحديثها قليلاً في عام 2018، إلا أن ثقافة التردد في إجراء الفحص استمرت، مما أدى إلى ضياع فرصة الكشف المبكر لدى عدد لا يحصى من الرجال.

الحل في التكنولوجيا والتوجيه: خوارزميات ذكية لدعم الأطباء

في مواجهة هذا التحدي، بدأ الخبراء في تطوير حلول مبتكرة لدعم أطباء الرعاية الأولية. ومن أبرز هذه الحلول، خوارزمية ذكية طورها أخصائي الأورام دانيال جورج وزملاؤه في جامعة ديوك.

تقوم الخوارزمية بتحليل السجلات الصحية الإلكترونية للمرضى، وتصنفهم بناءً على عوامل الخطر (العمر، العرق، التاريخ العائلي)، ومن ثم تقدم للطبيب "خارطة طريق" واضحة حول متى يجب إجراء الفحص وكيفية تفسير النتائج. وأدت هذه التقنية إلى زيادة الفحوصات بين الرجال الأكثر عرضة للخطر، وخفضها بين الفئات الأقل خطورة، مما يجعل عملية الكشف أكثر دقة وفعالية.

دعوات لتحديث الإرشادات وكسر حاجز الخوف

ويجمع الخبراء على أن الخطوة الأولى يجب أن تكون تحديث الإرشادات الرسمية لفرقة عمل الخدمات الوقائية الأمريكية، لتعكس التطورات الهائلة التي طرأت على العلاج، من تقنيات جراحية أفضل إلى علاجات جديدة أكثر فعالية وأقل ضرراً.

كما يؤكدون على ضرورة قيام الأطباء بدور أكبر في تصحيح المفاهيم الخاطئة لدى المرضى. فغالبية فحوصات (PSA) تكون نتائجها سلبية، وليس كل ارتفاع في المؤشر يعني ضرورة العلاج الفوري. فاليوم، أصبحت "المراقبة النشطة" خياراً آمناً للعديد من الحالات، وخيارات العلاج لمن يحتاجونه أفضل بكثير مما كانت عليه قبل عقدين.

0 تعليق